أعلنت الحكومة اليمنية، اليوم الأربعاء، ملامح موازنة البلاد العامة لسنة 2019، بعجز نسبته 30%، وهي الثانية خلال سنوات الحرب الدائرة منذ عام 2014 بين الحكومة الشرعية المدعومة من تحالف عربي بقيادة السعودية من جهة وجماعة المتمردين الحوثيين من جهة أخرى.
وتقدر الموازنة الجديدة الإيرادات بنحو تريليونين و159 ملياراً و271 مليون ريال، فيما بلغت تقديرات النفقات على المستوى الوطني نحو 3 تريليونات و111 ملياراً و153 مليون ريال، وبعجز مالي تناهز نسبته 30% وتسعى الحكومة إلى تمويله من مصادر غير تضخمية عبر استخدام أدوات الدين المحلي وحشد التمويلات الخارجية، إضافة إلى وضع آليات للإنفاق تتلاءم مع تدفق الإيرادات. (الدولار = 440 ريالاً)
ويتوقع مشروع الموازنة أن تشكل إيرادات صادرات النفط والغاز 32% من إجمالي الإيرادات العامة سنة 2019. وتتضمن تقديرات الإيرادات الحكومية المناطق غير المحررة الخاضعة للحوثيين والتي تقدر بـ692 مليار ريال، واعتمدت الموازنة سعر برميل النفط الخام المصدر بمبلغ 50 دولاراً.
ووفقا لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، في نسختها الحكومية، بلغت النفقات المتوقعة للمحافظات المحررة 337 مليار ريال، في حين تصل في المحافظات غير المحررة إلى 298 مليار ريال، وبلغت النفقات التشغيلية المركزية على المستوى الوطني ترليوناً و883 مليار ريال لكافة المناطق المحررة وغير المحررة.
رئيس الوزراء اليمني، معين عبدالملك، حض أعضاء الحكومة ولجنة الموازنة على ضرورة العمل لاستعادة أكبر قدر ممكن من توازن الموازنة العامة للدولة، عبر تقليص الفجوة بين الإيرادات والنفقات عبر سياسات مالية حصيفة.
وأكد عبدالملك أن الحكومة ماضية في تنفيذ برنامج تحسين مستوى أداء أجهزة الدولة الإدارية والمالية، عبر اعتمادها عدة خطوات وإجراءات تقشفية، تشمل تقليص الإنفاق غير المبرر وتسخير النفقات لتحقيق التنمية، وتعزيز مبدأ الشفافية في شتى مجالات وقطاعات الحياة لضمان تحقيق التنمية الفعلية.
وحثّ صندوق النقد الدولي، في يناير/ كانون الثاني الماضي، الحكومة اليمنية على اتباع سياسات اقتصادية أفضل، وأن تحقق تحسناً في تحصيل الإيرادات وتكثف جهودها للسيطرة على الإنفاق وترشيده، ولا سيما الإنفاق على فاتورة أجور القطاع العام.
ويشهد اليمن حرباً مدمرة بدأت نهاية عام 2014، بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة، وتصاعدت وتيرة الصراع منذ مطلع عام 2015.
وتركت الحرب تداعيات خطيرة على الاقتصاد اليمني، إذ تسببت في تهاوي العملة المحلية وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، وارتفاع معدلات البطالة، وأصبح أكثر من نصف سكان اليمن البالغ عددهم 27 مليون نسمة، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بحسب تقارير رسمية.
وقدّر تقرير حكومي يمني اطلع عليه "العربي الجديد"، أن خسائر الناتج المحلي الإجمالي بلغت نحو 50 مليار دولار حتى نهاية عام 2018، نتيجة الحرب الدائرة في البلاد بين قوات الحكومة الشرعية المدعومة من تحالف تقوده السعودية من جهة، وجماعة المتمردين الحوثيين من جهة أخرى.
وعزا التقرير ارتفاع الخسائر الاقتصادية في اليمن عن متوسّط خسائر النزاعات في الإقليم والعالم، إلى الحرب التي أشعلتها جماعة الانقلابيين الحوثيين، وتعثّر إنتاج وتصدير النفط والغاز، اللذين يمثّلان شريان الحياة للاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى إغلاق بعض المنافذ الجوية والبرّية وتقييد حركة التجارة الخارجية من التحالف.
وتدهورت المالية العامة تدريجياً متأثرة بتداعيات الحرب، مع تراجع الإيرادات العامّة بنحو 60.6% عام 2016 مقارنة بعام 2014 متأثرةً بتعثر إيرادات النفط والغاز، التي كانت تعتبر أكبر موارد الموازنة العامة، وبتعليق دعم المانحين للموازنة العامة، وتدهور الإيرادات الضريبية.