اتسعت رقعة تهريب ذهب السودان، أحد أهم مصادر الإيرادات المالية للبلاد، طيلة الأعوام الـ30 الماضية في عهد النظام السابق، واستمر نهب المعدن الأصفر خلال الفترة التي أعقبت الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير وسط حراك شعبي متواصل يطالب بحماية ثروات البلاد ومحاسبة المتورطين في قضايا فساد وإهدار المال العام والتي ساهمت في تفاقم الأزمات المعيشية ووقوف الناس في طوابير طويلة للحصول على الخبز والغذاء والوقود.
وحسب مسؤولين وخبراء بالقطاع لـ"العربي الجديد"، تتعدّد أساليب التهريب عبر الحدود بدءاً من الطرق السرية مثل وضع الذهب في أرحام الإبل وأمعاء المهربين وعبر وسائل النقل الأخرى البعيدة عن الرقابة، أو بطرق علنية وفي وضح النهار عبر مطار الخرطوم الدولي بالاستعانة بالصالات الرسمية للتهريب إلى دبي.
ووفقاً لمراقبين، يتم التهريب أيضاً عن طريق الحدود الغربية إلى تشاد أوعبر الحدود الشمالية البرية مع مصر.
تواطؤ حكومي
وحسب مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، فإن ما يسهل مختلف وسائل التهريب التواطؤ الحكومي مع المهربين وضعف الرقابة. وأكدت المصادر، التي رفضت ذكر اسمائها، أن "الإجراءات المتبعة من قبل بنك السودان المركزي تأتى لمصلحة أشخاص وشركات نافذة تساعد كثيرا على التهرب من قبضة الرقابة، بل ويتم تقنين عمليات التهريب أحياناً لتبعدها عن عيون الجهات المختصة والمحاسبة".
اقــرأ أيضاً
وقال مدير هيئة الجمارك السودانية السابق الفريق صلاح الشيخ لـ"العربي الجديد" إن أكبر منفذ للفساد وتهريب الذهب في عهد النظام السابق كان يتم عبر صالة كبار الزوار بمطار الخرطوم (vip).
وأضاف أن تخصيص هذه الصالة كان أكبر خطأ تقع فيه السلطات لأن زوارها من القيادات الحكومية الرفيعة والتنفيذيين والسياسيين يسافرون عبرها ولا يخضعون للتفتيش إطلاقا.
واعترف مدير هيئة الجمارك السودانية الحالي اللواء بشير الطاهر بسهولة عملية تهريب الذهب وغيره عبر مطار الخرطوم لقدمه وعدم مواكبته للتطور. وقال: المطار بشكله الحالي يسهم بشكل كبير في تهريب الذهب وقد تم بالفعل ضبط كميات كبيرة من الذهب المهرب وكشف عن تورط نظاميين في عمليات تهريبه عبر المطار.
أرحام الإبل
ولجأ مهربو الذهب فى السودان في الآونة الأخيرة إلى أرحام النوق لتهريب الذهب الذي استخرجوه إلى تجار مصريين بواسطة القبائل الحدودية عبر الصحراء (الرشايدة والبشاريين والتي تنشط في تجارة الإبل مع مصر)، وذلك حسب تقرير نشرته رويترز.
وقدر تقرير سابق لوزارة المعادن السودانية الفرق بين المنتج من الذهب في السودان وبين المصدر إلى الخارج بقيمة تتراوح بين 3 مليارات و4 مليارات دولار سنوياً، ويمثل تصدير الذهب نسبة 37% من إجمالي صادرات البلاد خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة حسب تقرير وزارة المعادن السودانية.
ووفقاً لرئيس شعبة مصدري الذهب بالغرفة التجارية السودانية، عبد المنعم صديق، فإن ما نسبته 70% من إنتاج الذهب في السودان يهرب إلى مصر عبر الطريق البري.
اقــرأ أيضاً
ويروي أحد تجار الذهب وهو شاهد عيان، تفاصيل عملية وضع وإخراج ما بين 3 و5 كيلوغرامات من الذهب داخل رحم ناقة ولفها بقطعة من القماش تسمى (بالدبوكة) بواسطة رعاة الإبل الذين يستخدمهم مهربو الذهب ويتمتعون بمهارات عالية في طرق التهريب.
