اليمن: أزمات الصيف تحاصر المدن الساحلية والكهرباء في الواجهة

03 يونيو 2016
انقطاع الكهرباء يفاقم حياة اليمنيين (Getty)
+ الخط -
تطارد أشعة الشمس الحارقة، مواطني المدن الساحلية في اليمن، بعدما خذلتهم الإدارات سواء كانت تابعة للحكومة الشرعية أو تنتمي لمليشيات الحوثيين، حيث انقطعت الكهرباء التي تقيهم شرور الصيف، فضلا عن خدمات أخرى يرتبط توفرها بالمشتقات النفطية.
وتفاقمت أزمة الكهرباء في عاصمة اليمن المؤقتة عدن، منذ منتصف مايو/أيار الماضي، إذ تصل مدة الانقطاع إلى 20 ساعة يوميا، في وقت تعاني المدينة موجة حر شديدة، ما استدعى المواطنين لتنظيم تظاهرات واسعة للتعبير عن غضبهم من نقص الخدمات.
وقالت مصادر محلية لـ "العربي الجديد" إن محتجين اقتحموا المحطة التحويلية للكهرباء في منطقة كريتر، بينما اقتحم آخرون محطة كهرباء خور مكسر، وأطلق مسلحون الرصاص على مبنى الكهرباء بمنطقة حجيف.
وقال مراقبون، إن الاحتجاجات تثقل كاهل قيادة المحافظة التي تسعى لإرساء الأمن كأولوية بعد تكرار حوادث التفجيرات الإرهابية التي استهدفت مسؤولين مدنيين وعسكريين.
وقدم مدير مؤسسة كهرباء عدن مجيب الشعيبي، استقالته، الأحد الماضي، موضحاً أن المؤسسة عاجزة عن إيجاد حلول في ظل أزمة مالية وعدم وجود موازنة تشغيلية.
ووجه المدير الجديد لكهرباء عدن، أمجد محمد حمودي، الثلاثاء الماضي، رسالة استغاثة للرئيس هادي بضرورة التدخل لحل مشكلة الكهرباء في المحافظة.
وأكد حمودي في رسالته أن وضع الكهرباء في عدن أصبح كارثي بعد خروج أكثر من 70 ميغا وات بسبب عدم وجود الديزل في المحطات، متوقعا خروج كل المحطات عن الخدمة في وقت قصير.
وقال: "لقد صدر قرار بتعيني مدير عام للمؤسسة العامة للكهرباء، ولكن الوضع الذي استلمته كارثي بكل المقاييس، وحال الكهرباء اليوم خروج ما يقارب 75 ميغاوات، من الشبكة، وذلك لتوقف إمداد الوقود لمحطات التوليد العاملة بوقود الديزل، وستكون كارثه على عدن في هذا الحر الشديد. وقد تخلت المصافي وشركة النفط عن مسؤوليتها في توفير الديزل والمازوت للكهرباء".
وتوقع مدير الكهرباء، حدوث شغب عارم جراء الإطفاء الكلي للكهرباء بعدن في ظل حرارة وصلت إلى 40 درجة مئوية، حيث تعاني المدينة نقصا في توليد الطاقة يتجاوز 60%، فضلا عن عدم توفر أي من قطع غيار المحطات أو الزيوت ومحولات وشبكات وغيرها من المتطلبات.
وأعلنت مصادر طبية في عدن ارتفاع عدد الوفيات بسبب انقطاع التيار الكهربائي إلى تسعة مدنيين، بينهم نساء ومُسنين، في حين أبلغت مستشفيات خاصة عن نفاد مادة الأوكسجين.
ويقدر إجمالي الطاقة المنتجة من محطات عدن، بنحو 190 ميغاوات، فيما العجز الحالي قدره 140 ميغاوات، ويزيد هذا العجز عند دخول فصل الصيف، الذي يرتفع فيه الطلب على الطاقة نظرا للحرارة الشديدة.


الحديدة تعاني

في السياق، يعاني سكان مدينة الحديدة الساحلية المطلة على البحر الأحمر (غرب اليمن) من انعدام الكهرباء بشكل كامل منذ حوالى عام، في ظل صيف حار فاقم معاناة الناس وألقى بثقله على الحركة والحياة بالمدينة.
ويسيطر الحوثيون على مدينة الحديدة منذ مايو/أيار 2015، وهي مدينة تجارية وبها ميناء اليمن الرئيس على البحر الأحمر.
وأوضح الناشط الميداني عبد الحفيظ الحطامي، إن انعدام الكهرباء يفاقم معاناة 3 ملايين نسمه من سكان محافظة الحديدة، يعيشون أجواء صيف حار تبلغ درجة الحرارة فيه 45 درجة مئوية.
وقال الحطامي لـ "العربي الجديد": "حياة الناس في منازلهم ومحلاتهم وفي المستشفيات الحكومية أصبحت لا تطاق بسبب الحر والظلام، يموت الأطفال والعجزة والمرضى وينزح الرجال إلى الحارات الخلفية".

