صندوق النقد الدولي يخفض توقعاته لنمو الاقتصاد الخليجي لأدنى مستوى على الإطلاق

31 أكتوبر 2017
تراجع أسعار النفط أضر باقتصاديات الخليج (اريك فيفيربرج/فرانس برس)
+ الخط -




توقع صندوق النقد الدولي أن يسجل معدل النمو في منطقة الخليج أدنى مستوياته في العام 2017 بسبب تراجع أسعار النفط والأزمة السياسية القائمة بالمنطقة.

وقال جهاد أزعور، المدير الإقليمي لصندوق النقد الدولي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، اليوم الثلاثاء، إن آفاق النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "ما تزال ضعيفة".

وأضاف أزعور خلال مؤتمر صحافي، لإطلاق تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، أن الضعف يرجع في الأساس إلى استمرار التكيف مع أسعار النفط المنخفضة والصراعات الإقليمية الدائرة.

وبحسب تقرير الصندوق، يصل انخفاض النمو الكلي إلى نهايته في البلدان المصدرة للنفط عند 1.7% في 2017، بسبب انخفاض إنتاج النفط وفقا للاتفاق الذي تقوده منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك".

وتابع: "ينبغي لبلدان المنطقة أن تستفيد من الانتعاش الذي يشهده النمو العالمي حالياً لوضع ماليتها العامة على مسار أفضل"، مطالباً بضرورة تعجيل الإصلاحات المؤدية إلى خلق فرص العمل وتنويع النشاط الاقتصادي.

وفي المقابل، من المتوقع أن يتعافى النمو غير النفطي مسجلا 2.6% تقريباً في 2017، مع اعتماد وتيرة أبطأ في تخفيض عجز الموازنة.

وتوقع أزعور، أن يتسارع النمو بالتدريج على المدى المتوسط في معظم اقتصادات المنطقة، "لكنه سيظل دون المستوى المطلوب لمعالجة البطالة المرتفعة في المنطقة ورفع المستويات المعيشية لجميع السكان".

وأدت أسعار الخام المنخفضة، لاستمرار عجز المالية العامة الكبير في كثير من تلك الدول، ما يؤكد الحاجة لمواصلة التركيز على تخفيض العجز.

ووفق أرقام صندوق النقد، قفز عجز الموازنة في البلدان المصدرة للنفط إلى 10.6% من إجمالي الناتج المحلي في 2016، صعوداً من 1.1% من إجمالي الناتج المحلي في 2014.

ومن المتوقع أن تنخفض هذه النسبة إلى النصف في العام الحالي، بفضل الارتفاع المحدود في أسعار النفط والجهود الكبيرة المبذولة لتخفيض العجز.

وتوقع التقرير، أن يرتفع النمو في البلدان المستوردة للنفط إلى 4.3% هذا العام، صعودا من 3.6 % في 2016، "على أن يستمر الانتعاش في 2018 مدعوما بتزايد الطلب المحلي والإصلاحات المساندة وتحسن النمو العالمي".

وطالب أزعور، الدول المستوردة للنفط بالتركيز على تحسين تحصيل الإيرادات وتخفيضات الإنفاق الموجهة، مع حماية الإنفاق الاجتماعي والداعم للنمو.

ضريبة القيمة المضافة

في ملف أخر، قال جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط بالصندوق إن الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي لا تزال ملتزمة بتطبيق ضريبة القيمة المضافة ولكن بوتيرة متباينة.

وأضاف أزعور في المقابلة "شعوري، من خلال تواصلي مع السلطات، أنها لا تزال ملتزمة وتواصل التحضير للتنفيذ".

وسعيا لسد العجز في ميزانياتها نتيجة انخفاض أسعار النفط، وافقت دول مجلس التعاون الخليجي على تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% في 2018 وهي خطوة كبيرة لحكومات اعتادت فرض ضرائب بسيطة واعتمدت عوضا عن ذلك على إيرادات النفط.

لكن الخطوة تمثل تحديا إداريا وفنيا للسلطات، إذ ينبغي عليها صياغة لوائح مفصلة وتسجيل الشركات التي تسدد الضرائب وتشكيل مؤسسات حكومية تشرف على النظام، كما أن فرض ضريبة القيمة المضافة يهدد بتباطؤ النمو الاقتصادي الذي يعاني ركودا بالفعل.