مليون مستكشف
ويقول سعد الدين شرف، معدني في منطقة البطانة شرق السودان: "هذه المنطقة فيها مناجم ذهب بعيار عال جداً يصل إلى (999) قيراطاَ، إلا أن مندوبي البنك المركزي الموجودين بالنافذة يحسبون سعر الكيلو فيه كما سعر العيار الأقل، لذا ألجأ إلى بيعه لمن يقيّم عياره. ويعرض تجار الذهب مبلغ 40 ألف دولار لكيلو الذهب ذي العيار العالي، ويكون الدفع حسب رغبة البائع بالعملة الصعبة أو العملة المحلية.
وسعد واحد من أكثر من مليون سوداني وفقا لأحدث تقارير وزارة المعادن، يعملون في الاستكشاف والتنقيب عن الذهب ويعقدون الصفقات لبيعه بسوق الذهب وسط العاصمة الخرطوم ولكن بعيداً عن أعين السلطات الأمنية المنتشرة بكثافة في هذا السوق.
وعلى الرغم من أن نظام البشير لم يهتم بإجراء مسح للثروات المعدنية في البلاد، إلا أن تقارير رسمية، تشير إلى أن السودان لم يستهلك بعد سوى 1% من احتياطاته من الذهب والمعادن الأخرى، والتي تقدر وفقاً لوزير التعدين الأسبق، هاشم علي سالم، بنحو 500 طن من الذهب كاحتياطي مؤكد بالإضافة إلى آلاف الأطنان كاحتياطي غير مؤكد، و1.5 مليار طن من الحديد، وللسودان مخزون لنحو 40 معدناً آخر، علاوة على الأحجار الكريمة والنادرة.
حلي النساء
ولم تتوقف حيل تهريب الذهب على الجمال، وغش بنك السودان ولكنه امتد لاستخدام حلي النساء بصورة أساسية، من خلال ارتداء الذهب كحلى وأساور خاصة، وتأجير فتيات للقيام بذلك عبر رحلات منتظمة إلى دبي، واسترداد الذهب بعد انقضاء مهمة التهريب.
اقــرأ أيضاً
ويقول الخبير الاقتصادي إبراهيم حامد لـ"العربي الجديد" إن أغلب الذهب يهرب عبر الحدود ومطار الخرطوم، ومن الطرق الشائعة لبس النساء الذهب وهن في طريقهن إلى دبي وأحيانا تخفي النساءُ الذهب بين طيات الملابس في شكل سبائك وكل ذلك حدث فى ظل النظام السابق.
وأضاف أن الذي يساعد النساء على تهريب الذهب هو المطار نفسه الذي لم يتم تحديثه وطريقة التفتيش والمراقبة فيه بدائية.
وقال إن جهات مختصة قدّرت ما تم تهريبه عبر النساء بحوالي مليار دولار، مشيراً إلى طريقة أخرى في التهريب وهي السفر عبر طيران "تراكو" برحلة تقلع مباشرة إلى دبي.
وذكر حامد أن نصف الذهب المنتج في السودان يأتي من ولايات دارفور "غربي البلاد" بعائد يقدر بنحو 422 مليون دولار سنويا.
وأضاف: هناك أكثر من ستة عشر شخصية سياسية وكيانا فى عهد النظام السابق ساعدوا على تهريب كميات كبيرة من الذهب إلى كل من دبي وروسيا والهند مصر، موضحاً أن التهريب لم يقتصر على السودانيين فقط بل قامت شركة صينية بتهريب كل الكميات التي استخرجتها من جبل "سراريت" في شرق السودان، وتركت خلفها معدات في غاية الأهمية وغالية الثمن.
تواصل التهريب
واستمرت محاولات عمليات تهريب الذهب في عهد المجلس العسكري بعد الإطاحة بالبشير، وأعلنت قوات الدعم السريع التابعة للقوات المسلحة السودانية، مؤخرا، ضبط طائرة تابعة لشركة "مناجم" المغربية والتي تنقب عن المعادن في السودان على مساحة 24 ألف كيلو متر بولاية نهر النيل خلال محاولتها تهريب 241 كلغ من ذهب من الولاية.
