"كورونا" يواصل الانتشار... والصين تغلق مدناً

26 يناير 2020
قدرة فيروس كورونا على الانتقال تزداد قوة (Getty)
+ الخط -
زادت وتيرة انتشار فيروس كورونا الجديد، إذ بلغ عدد القتلى 56 حتى الآن، وأعلنت السلطات الصينية إصابة 1975 شخصاً بالفيروس، بحلول 25 يناير/ كانون الثاني، في الوقت الذي أعلنت فيه القنصلية الأميركية في مدينة ووهان وسط البلاد، مركز تفشي الفيروس، اليوم الأحد، أنها ستجلي موظفيها وبعض المواطنين على متن طائرة مستأجرة.

ووصف الرئيس الصيني شي جين بينغ الوباء بالخطير، وصعّدت الحكومة من جهودها لتقييد السفر والتجمعات، بينما هرعت أطقم طبية وإمدادات إلى ووهان، التي لا تزال مغلقة. الأرقام التي أعلنت، صباح اليوم الأحد، تضيف 15 ضحية جديدة وترفع عدد المصابين بنحو 688 آخرين، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.


وقال وزير لجنة الصحة الوطنية في الصين، ما شياوي، اليوم الأحد، إن قدرة فيروس كورونا على الانتقال تزداد قوة، وإن عدد حالات الإصابة بالعدوى قد يواصل الارتفاع. وأضاف ما، متحدثاً في إفادة صحافية، أن معرفة السلطات بالفيروس الجديد، الذي أدى إلى وفاة 56 شخصاً حتى الآن، محدودة، كما أن المخاطر الناجمة عن تحولاته غير معلومة بالنسبة لها.

وقال رئيس بلدية ووهان الصينية، بؤرة تفشي الفيروس، اليوم الأحد، إنه يتوقع ظهور ألف حالة إصابة جديدة بالمرض. وأبلغ زو زيانوانغ الصحافيين بأن المدينة ستكثف جهودها لبناء مستشفيات متخصصة للتعامل مع المرضى المصابين بالفيروس، مشيرا إلى أن الضغط على المستلزمات الطبية مثل السترات الواقية والأقنعة والنظارات قد خف إلى حد كبير.

وكانت الحكومة قد أبلغت عن خمس حالات في هونغ كونغ، واثنتين في ماكاو، وثلاث في تايوان. واكتشف عدد قليل من الحالات في تايلاند واليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة وفيتنام وسنغافورة وماليزيا ونيبال وفرنسا وأستراليا.

من جهتها، أعلنت السفارة الأميركية في بكين أنها ستنقل عددا محدودا من المواطنين الأميركيين على متن رحلة، يوم الثلاثاء المقبل، من ووهان إلى سان فرانسيسكو مباشرة. وقالت "في حالة عدم وجود مقاعد كافية، سيتم إعطاء الأولوية للأفراد المعرّضين لخطر أكبر من الإصابة بفيروس كورونا".

وأكدت السلطات الصحية في كاليفورنيا، الأحد، وجود إصابة ثالثة بفيروس كورونا المستجدّ في الولايات المتحدة، في مقاطعة أورنج في ولاية كاليفورنيا، لرجل سافر إلى مدينة ووهان الصينية مركز الوباء، وفق ما ذكرت السلطات الصحية.

وأوضحت هيئة الرعاية الصحية في مقاطعة أورنج أن الشخص المصاب هو مسافر قادم من ووهان في وسط الصين، وهي مصدر وباء الالتهاب الرئوي الفيروسي. وأكدت مراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها أن التحاليل الطبية للمريض أثبتت أنه مصاب بفيروس كورونا المستجدّ. وقد وُضع في غرفة معزولة في مستشفى محلي وحالته غير خطيرة.


وقالت هيئة الرعاية الصحية: "ليس هناك دليل على أن عدوى من شخص إلى آخر حصلت في مقاطعة أورنج. خطر الانتقال المحلي لا يزال حتى الآن ضئيلاً". ولم تُعطَ أي تفاصيل حول كيفية وصول الشخص إلى الولايات المتحدة ولا حول هويته.

