قانون الاستثمار الجديد يستنفر البرلمان الجزائري

18 يونيو 2016
مصنع سيارات في الجزائر يتبع "رينو" الفرنسية (فرانس برس)
+ الخط -
أثار عرض الحكومة الجزائرية قانون الاستثمار الجديد على البرلمان، الإثنين الماضي، سجالاً حاداً بين نواب أحزاب السلطة والمعارضة، وخاصة أن القانون الجديد سبقته حرب تصريحات إعلامية، بسبب الامتيازات التي يمنحها للمستثمرين المحليين والأجانب.
واقترحت الحكومة الجزائرية على لسان وزير الصناعة والمناجم، عبدالسلام بوشوارب، سحب القاعدة الاستثمارية "51-49" من قانون الاستثمار، والاكتفاء بتثبيتها في القانون السنوي للموازنة العامة للبلاد، وهي القاعدة التي تقر بأنه "لا يمكن إنجاز الاستثمارات الأجنبية، إلا في إطار شراكة تمثل فيها المساهمة الوطنية بنسبة 51% على الأقل من رأس المال"، بينما لا تتخطى المساهمات الأجنبية 49%".

وهو الاقتراح الذي سارع نواب أحزاب السلطة إلى تبنيه والترحيب به، فالقاعدة الاستثمارية "51-49" وُضعت في وقت كان الاقتصاد الجزائري يعيش مرحلة انتعاش بفعل الوفرة المالية التي كانت تحوز عليها خزينة الجزائر العمومية، ما جعل الحكومة تنظر إلى الاستثمار الأجنبي بعين المتكبر، حسب نواب المولاة ممن التقتهم "العربي الجديد" في أروقة البرلمان. أما اليوم فأسعار النفط تهاوت والخزينة تعيش عجزاً قياسياً، والقانون الجديد للاستثمار يكبح هذه "النرجسية الاقتصادية".
وفي السياق ذاته يرى النائب عن جبهة التحرير الوطني صاحب أغلبية المقاعد في البرلمان، محمد شريف ولد الحسين، أن "قاعدة، 51-49"، هي عائق أمام جلب الاستثمارات الأجنبية وحان الوقت لمعاجلة هذه القضية دون مزايدة في الوطنية، ويجب أن ننظر إليها دون عقدة، ونضعها فوق ميزان المصلحة العليا للبلاد من خلال تقييم هذه التجربة الاقتصادية".
هذا الطرح أيده النائب عن نفس الحزب، بدة محجوب، الذي أصر في تصريح لـ "العربي الجديد"، على ضرورة تحرير الاستثمار من مثل هذه القيود ووجوب فتح الباب أمام رؤوس الأموال الأجنبية دون خوف منها، على الأقل حتى تتفادى الدولة اللجوء إلى الاستدانة الخارجية.
ويكشف نفس المتحدث، أن حزبه وبحكم الأغلبية التي يحوز عليها تحت قبة البرلمان، سيضطر إلى اقتراح "تعديلٍ" ملزم بإلغاء القاعدة.
وإن أبدت المعارضة في البرلمان الجزائري تحفظاً حول الجدل القائم حول إلغاء قاعدة "51-49" من عدمه، إلا أنها لم تُخف رفضها للسياسة التي تبنتها الحكومة في مجال جلب الاستثمارات من خلال منح امتيازات ضريبية وعقارية تكلف الخزينة العمومية مليارات الدولارات، ما يجعل من قانون الاستثمار قانوناً للاستيراد، حسب النائب عن تكتل الجزائر الخضراء المعارض ناصر حمدادوش.

وأضاف حمدادوش، أن قانون الاستثمار الجديد جاء بإغراءات جبائية وجمركية وبامتيازات استثنائية تقدر بحوال 600 مليار دينار جزائري ستضاف إلى حجم الإنفاق العام على قطاع الصناعة في السنوات الأخيرة الذي بلغ 100 مليار دولار، وعلى الرغم من ذلك لا تساهم الصناعة إلا بـ 5% من الناتج الداخلي الخام.
ويتساءل النائب عن كيفية توفير مناخ مناسب لجلب الاستثمارات الأجنبية في الوقت الراهن "فالجزائر منذ التسعينيات وهي تتودد لجلب الاستثمارات ولم تتمكن من ضمان تدفق الرأسمال الأجنبي، الذي لم يبلغ في أحسن الأحوال 3.4 مليارات دولار سنة 2010 وتراجع إلى 1.2 مليار دولار سنة 2013".

وكما هو متوقع، كان حزب العمال أكثر يسارية في تعامله مع نص قانون الاستثمار الجديد، حيث دعا النائب عن الحزب، رمضان تاعزيبت، في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى "سحب القانون لأنه لا يوجد ما يستحق المناقشة فيه، لأنه يؤسس إلى نهب أموال الجزائريين ويعزز مكانة الأوليغارشية (الأقلية الحاكمة التي تسيطر على الثروة) في الاستحواذ على الاقتصاد الجزائري".
ويُنتظر أن يصوت البرلمان الجزائري في 27 يونيو/حزيران الجاري، على قانون الاستثمار الجديد، بعد إعداد لجنة الشؤون الاقتصادية والتنمية والصناعة والتجارة والتخطيط بالبرلمان لتقريرها النهائي حول مشروع القانون.

ومنحت الحكومة الجزائرية امتيازات للأجانب وفق مشروع قانون الاستثمار الجديد، حيث ألغت الحظر على استيراد المعدات المستعملة والجديدة بالنسبة للمستثمرين الذين يقررون نقل نشاطاتهم إلى الجزائر، بالإضافة إلى إعفاء استيراد هذه المعدات من الرسوم الجمركية.

وحملت المادتين 12 و13 من مشروع القانون الجديد، تحفيزات جبائية وجمركية تستفيد منها الاستثمارات، حيث تم الإعفاء من الضريبتين المفروضتين على أرباح الشركات والنشاط المهني لمدة ثلاث سنوات. وتتضاعف هذه الإعفاءات إذا كانت الاستثمارات في المناطق الداخلية في الجزائر وفي جنوب البلاد.
وتسعى الحكومة من خلال إقرار قانون جديد ينظم الاستثمارات، إلى جلب أكبر حجم ممكن من الرأسمال الأجنبي، بعدما سجلت تراجعاً بنحو 33% خلال العام الماضي 2015، وفق بيانات رسمية.



المساهمون