الروبل والعقوبات تخفضان مشتريات الروس العقارية بالخارج


30 يوليو 2016
النفط والعقوبات يفقدان عقارات موسكو 50% من قيمتها بالدولار(Getty)
+ الخط -


على مدى سنوات، حقق مئات الآلاف من مواطني روسيا حلم امتلاك سكن على ساحل البحرعن طريق شراء العقارات في المنتجعات السياحية بالخارج، إذ كانت أسعارها في ذلك الوقت تقل كثيراً عن أسعار الشقق في روسيا وبصفة خاصة في العاصمة موسكو.
إلا أن الأزمة الاقتصادية الراهنة الناجمة عن هبوط أسعار النفط، دفعت بمشتريات الروس للعقارات بالخارج إلى أدنى مستوى منذ عام 2009.

وبحسب تقرير صادر عن شركة "ترانيو" لتسويق العقارات بالخارج، فإن مجموع التحويلات من روسيا لسداد قيمة العقارات بالخارج تراجع بنسبة 30% خلال الفترة من الربع الأول من عام 2015 إلى الربع الأول من عام 2016، أي من 281 مليون دولار إلى 199 مليون دولار. وبذلك انخفضت استثمارات الروس في العقارات بالخارج إلى أدنى مستوى منذ عام 2009 في أعقاب الأزمة المالية العالمية.
ووفق الدارسة التي استندت إلى بيانات التحويلات الصادرة عن البنك المركزي الروسي، فإن إنفاق الروس لشراء العقارات بالخارج انخفض بمقدار 3 أضعاف تقريباً منذ بدء تهاوي أسعار النفط في عام 2014.

ورغم أن هذه الأرقام لا تشمل الصفقات التي يبرمها رجال الأعمال الروس بأسماء الشركات المملوكة لهم والمسجلة في الخارج، إلا أن إحصاءات البنك المركزي تعكس الوضع في السوق بشكل عام. وتشير نينا فولكوفا، صاحبة شركة "إن في" للعقارات بالخارج إلى أن تراجع المشتريات بهذا الشكل يعود إلى مجموعة من الأسباب السياسية والاقتصادية.
وتقول فولكوفا لـ"العربي الجديد": "دفع هبوط سعر صرف الروبل أصحاب الأجور والرواتب بالعملة الروسية إلى تأجيل قرار الشراء.
وتأثر نشاط المشترين أيضًا بالعقوبات الغربية والتعديلات القانونية التي حظرت على بعض الفئات من المواطنين امتلاك عقارات وأرصدة مصرفية بالخارج".




وتوضح أن الطلب على العقارات منخفضة التكاليف في منتجعات دول مثل بلغاريا وجمهورية الجبل الأسود سجل أكبر نسبة تراجع، تقدر بنسبة راوحت 70 - 80%، وتضيف: "ازدادت حصة مشتريات الوحدات الجاهزة للاحتياجات العائلية، بينما توقفت حركة شراء العقارات تحت الإنشاء بشكل شبه تام، كما تراجع الاهتمام بمشاريع الاستثمار".
ومع ذلك، تؤكد فولكوفا أن الأزمة لم تؤثر على الطلب على العقارات في كبرى المدن الأوروبية مثل لندن وباريس وروما وفيينا، والوجهات الراقية مثل مدينتي كان ونيس الفرنسيتين وميلانو الإيطالية، وذلك نظراً لعدم تأثر مشتريها من الأثرياء بالوضع الراهن مثل غيرهم.

ولم تسلم المنتجعات التركية من انهيار حركة السياحة الروسية والطلب على العقارات فيها منذ تدهور العلاقات بين موسكو وأنقرة بعد حادثة إسقاط الطائرة الحربية الروسية في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.
وعلى عكس مصر التي تم تعليق جميع رحلات الطيران بينها وبين روسيا بعد حادثة تحطم طائرة "أيرباص-321" في سيناء، لم تستطع السلطات الروسية وقف تدفق السياح الروس إلى تركيا بشكل تام. ويعود استمرار حركة السياحة الروسية إلى تركيا، ولو بصورة طفيفة، إلى وجود إمكانية للسفر على متن رحلات الطيران المنتظم رغم حظر الطيران العارض (تشارتر).

ومع ذلك، تراجعت أعداد السياح الروس في تركيا بمقدار عشرات الأضعاف، وهو أمر أثر سلباً على سوق العقارات في أنطاليا التي سبق لها أن جذبت عشرات الآلاف من المشترين الروس، عندما كانت تركيا الوجهة الأولى للسياحة الخارجية الروسية.
وتشير يكاتيرينا تشيتينباغ، مستشارة المبيعات بشركة "أنطاليا إليت ستروي" إلى أن مشتريات الروس للعقارات في أنطاليا بعد حادثة إسقاط تركيا لقاذفة "سوخوي-24" باتت محدودة جداً.
وتقول تشيتينباغ في اتصال مع "العربي الجديد" من أنطاليا: "باتت مشتريات الروس تقتصر على أولئك الذين يزورون تركيا كثيراً ولم يشعروا بأي تغيير في المعاملة".

وحول إمكانية الحصول على تخفيض في ظل هذا الوضع، تضيف: "أسعار العقارات عند كبرى شركات البناء لم تنخفض، ولكنه يمكن شراء شقة بتخفيض يتراوح بين 10 - 15% من الملاك الروس الذين استجابوا لحالة الذعر وطرحوا وحداتهم للبيع".
إلا أن اتفاق الرئيسين الروسي، فلاديمير بوتين، والتركي، رجب طيب أردوغان، على إحياء العلاقات الاقتصادية بعد اعتذار أردوغان عن إسقاط الطائرة الروسية، يبشر بعودة سريعة للسياح الروس إلى المنتجعات التركية، وبالتالي انتعاش الطلب على العقارات.

وكانت الطبقة المتوسطة الروسية قد توجهت إلى الاستثمار في العقارات بالخارج، عندما كانت أسعار النفط مستقرة عند مستويات عالية وكان سعر صرف الروبل قوياً، كما كانت أسعار العقارات في روسيا تفوق كثيراً قوتهم الشرائية.
وحتى نهاية عام 2013، ظلت موسكو من أغلى المدن لشراء العقارات عالمياً، إذ ارتفع سعر المتر المربع إلى أكثر من 5 آلاف دولار أو أكثر من 150 ألف دولار مقابل شقة مكونة من غرفة واحدة.

من جانب آخر، كان يمكن شراء شقة مكونة من عدة غرف بمجمع سكني فاخر بأحد منتجعات بلغاريا أو الجبل الأسود أو تركيا مقابل أقل من نصف أسعار موسكو، إلى أن تغير الوضع بعد مواجهة الاقتصاد الروسي صدمتين خارجيتين في آن معا، تمثلتا بتدني أسعار النفط والعقوبات الغربية بسبب الوضع في أوكرانيا.
ومنذ ذلك الحين، فقدت عقارات موسكو نحو 50% من قيمتها الفعلية بالدولار، بينما ارتفع ما تعادله أسعار عقارات الخارج بالروبل الروسي، بأكثر من الضعف، ما دفع أغلب المشترين إلى العدول عن خطط الشراء.


المساهمون