وادعت الجهات المسؤولة بالشركة حصولها على إذن وتصديق رسمي من بنك السودان بـ93 كلغ وفي اتجاهها للحصول على تصديق بمتبقي الكمية قبل التحفظ على الطائرة وتوجيهها للخرطوم قبيل مغادرتها للبلاد.
وحذرت شعبة مصدري وتجار الذهب في السودان من وجود جهات تشتري كميات كبيرة من الذهب مستغلة بذلك الأجواء التي تمر بها البلاد.
اقــرأ أيضاً
وقالت الشعبة في بيان سابق حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، إن هذه الجهات التي تعمل على شراء الذهب وتهريبه إلى خارج البلاد، تفعل ذلك عبر الأموال التي تمت سرقتها من الشعب، داعية إلى التدخل السريع لإيقاف هذا العمل بكل الطرق والوسائل تجنبا لضياع ثروة الذهب.
سيطرة القطاع التقليدي
ومن الأمور التي تسهل عملية التهريب، أن معظم إنتاج الذهب يهرب عبر القطاع التقليدي غير المنظم من أفراد وشركات، ما يعطي فرصاً أكبر لعمليات التهريب عبر طرق مختلفة، حسب مراقبين لـ"العربي الجديد".
وفي هذا السياق، قال العضو السابق للمجلس الاستشاري لوزارة المعادن محمد الناير لـ"العربي الجديد" إن إنتاج المعدنيين التقليدين (أفراد وشركات صغيرة) 85% من إجمالي إنتاج الذهب في السودان بينما يحوز إنتاج القطاع المنظم على نسبة 15% من إنتاج الذهب الذي تسهل متابعته ومراقبته.
وأشار الناير إلى أن إنتاج السودان من الذهب يصل حاليا في المتوسط إلى 100 طن، وقد كان في 2017، نحو 107 أطنان وفي 2018 نحو 93.6 طنا، حسب بيانات رسمية، مضيفا أن "المسؤولين في القطاع ذهبوا إلى أن إنتاج السودان الفعلي من الذهب يتراوح ما بين 200 ـ 250 طنا في العام وهذه معلومة تبدو حقيقية لأن 70% من الذهب المنتج والمعلن عنه رسميا إما يتم تهريبه للخارج أو يخزن بالداخل بعيدا عن الرقابة، وفي كل الأحوال فإن ذلك فيه إضرار بالاقتصاد السوداني".
وتابع: السودان رغم أنه مترامي الأطراف إلا أن المؤسف أن تهريب الذهب لا يتم عبر الحدود الشاسعة فقط وإنما عبر مطار الخرطوم، وباللجوء لاستغلال النفوذ والامتيازات التي تمنح للبعض في صالة كبارالزوار.
وقف النزيف
وفي محاولة لوقف نزيف الذهب والخسائر الفادحة بفقدان إيرادات مالية هائلة، اقترح متخصصون ابتكار أدوات تساعد على الحد من عمليات التهريب وتبني خطة متكاملة من أجل الاستفادة من هذه الثروات الهائلة.
اقــرأ أيضاً
ويرى الناير أن الحل الأمثل لمكافحة التهريب هو إنشاء بورصة للذهب حيث أعدت دراسة كاملة لإنشاء البورصة، لكنها لا تزال تنتظر المصادقة عليها من مجلس الوزراء.
وقال إن البورصة ستتعامل بالسعر العالمي، الأمر الذي سيحفز المنتجين على بيع الذهب للحكومة وتفادي مخاطر التهريب لأنها توفر الأسعار المجزية التي تحقق مصلحة المنتجين والحكومة.
وقال المدير السابق لشركة الموارد المعدنية، الذراع الفنية لوزارة المعادن السودانية، مجاهد بلال، لـ"العربي الجديد" إن تخزين الذهب وتهريبه مرا بمرحلة انتعاش كبيرة بين 2017 و2018، بسبب سياسات الحكومة السابقة تجاه التعدين التقليدي للذهب وعدم تحديد بنك السودان المركزي أسعارا مجزية للشراء.