والمصابان الآخران في الولايات المتحدة هما امرأة في الستينيات من العمر عادت من ووهان في 13 يناير/ كانون الثاني وتقطن في شيكاغو، ورجل ثلاثيني من ولاية واشنطن زار أيضاً المدينة الصينية مؤخراً.

وأعلنت الولايات المتحدة، الأحد، أنها ستنظّم عملية إجلاء موظفيها الدبلوماسيين ورعاياها العالقين في ووهان، جراء العزل الذي تخضع له المدينة. وسجلت إصابات بالفيروس في أوروبا وأستراليا، رغم تعزيز الإجراءات لمحاولة منع تفشّي المرض.

وقالت كندا إنها اكتشفت أول حالة لديها، وهي لرجل يبلغ من العمر خمسين عاما سافر من ووهان إلى قوانغتشو في الصين ثم إلى تورونتو. وقالت الحكومة الكندية في بيان إن "هذا الشخص في حالة مستقرة ويعالج في المستشفى". وكان هذا الشخص قد وصل إلى تورونتو في 22 يناير/ كانون الثاني الجاري ونقل إلى المستشفى في اليوم التالي بعد إصابته بأعراض مرض تنفسي.

وقال مسؤولو الصحة في أونتاريو إنه استقل سيارة خاصة بعد وصوله إلى مطار تورونتو. وقال مسؤولو الصحة في أونتاريو إن أفراد أسرته وُضعوا رهن عزل ذاتي، على الرغم من امتناع الحكومة عن تحديد عدد أفراد الأسرة.

وأعلنت سنغافورة عن الحالة الرابعة، اليوم الأحد، وهي لرجل يبلغ من العمر 36 عاما من مدينة ووهان. قالت وزارة الصحة هناك إن أعراض الفيروس لم تظهر عليه طوال رحلته، إذ أصيب بسعال في اليوم التالي، وسعى للعلاج في 24 يناير/كانون الثاني، وعزلته السلطات الصحية على الفور. وأكدت كوريا الجنوبية الحالة الثالثة لديها، وفقا لوكالة أنباء (يونهاب) الرسمية.

من جهتها، تعقد الحكومة الفرنسية اجتماعا اليوم الأحد لاتخاذ قرار بشأن إعادة حوالي 800 مواطن فرنسي يعيشون في مدينة ووهان الصينية، مركز انتشار الفيروس القاتل. وقالت وزيرة الصحة الفرنسية أغنيس بوزين، في مقابلة مع قناة إل سي إي، إن المسؤولين سيتخذون "قرارات بشأن طرق إعادة الفرنسيين وكيفية القيام بذلك" في اجتماع يعقد في وقت لاحق اليوم الأحد دعا إليه رئيس الوزراء إدوار فيليب. وستنضم فرنسا إلى بلدان أخرى تخطط لإجلاء سكانها من ووهان، التي أغلقتها السلطات الصينية في محاولة لوقف انتشار الفيروس.

وقال مسؤولون إن المستشفيات الفرنسية تعالج ثلاث حالات إصابة مؤكدة بالفيروس جميعها لمواطنين صينيين عادوا مؤخراً من ووهان، وأن من المرجح اكتشاف المزيد من حالات الإصابة. هذا، وقد بدأت الفرق الطبية الفرنسية اليوم الأحد فحص المسافرين القادمين على متن رحلات من الصين إلى مطار شارل ديغول بباريس ومطارات أخرى، في محاولة لاكتشاف الحالات المحتملة في وقت مبكر.

وقالت وزيرة الصحة إن فرنسا قررت عدم قياس درجات حرارة المسافرين القادمين لأنها "توفر شعوراً زائفاً بالأمان". وقالت إن الحالات الثلاث المؤكدة في فرنسا وصلت دون أعراض الحمى. وأشارت أيضاً إلى أن قرار إلغاء الاحتفال بالعام الصيني الجديد في باريس، والذي يشارك فيه عدد كبير من السكان الصينيين لا يستند إلى قرار طبي.