أزمة مالية

تقف السلطة اليمنية عاجزة عن تقديم أية معالجات لأزمة الكهرباء في المدن الساحلية التي تستقبل صيفا حاراً. وحمل رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر، الحوثيين مسؤولية انقطاعات الكهرباء التي تشهدها عدن في ظل صيف حار ما فاقم معاناة الناس وأدى إلى موجة سخط واحتجاجات.
وأكد بن دغر، الأحد الماضي، أن الانقلابيين في تحالف الحوثي وصالح، أوقفوا تحويل الأموال الخاصة بالتكلفة التشغيلية للطاقة الكهربائية.


وأوضح بن دغر خلال اتصال هاتفي بمحافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي، أن الانقلابيين في صنعاء قد أوقفوا تحويل الأموال الخاصة بالموازنات التشغيلية للطاقة الكهربائية بشكل نهائي في المحافظات الساحلية، في وقت ترتفع فيه درجات الحرارة.
وأدت الحرب في اليمن إلى تعليق مشاريع البرنامج الاستثماري العام وتقليص كثير من النفقات التشغيلية لقطاعات هامة، مثل التعليم والصحة والمياه والكهرباء، مما يصعب وصول السكان للخدمات الأساسية. وفاقمت ندرة الدولار من أزمات المدن اليمنية، وأدت الى تردي الخدمات أو توقفها.

نقص الوقود

وترتبط أغلب أزمات اليمن حاليا بنقص الوقود، رغم أن شركة النفط اليمنية وشركة مصافي عدن، كانتا قد أعلنتا في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، عن مناقصة لشراء كميات من المشتقات النفطية لمواجهة الأزمة في المدن المحررة.

لكن مصدر في شركة مصافي عدن قال لـ "العربي الجديد" إن الصفقات التي تتم صغيرة جداً وإسعافية، بسبب العجز المالي الذي تمر به الشركة وعدم قدرة البنك المركزي على فتح اعتمادات بالدولار لواردات الوقود.
وقال مصدر في البنك المركزي اليمني، أوضح أن اليمن عاجز عن تغطية فاتورة استيراد المشتقات النفطية منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وأكد المصدر لـ "العربي الجديد" عدم توفر أية مبالغ بالدولار تكفي لتغطية قيمة فاتورة استيراد المشتقات، في ظل أزمة مالية خانقة.
فيما أوضح مدير شركة النفط في عدن، عبد السلام حميد، أن الرئيس عبد ربه منصور هادي، وجّه بالسماح للقطاع الخاص باستيراد المشتقات من الخارج بالعملة الصعبة، على أن تقوم شركة مصافي عدن وشركة النفط بشرائها فور وصولها بالعملة المحلية وتوزيعها في السوق المحلية.
وبالفعل، استقبل ميناء الزيت التابع لمصافي عدن، منتصف مايو/أيار الماضي، ناقلة مازوت تابعة لرجل الأعمال اليمني أحمد العيسي، لكنها لم تفرغ حمولتها بسبب خلافات مع الحكومة حول ديون سابقة مقدرة بنحو 35 مليار ريال (نحو 14 مليون دولار).
وقالت مصادر حكومية يمنية في الرياض، إن الرئيس هادي، وجّه قبل يومين، بتزويد كهرباء عدن بالوقود، وطلب من رجل الأعمال أحمد العيسي، إفراغ ناقلات الوقود التابعة لشركته، متعهداً بسداد الديون الحكومية المتراكمة.
وعقب احتجاجات الثلاثاء، قال مسؤول إعلامي بمكتب محافظ عدن، إن حكومة الإمارات قررت إرسال شحنة ديزل خاصة لمحطات كهرباء عدن.
وأوضح أن ناقلة على متنها 14 ألف طن متري من الديزل تحركت من ميناء جبل علي وستصل عدن خلال بضعة أيام، وستكفي لتغطية الاستهلاك لمدة أسبوعين.

المساهمون