وأضاف: تطورت مشكلة التخزين والتهريب من سياسات وأسعار غير محفزة للشراء إلى مشكلة شح في السيولة حدّ من شراء المركزي للذهب من المعدنين، فصار المعدن يباع للصاغة ويتم توزيعه بلا عوائد على المركزي.
ودعا بلال لإعادة صوغ سياسات قطاع التعدين عن الذهب وتقنين التعدين التقليدي والذي يتراوح عائده لبنك السودان ما بين (20 ـ 40)% ليذهب المتبقي لصالح التخزين والتهريب، مشيرا إلى ارتفاع حجم الذهب المخزن عبر الصاغة وكبار المنتجين. ودعا إلى إطلاق مبادرات لإقناع هؤلاء المخزنين بتسليم الذهب لبنك السودان نظير مبالغ مجزية لفائدة البلاد والاقتصاد.
وحسب مسؤولين وخبراء بالقطاع لـ"العربي الجديد"، تتعدّد أساليب التهريب عبر الحدود بدءاً من الطرق السرية مثل وضع الذهب في أرحام الإبل وأمعاء المهربين وعبر وسائل النقل الأخرى البعيدة عن الرقابة، أو بطرق علنية وفي وضح النهار عبر مطار الخرطوم الدولي بالاستعانة بالصالات الرسمية للتهريب إلى دبي.
ووفقاً لمراقبين، يتم التهريب أيضاً عن طريق الحدود الغربية إلى تشاد أوعبر الحدود الشمالية البرية مع مصر.
تواطؤ حكومي
وحسب مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، فإن ما يسهل مختلف وسائل التهريب التواطؤ الحكومي مع المهربين وضعف الرقابة. وأكدت المصادر، التي رفضت ذكر اسمائها، أن "الإجراءات المتبعة من قبل بنك السودان المركزي تأتى لمصلحة أشخاص وشركات نافذة تساعد كثيرا على التهرب من قبضة الرقابة، بل ويتم تقنين عمليات التهريب أحياناً لتبعدها عن عيون الجهات المختصة والمحاسبة".
وقال مدير هيئة الجمارك السودانية السابق الفريق صلاح الشيخ لـ"العربي الجديد" إن أكبر منفذ للفساد وتهريب الذهب في عهد النظام السابق كان يتم عبر صالة كبار الزوار بمطار الخرطوم (vip).
واعترف مدير هيئة الجمارك السودانية الحالي اللواء بشير الطاهر بسهولة عملية تهريب الذهب وغيره عبر مطار الخرطوم لقدمه وعدم مواكبته للتطور. وقال: المطار بشكله الحالي يسهم بشكل كبير في تهريب الذهب وقد تم بالفعل ضبط كميات كبيرة من الذهب المهرب وكشف عن تورط نظاميين في عمليات تهريبه عبر المطار.
أرحام الإبل
ولجأ مهربو الذهب فى السودان في الآونة الأخيرة إلى أرحام النوق لتهريب الذهب الذي استخرجوه إلى تجار مصريين بواسطة القبائل الحدودية عبر الصحراء (الرشايدة والبشاريين والتي تنشط في تجارة الإبل مع مصر)، وذلك حسب تقرير نشرته رويترز.
وقدر تقرير سابق لوزارة المعادن السودانية الفرق بين المنتج من الذهب في السودان وبين المصدر إلى الخارج بقيمة تتراوح بين 3 مليارات و4 مليارات دولار سنوياً، ويمثل تصدير الذهب نسبة 37% من إجمالي صادرات البلاد خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة حسب تقرير وزارة المعادن السودانية.
ووفقاً لرئيس شعبة مصدري الذهب بالغرفة التجارية السودانية، عبد المنعم صديق، فإن ما نسبته 70% من إنتاج الذهب في السودان يهرب إلى مصر عبر الطريق البري.
ويروي أحد تجار الذهب وهو شاهد عيان، تفاصيل عملية وضع وإخراج ما بين 3 و5 كيلوغرامات من الذهب داخل رحم ناقة ولفها بقطعة من القماش تسمى (بالدبوكة) بواسطة رعاة الإبل الذين يستخدمهم مهربو الذهب ويتمتعون بمهارات عالية في طرق التهريب.
