مرسي والسيسي وزيادة الجمارك

01 فبراير 2016
السيسي رفع التعريفة الجمركية لعدد كبير من السلع (Getty)
+ الخط -



في نهاية شهر مارس/آذار 2013 أصدر د. محمد مرسي قراراً بزيادة التعريفة الجمركية على بعض السلع وصل عددها للمائة سلعة، ساعتها قامت الدنيا ولم تقعد، وهاجمت وسائل الإعلام القرار الرئاسي بشدة، وراحت تؤكد أنه جاء بناءً على تعليمات من صندوق النقد الدولي.

وينقل الإعلام حينئذ عن كبار رجال الأعمال ورؤساء منظمات الأعمال قولهم إن القرار "خراب بيوت" للمستثمرين، خاصة في قطاعي السياحة والبترول، وأنه يأتي في وقت يعاني فيه الاقتصاد من حالة كساد تام، وأن حالة من الارتباك والتخبط سادت أوساط المستوردين والتجار والمستثمرين بسبب القرار.

بل وفي ذلك الوقت أيضاً خرج علينا رئيس اتحاد الغرف التجارية، أحمد الوكيل، بقوله إن "القرار سيؤدي إلى موجة جديدة من ارتفاع الأسعار، ويمثل ترجمة حقيقية للسياسات الاقتصادية الفاشلة والمتخبطة والعشوائية، خصوصا أنها سياسات تساهم في تحجيم الطلب المحلي".

والغريب أن كلام أحمد الوكيل جاء رغم تأكيد نظيره رئيس اتحاد الصناعات المصرية، جلال الزوربا، أن معظم السلع الواردة في قرار مرسي الخاص بزيادة التعريفة الجمركية تعتبر سلعاً ترفيهية وغير أساسية، وأن القرار الرئاسي يهدف إلى زيادة الموارد وحماية الإنتاج والصناعة المحلية.

وفي مقابل هذا الموقف الشرس من الإعلام المحلي كان تعامل وسائل الإعلام العالمية مع قرار مرسي منصفا إلى حد كبير، حيث أكدت في تقاريرها أن قرار مرسي الخاص بزيادة رسوم الجمارك بنسب تتراوح ما بين 5 و40% يخص العديد من السلع الاستهلاكية الفاخرة غير الضرورية، منها الجمبري ومناضد القمار والنظارات الشمسية والمكسرات والألعاب النارية، وأن القرار يأتي في إطار جهود الحكومة الرامية إلى زيادة الإيرادات لإنعاش اقتصاد البلاد المتعثر.

أمس الأحد، تكرر سيناريو رفع رسوم الجمارك، حيث أصدر السيسي قراراً برفع التعريفة، ليس فقط على 100 سلعة، ولكن على نحو 600 مجموعة سلعية.

والملفت في قرار أمس هنا ليس فقط عدم مهاجمة وسائل الإعلام وكبار رجال الأعمال له، على عكس ما حدث أيام مرسي، ولكن كون قرار السيسي يأتي عقب وعود رئاسية بخفض أسعار السلع داخل الأسواق، خاصة أن تجاراً أكدوا، أمس، أن القرار الجديد سيرفع الأسعار بمعدلات قد تصل لنحو 50% دفعة واحدة، وأن زيادة رسوم الجمارك ستمس أسعار مجموعة كبيرة من السلع الغذائية والأجهزة الكهربائية والملابس.

ولذا كنت أتوقع  خفضاً للتعريفة الجمركية هذه الأيام، وليس رفعا لها لتحقيق وعود بخفض الأسعار سبق وأن أطلقها ووعد بها السيسي خلال شهري نوفمبر وديسمبر الماضيين.

الأمر الآخر الملفت للنظر هنا، أن حصيلة قرار السيسي الخاص بزيادة التعريفة الجمركية تبلغ مليار جنيه فقط (128 مليون دولار)، كما قال مجدي عبد العزيز، رئيس مصلحة الجمارك، أمس، وهذا المبلغ بسيط إذا ما تمت مقارنته بحجم الإنفاق الحكومي وكان يمكن تدبيره بسهولة من قبل الحكومة، بدلاً من اللجوء إلى الخيار الصعب، وهو رفع الأسعار التي تمس غالبية المصريين عن طريق زيادة التعرفة الجمركية على السلع المستوردة.

الأمر الثالث الذي يجب الاشارة إليه هنا هو، أن فقراء مصر هم من يتحملون فاتورة عجز الموازنة العامة للدولة، ولذا فإن الحكومة لا تطبق سياسة التقشف إلا على هؤلاء الذين يشكلون الغالبية العظمى من المصريين ويعانون لهيباً مستمراً في الأسعار، وطوال السنوات الثلاث الماضية لم نسمع عن حالة تقشف واحدة طاولت أفراد الجيش والشرطة والقضاة، بل ما يحدث هو العكس، فهناك زيادات مستمرة في رواتب وحوافز وعلاوات هذه الفئات الثلاث.

مصر تستورد نحو 70% من احتياجاتها السلعية من الخارج، وأي زيادة في سعر الدولار مقابل الجنيه المصري، ورفع رسوم التعريفة الجمركية، يمكن أن يقلب أسعار السلع رأساً على عقب ويحدث موجة تضخمية كبيرة لا يقدر عليها سوى الأثرياء الذين يمثلون نحو نصف في المائة من تعداد الشعب المصري.


اقرأ أيضاً: السيسي يرفع رسوم الجمارك لـ 600 سلعة

المساهمون