وقالت عمدة باريس آن هيدالغو إن المقيمين الصينيين بالمدينة لم يرغبوا في حضور الاحتفال، نتيجة لانتشار الفيروس. كذلك أعلنت الجالية الصينية في روما عدم إقامة أي احتفالات عامة في العام القمري الجديد يوم 2 فبراير/ شباط للسبب ذاته.


وأعلنت السلطات الصينية، الأحد، أن واحدة من مقاطعاتها وثلاث مدن في البلاد ستمنع الرحلات الطويلة للحافلات، في محاولة لاحتواء انتشار الفيروس المسبب للالتهاب الرئوي الحاد.

كذلك أعلنت الصين، اليوم، حظراً مؤقتاً لتجارة الحيوانات البرية، في إطار الإجراءات التي اتخذت لوقف انتشار الفيروس الذي كان مصدره على ما يبدو سوقاً تباع فيه هذه الأنواع من الحيوانات. وأكدت ثلاث هيئات رفيعة المستوى، بينها وزارة الزراعة الصينية، في مذكرة مشتركة، أن تربية أو نقل أو بيع كل أنواع الحيوانات البرية محظور "من هذا التاريخ حتى الإعلان عن انتهاء الوضع الوبائي الوطني".

وقالت قناة التلفزيون الحكومية (سي سي تي في) إن مقاطعة شاندونغ (شرق) ستعلق دخول حافلات الرحلات الطويلة إلى أراضيها، بعدما أعلنت ثلاث مدن هي تيانجين وبكين وتشيان، إجراءات من هذا النوع. وأضاف التلفزيون أن الحافلات التي تعمل داخل المقاطعة لن يسمح لها بالتحرك ما لم تتخذ إجراءات لقياس حرارة المسافرين.


وكان مسؤول في مدينة تشيان قد كتب على منصة "ويبو" للرسائل القصيرة أن المدينة التي يبلغ عدد سكانها عشرة ملايين نسمة ستعلق الرحلات الطويلة للحافلات، اعتبارا من الساعة 18.00 (10.00 ت. غ) الأحد، وكذلك دخول حافلات السياح إليها. وأضاف أن تنقلات سيارات الأجرة داخل المدينة ستمنع أيضا، باستثناء تلك القادمة من مطار المدينة. وفرضت مدن ومناطق عدة في الصين قيودا على التنقلات، لمنع انتشار الالتهاب الرئوي الفيروسي الحاد.

من جهة أخرى، تراجعت شانتو التي كانت قد أعلنت إغلاقها جزئيا، الأحد، عن هذه الإجراءات التي كانت الأولى لمدينة صينية تقع خارج دائرة انتشار المرض. وفي بيان، قالت سلطات المدينة التي تضم 5.6 ملايين نسمة وتبعد 1100 كلم عن ووهان، إن وسائل النقل العام فيها ستعلق لفترة قصيرة لتطهيرها، لكنها لن تمنع دخول الأشخاص والآليات من الخارج، بدون أن توضح سبب هذا التراجع.

وظهر الفيروس في البداية في مدينة ووهان بإقليم هوبي في وسط الصين، أواخر العام الماضي، وانتقل إلى مدن صينية أخرى، من بينها بكين وشنغهاي، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وتايلاند وكوريا الجنوبية واليابان وأستراليا وفرنسا وكندا.

وأكدت أستراليا أول أربع حالات إصابة بالمرض في مدينتين مختلفتين، يوم السبت. وأكدت ماليزيا إصابة أربعة بالفيروس. وأعلنت فرنسا عن أول حالات الإصابة في أوروبا، يوم الجمعة، في الوقت الذي سارعت فيه السلطات الصحية في شتى أنحاء العالم لمنع حدوث وباء.

وقالت بريطانيا، يوم السبت، إنها أصدرت تحذيرا من كل أشكال السفر إلى إقليم هوبي الصيني، بسبب تفشي فيروس كورونا. وطلبت وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث البريطانية في تحذيرها الجديد الخاص بالسفر، من البريطانيين، مغادرة إقليم هوبي. وقالت الحكومة البريطانية على موقعها الإلكتروني "وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث تحذّر من كل أشكال السفر إلى إقليم هوبي. إذا كنت موجودا في هذه المنطقة ويمكنك المغادرة فعليك أن تفعل ذلك. ويرجع هذا لاستمرار تفشي فيروس كورونا الجديد".