وكانت الدول الست تنوي في الأساس تطبيق الضريبة بشكل متزامن في يناير/ كانون الثاني القادم. وتواصل السعودية والإمارات القول بأنهما ستفعلان وتقدمتا كثيرا في التحضير لذلك بينما لا تزال دول أخرى متخلفة كثيرا في الترتيب لفرض الضريبة.

ويعتقد خبراء الضرائب في المنطقة أن الكويت على الأخص قد تتخلف عن الركب بسبب تباطؤ حركة قطاع الخدمات الحكومي ولأن برلمانها المستقل نسبيا قد يود أن يدلي بدلوه في الأمر. ولم يعلن المسؤولون في سلطنة عمان موعدا محددا لتطبيق الضريبة، في حين قال مسؤولون في البحرين إن من المتوقع تطبيقها في منتصف 2018.

ومنذ التوصل لاتفاق إقليمي بشأن ضريبة القيمة المضافة قطعت السعودية والإمارات والبحرين العلاقات الدبلوماسية وخطوط النقل مع قطر واتهموها بدعم الإرهاب. ولم يذكر مسؤولون قطريون ما إذا كان ذلك سيؤثر على خطة تطبيق الضريبة.

غير أن أزعور أوضح أنه حسب فهمه فإن جميع دول مجلس التعاون الخليجي لا تزال ملتزمة بتطبيق الضريبة بما في ذلك قطر والكويت. وأضاف أن الدول التي تمتلك احتياطيات مالية أكبر مقارنة بالعجز قد تستطيع تبني وتيرة أبطا لتطبيق الضريبة.

وتابع ”وتيرة التطبيق ستختلف ...البعض سيطبق في عام 2018 والبعض قد يحتاج مزيدا من الوقت.“

وقال أزعور إنه نظرا لتطبيق أكبر اقتصادين في مجلس التعاون لضريبة القيمة المضافة في الوقت ذاته فان تدفقات التجارة في المنطقة لن تتعطل إذا ما فرضت دول أخرى الضريبة في أوقات مختلفة.


الإصلاحات في مصر

من جهة أخرى، قال أزعور إن الإصلاحات الاقتصادية المصرية تحقق نجاحاً على ما يبدو في ظل تسارع النمو والإيرادات ببعض المجالات. وأضاف "ثمة نتائج إيجابية تمكن ملاحظتها تدريجياً.

ويزور وفد من صندوق النقد القاهرة لمراجعة الإصلاحات المصرية قبل تقديم شريحة جديدة في إطار اتفاق قرض قيمته 12 مليار دولار لمدة ثلاث سنوات وافق عليه الصندوق في نوفمبر تشرين الثاني الماضي.

وقال أزعور إنه لا يريد استباق الحكم على نتائج مراجعة البعثة، لكنه أضاف "مؤشرات التعافي الاقتصادي ملحوظة سواء على صعيد النمو المتزايد في قطاعات معينة أو على صعيد نمو الإيرادات في مجالات مثل السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر". وأضاف أن الأولوية حاليا للمحافظة على وتيرة الإصلاح".

وبدأت الأسبوع الماضي، بعثة من صندوق النقد الدولي، المراجعة الثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تطبقه مصر، وذلك قبل أن يصرف الصندوق القسط الثالث من برنامج إقراض بقيمة 12 مليار دولار.

وقال الصندوق الشهر الماضي، إنه من المنتظر أن تحصل مصر في نهاية هذا العام على الشريحة الثالثة من القرض وقيمتها نحو ملياري دولار بعد المراجعة الجديدة للإصلاحات التي اتخذتها مصر.

وحصلت مصر على الشريحة الثانية بقيمة مليار دولار في 20 مارس/ آذار 2017 والشريحة الأولى في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016.

ووفقاً لمصادر إعلامية محلية فمن المقرر أن تجري البعثة مراجعة لتطورات البرنامج الاقتصادي للحكومة، ومدى تقدم الإصلاحات التي قامت بها، مقارنة بالمتفق عليه مسبقاً.

كذلك سيتم بحث تأثير الإصلاحات الضريبية في ما يتعلق بتطبيق قانون الضريبة على القيمة المضافة في زيادة الحصيلة الضريبية وإجراءات الحكومة لزيادة الموارد.

وأوصى صندوق النقد الدولي بتحريك سعر المحروقات خلال السنة المالية الجارية 2017-2018، للحصول على الشريحة الرابعة من قرض الصندوق، البالغة ملياري دولار، والمقرر صرفها في مارس/ آذار من العام المقبل.

(العربي الجديد)