مخاوف من الهيمنة الأجنبية على النفط الجزائري...انتقادات للاستعانة بأميركيين لصياغة قانون المحروقات

13 يونيو 2018
الجزائر تسعى إلى جذب الاستثمارات لقطاع النفط (فرانس برس)
+ الخط -
فجّر لجوء الحكومة الجزائرية إلى الاستعاعة بخبراء من الولايات المتحدة الأميركية لصياغة قانون المحروقات الجديد، جدلا كبيرا في الأوساط الاقتصادية، كما اتخذ الموضوع أبعادا أخرى وصلت إلى مطالبة بعض الأحزاب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بالتدخل وتجميد تعديل قانون المحروقات المعمول به حالياً.
وتصاعدت التحذيرات من إمكانية تقديم قطاع الطاقة على طبق من ذهب للشركات الأجنبية، وهو ما دفع بالحكومة إلى الخروج عن صمتها للدفاع عن خطتها لبعث قطاع الطاقة وخاصة الشق المتعلق باستكشاف النفط والغاز وتسويقهما، بحجة أن القانون الحالي بات يعيق تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الجزائر.
وفي إجابة عن سؤال لـ "العربي الجديد" حول أسباب اختيار مكتب دراسات أميركي لصياغة القانون الجديد، قال وزير الطاقة الجزائري مصطفى قيطوني إن "الجزائر لا تعيش وحدها في جزيرة معزولة، يجب علينا أن نستفيد من تجارب الآخرين، نحن طرحنا مناقصة لإعداد القانون والمكتب الأميركي هو الذي استوفى الشروط".



وأضاف الوزير الجزائري أن قانون المحروقات الحالي يعيق تدفق الاستثمارات الأجنبية للجزائر، وأكبر دليل على ذلك هو إطلاقنا لست مناقصات لاستغلال حقول نفطية كلها فشلت في استقطاب الشركات العالمية، العالم اليوم تغير وأصبحت الدول هي من تجري وراء الشركات وليس العكس كما في الماضي".
وكشف قيطوني أن "القانون الجديد سيعتمد على عقود تقاسم الإنتاج عوض عقود الامتياز في القانون الحالي التي تعطي لصاحب الأرض، أي الجزائر، كل ما يوجد تحت الأرض، وممكن أن تكون العقود بين "60 و40 % أو 65 و35 %".
ومن المنتظر أن ترفع وزارة الطاقة الجزائرية الستار مطلع سنة 2019، عن القانون الجديد المنظم لقطاع الطاقة الذي تمثل عائداته أكثر 94 % من إيرادات البلاد، حسب تصريحات المدير العام لمجمع "سوناطراك" النفطي عبد المؤمن ولد قدور الذي كشف في الرابع من يونيو/ حزيران الجاري أن "الجزائر عينت مكتب المحاماة الأميركي "كورتيس موليه - بروفوست كولت آند موسلي" ومستشارين آخرين للمساعدة في وضع قانون جديد للطاقة يهدف إلى جذب استثمارات، هناك حاجة شديدة لها".
ورغم حرص حكومة أحمد أويحيى على تقديم كل الضمانات حيال قانون المحروقات الجديد، لم تقنع الحجج التي قدمها الجهاز التنفيذي أحزابا سياسية، خاصة في المعارضة التي تتساءل عن خلفيات ودواعي التعديلات المرتقبة على قانون المحروقات.
وإلى ذلك قال القيادي والنائب البرلماني في حزب العمال جلول جودي "نحن قلقون جدا، الجزائر لم تعد فقط مفتوحة للشركات الأجنبية، بل رضخت لها". واعتبر القيادي في الحزب اليساري في حديث لـ "العربي الجديد" أن "القانون الجديد بمثابة التخلي عن تأميم المحروقات، خاصة وأنه سيراجع النظام الضريبي المطبق على الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر، ويمنحها إعفاءات على النفط الذي ستستخرجه وتصدره".
وحول الضمانات التي تقدمها الحكومة، قال جودي: "لا يمكننا أن نصدق تلك الضمانات والقانون أعدته واشنطن، هل ستسبق الولايات المتحدة مصلحة الجزائر على حساب مصلحة شركاتها والشركات الغربية؟ لا يمكن أن نقتنع بالأقوال بل بالأفعال، وسنعارض هذا القانون كما فعلنا سنة 2005 مع تعديلات حاول إجراءها الوزير الأسبق للطاقة شكيب خليل".
وتعد هذه المحاولة لتعديل قانون المحروقات منذ إسقاط بوتفليقة للتعديل الذي تقدم به خليل والذي صادق عليه البرلمان، قبل أن يتدخل الرئيس ويسحبه بعد انتفاضة الأحزاب السياسية والشارع الجزائري في وجه القانون الذي فتح رأسمال الشركة النفطية الجزائرية "سوناطراك" أمام مستثمري القطاع الخاص الأجانب والجزائريين.
وفي هذا السياق، يرى الخبير النفطي والمدير العام الأسبق لمجمع "سوناطراك" عبد المجيد عطار في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "تعديل قانون المحروقات من الجانب التقني بات أمرا حتميا، فالقانون الحالي لا يتماشى وتطورات السوق الدولية، فعلى سبيل المثال دراسة مناقصة تستغرق وفق القانون الحالي 24 شهرا في وقت أن دول أخرى تعالج المناقصات في أسبوعين."
وأضاف الخبير النفطي: "يبقى السؤال المطروح في التفاصيل، فكل ما نعلمه أن القانون الجديد سيعتمد عقود تقاسم الإنتاج ومنح بعض الإعفاءات للمستثمرين الأجانب، لكن لا توجد تفاصيل حول طبيعة الشراكة" متسائلاً: هل ستحافظ الجزائر على قاعدة 51/49 التي تمنح الأغلبية للطرف الجزائري في المشاريع أم ستتنازل عنها، خاصة وأن الأجانب باتوا يشتكون من هذه القاعدة علانية.
ومنذ صيف 2014 تهاوت أسعار النفط، ما أدى إلى تراجع إيراداته إلى مستويات متدنية، وهو المصدر الرئيسي للعملة الصعبة بالنسبة للجزائر.
المساهمون