ويقول سعد الدين شرف، معدني في منطقة البطانة شرق السودان: "هذه المنطقة فيها مناجم ذهب بعيار عال جداً يصل إلى (999) قيراطاَ، إلا أن مندوبي البنك المركزي الموجودين بالنافذة يحسبون سعر الكيلو فيه كما سعر العيار الأقل، لذا ألجأ إلى بيعه لمن يقيّم عياره. ويعرض تجار الذهب مبلغ 40 ألف دولار لكيلو الذهب ذي العيار العالي، ويكون الدفع حسب رغبة البائع بالعملة الصعبة أو العملة المحلية.
وسعد واحد من أكثر من مليون سوداني وفقا لأحدث تقارير وزارة المعادن، يعملون في الاستكشاف والتنقيب عن الذهب ويعقدون الصفقات لبيعه بسوق الذهب وسط العاصمة الخرطوم ولكن بعيداً عن أعين السلطات الأمنية المنتشرة بكثافة في هذا السوق.
وعلى الرغم من أن نظام البشير لم يهتم بإجراء مسح للثروات المعدنية في البلاد، إلا أن تقارير رسمية، تشير إلى أن السودان لم يستهلك بعد سوى 1% من احتياطاته من الذهب والمعادن الأخرى، والتي تقدر وفقاً لوزير التعدين الأسبق، هاشم علي سالم، بنحو 500 طن من الذهب كاحتياطي مؤكد بالإضافة إلى آلاف الأطنان كاحتياطي غير مؤكد، و1.5 مليار طن من الحديد، وللسودان مخزون لنحو 40 معدناً آخر، علاوة على الأحجار الكريمة والنادرة.
حلي النساء
ولم تتوقف حيل تهريب الذهب على الجمال، وغش بنك السودان ولكنه امتد لاستخدام حلي النساء بصورة أساسية، من خلال ارتداء الذهب كحلى وأساور خاصة، وتأجير فتيات للقيام بذلك عبر رحلات منتظمة إلى دبي، واسترداد الذهب بعد انقضاء مهمة التهريب.
ويقول الخبير الاقتصادي إبراهيم حامد لـ"العربي الجديد" إن أغلب الذهب يهرب عبر الحدود ومطار الخرطوم، ومن الطرق الشائعة لبس النساء الذهب وهن في طريقهن إلى دبي وأحيانا تخفي النساءُ الذهب بين طيات الملابس في شكل سبائك وكل ذلك حدث فى ظل النظام السابق.
وقال إن جهات مختصة قدّرت ما تم تهريبه عبر النساء بحوالي مليار دولار، مشيراً إلى طريقة أخرى في التهريب وهي السفر عبر طيران "تراكو" برحلة تقلع مباشرة إلى دبي.
وذكر حامد أن نصف الذهب المنتج في السودان يأتي من ولايات دارفور "غربي البلاد" بعائد يقدر بنحو 422 مليون دولار سنويا.
وأضاف: هناك أكثر من ستة عشر شخصية سياسية وكيانا فى عهد النظام السابق ساعدوا على تهريب كميات كبيرة من الذهب إلى كل من دبي وروسيا والهند مصر، موضحاً أن التهريب لم يقتصر على السودانيين فقط بل قامت شركة صينية بتهريب كل الكميات التي استخرجتها من جبل "سراريت" في شرق السودان، وتركت خلفها معدات في غاية الأهمية وغالية الثمن.
تواصل التهريب
واستمرت محاولات عمليات تهريب الذهب في عهد المجلس العسكري بعد الإطاحة بالبشير، وأعلنت قوات الدعم السريع التابعة للقوات المسلحة السودانية، مؤخرا، ضبط طائرة تابعة لشركة "مناجم" المغربية والتي تنقب عن المعادن في السودان على مساحة 24 ألف كيلو متر بولاية نهر النيل خلال محاولتها تهريب 241 كلغ من ذهب من الولاية.