ووسط تفشّي المرض في ووهان التي يقطنها 11 مليون نسمة، حظرت السلطات استقلال السيارات، بما في ذلك الخاصة، في مناطق وسط المدينة، بداية من الأحد. وستخصص المدينة 6000 سيارة أجرة للأحياء، من أجل مساعدة السكان على التنقل إذا احتاجوا لذلك. كما تخطط ووهان لبناء مستشفى مؤقت ثانٍ يضم نحو ألف سرير لمعالجة العدد المتزايد من المرضى.

وقالت المدينة إنه من المتوقع الانتهاء من المستشفى في 3 فبراير/ شباط المقبل. وكان أطباء وممرضون في ووهان من بين المصابين. وذكرت وسائل إعلام محلية أن طبيبا توفي بسبب الفيروس، صباح السبت. وعمل الطبيب (62 عاما) في مستشفى هوبي شينخوا بالمدينة، ونُقل إلى المستشفى مصابا في 18 يناير/ كانون الثاني، وتوفي بعد أسبوع.

وقالت وكالة أنباء (شينخوا) إن إمدادات طبية نُقلت إلى المدينة، بما في ذلك 14 ألف بزة واقية، و110 آلاف قفاز وأقنعة ونظارات واقية. ذكرت لجنة الصحة الوطنية أنها ستجلب فرقا طبية للمساعدة في معالجة تفشي الفيروس، وذلك بعد يوم من نشر تسجيل مصور على الإنترنت لحشود من المواطنين المصابين بالحمى يصطفون للخضوع لفحوصات. وشكوا بأنه تم تحويلهم إلى مستشفيات مكتظة للغاية.

وأرسل الجيش الصيني 450 موظفا طبيا، بعضهم من ذوي الخبرة في تفشي الأمراض، بما في ذلك سارس وإيبولا، والذين وصلوا إلى ووهان في وقت متأخر من مساء الجمعة، للمساعدة في علاج العديد من المرضى المصابين بالالتهاب الرئوي الفيروسي، حسبما ذكرت وكالة شينخوا.


ويأتي الفيروس الجديد من عائلة كبيرة تُعرف باسم الفيروسات التاجية "كورونا"، وأي شخص مصاب بفيروس كورونا ينقل هذا المرض إلى ما بين شخصين وثلاثة أشخاص في المتوسط بمعدل العدوى الحالي، وذلك طبقا لما ذكره تحليلان علميان منفصلان لهذا الفيروس. وقال العلماء الذين أجروا هذه الدراسات إن استمرار تفشي المرض بهذه الوتيرة يعتمد على كفاءة إجراءات الحد منه. ولكن يجب أن توقف إجراءات السيطرة على المرض انتقال العدوى في ما لا يقل عن 60 في المائة من الحالات، حتى يمكن احتواء الوباء ووقف انتقال العدوى.

وقال نيل فيرجسون، اختصاصي الأمراض المعدية في إمبريال كوليدج بلندن الذي شارك في رئاسة إحدى الدراسات "ليس من الواضح في الوقت الحالي ما إذا كان يمكن احتواء هذا التفشي داخل الصين".

وقال العلماء "إذا استمر انتشار الوباء بلا توقف في ووهان، نتوقع أن يصبح أكبر بكثير بحلول الرابع من فبراير/ شباط المقبل". وقالت راينا ماكنتاير، رئيسة برنامج أبحاث الأمن البيولوجي في معهد كيربي بجامعة نيو ساوث ويلز في أستراليا، يوم السبت، إن اتساع نطاق العدوى في الأيام الأخيرة أمر يثير قلقاً كبيراً. وقالت "كلما امتدت الإصابة إلى مناطق أخرى من الصين، زاد خطر انتشارها عالمياً".

وقالت ماكنتاير: "ما نحتاجه هو نشر قدر أكبر من البيانات بشأن عوامل الخطر والعدوى وفترة الحضانة وعلم الأوبئة، حتى نستطيع معرفة أكثر الإجراءات ملاءمة للحد من المرض".


(رويترز، فرانس برس، أسوشييتد برس)