وادعت الجهات المسؤولة بالشركة حصولها على إذن وتصديق رسمي من بنك السودان بـ93 كلغ وفي اتجاهها للحصول على تصديق بمتبقي الكمية قبل التحفظ على الطائرة وتوجيهها للخرطوم قبيل مغادرتها للبلاد.
وحذرت شعبة مصدري وتجار الذهب في السودان من وجود جهات تشتري كميات كبيرة من الذهب مستغلة بذلك الأجواء التي تمر بها البلاد.
سيطرة القطاع التقليدي
ومن الأمور التي تسهل عملية التهريب، أن معظم إنتاج الذهب يهرب عبر القطاع التقليدي غير المنظم من أفراد وشركات، ما يعطي فرصاً أكبر لعمليات التهريب عبر طرق مختلفة، حسب مراقبين لـ"العربي الجديد".
وفي هذا السياق، قال العضو السابق للمجلس الاستشاري لوزارة المعادن محمد الناير لـ"العربي الجديد" إن إنتاج المعدنيين التقليدين (أفراد وشركات صغيرة) 85% من إجمالي إنتاج الذهب في السودان بينما يحوز إنتاج القطاع المنظم على نسبة 15% من إنتاج الذهب الذي تسهل متابعته ومراقبته.
وأشار الناير إلى أن إنتاج السودان من الذهب يصل حاليا في المتوسط إلى 100 طن، وقد كان في 2017، نحو 107 أطنان وفي 2018 نحو 93.6 طنا، حسب بيانات رسمية، مضيفا أن "المسؤولين في القطاع ذهبوا إلى أن إنتاج السودان الفعلي من الذهب يتراوح ما بين 200 ـ 250 طنا في العام وهذه معلومة تبدو حقيقية لأن 70% من الذهب المنتج والمعلن عنه رسميا إما يتم تهريبه للخارج أو يخزن بالداخل بعيدا عن الرقابة، وفي كل الأحوال فإن ذلك فيه إضرار بالاقتصاد السوداني".
وتابع: السودان رغم أنه مترامي الأطراف إلا أن المؤسف أن تهريب الذهب لا يتم عبر الحدود الشاسعة فقط وإنما عبر مطار الخرطوم، وباللجوء لاستغلال النفوذ والامتيازات التي تمنح للبعض في صالة كبارالزوار.
وقف النزيف
وفي محاولة لوقف نزيف الذهب والخسائر الفادحة بفقدان إيرادات مالية هائلة، اقترح متخصصون ابتكار أدوات تساعد على الحد من عمليات التهريب وتبني خطة متكاملة من أجل الاستفادة من هذه الثروات الهائلة.
وقال إن البورصة ستتعامل بالسعر العالمي، الأمر الذي سيحفز المنتجين على بيع الذهب للحكومة وتفادي مخاطر التهريب لأنها توفر الأسعار المجزية التي تحقق مصلحة المنتجين والحكومة.
وقال المدير السابق لشركة الموارد المعدنية، الذراع الفنية لوزارة المعادن السودانية، مجاهد بلال، لـ"العربي الجديد" إن تخزين الذهب وتهريبه مرا بمرحلة انتعاش كبيرة بين 2017 و2018، بسبب سياسات الحكومة السابقة تجاه التعدين التقليدي للذهب وعدم تحديد بنك السودان المركزي أسعارا مجزية للشراء.
وأضاف: تطورت مشكلة التخزين والتهريب من سياسات وأسعار غير محفزة للشراء إلى مشكلة شح في السيولة حدّ من شراء المركزي للذهب من المعدنين، فصار المعدن يباع للصاغة ويتم توزيعه بلا عوائد على المركزي.
ودعا بلال لإعادة صوغ سياسات قطاع التعدين عن الذهب وتقنين التعدين التقليدي والذي يتراوح عائده لبنك السودان ما بين (20 ـ 40)% ليذهب المتبقي لصالح التخزين والتهريب، مشيرا إلى ارتفاع حجم الذهب المخزن عبر الصاغة وكبار المنتجين. ودعا إلى إطلاق مبادرات لإقناع هؤلاء المخزنين بتسليم الذهب لبنك السودان نظير مبالغ مجزية لفائدة البلاد والاقتصاد.