حذرت تكتلات اقتصادية في أميركا من تبعات التصعيد المتواصل للحرب التجارية بين واشنطن وشركائها التجاريين خاصة الصين والتي ارتدت شظاياها على الشركات الأميركية.
وجاء التحذير بعد أن انتهت مساء الخميس الماضي المهلة التي منحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشركات المتضررة من الرسوم الأميركية المفروضة على الواردات من الصين، لتقديم ملاحظاتها على تلك الرسوم، قبل البدء الفعلي في تطبيقها.
وفي حين ترى إدارة البيت الأبيض أنها قادرة على إجبار الصين على تقديم تنازلات تقلل العجز التجاري الأميركي، وتحد من السرقات التكنولوجية التي تقوم بها الشركات الصينية، وتضع حداً لإجبار الشركات الأميركية العاملة في الصين على نقل تقنياتها الحديثة إليها، وهو ما يصب في مصلحة المواطن الأميركي حسب ترامب، فقد علت في المقابل تحذيرات من شركات ومواطنين أميركيين تخوفاً من تعرضها لخسائر فادحة ودخول المنتجات الصينية كعنصر وسيط في العديد من الصناعات الأميركية، ما سيؤدي لارتفاع أسعار تلك المنتجات، الأمر الذي سيرهق المستهلكين ويكبّد المستثمرين خسائر باهظة.
وفي خطاب شارك في إعداده العشرات من جماعات المصالح المرتبطة بالشركات الأميركية، وتم إرساله إلى الممثل التجاري للولايات المتحدة، روبرت لايتايزر، مؤخراً، حذر من أن "استمرار التصعيد في حرب التعريفات مع الصين لن يؤدي إلا لزيادة خسائر الاقتصاد الأميركي، وسيضر بمصالح المزارعين والعائلات والشركات والعمال الأميركيين".
واعتبرت تلك الجماعات أن فرض التعريفات على ما قيمته مليارات الدولارات من البضائع المستوردة لم يؤد إلى نتائج إيجابية، ولم يتسبب في تقديم الصين لتنازلات كما كان متوقعا، مرجحة أن ينتج عنه قيام الصين بالرد عبر تطبيق تعريفات مماثلة على وارداتها من الولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة.
ورغم تحفظ ورفض شركات أميركية لتوجهات ترامب التصعيدية، إلا أن الرئيس الأميركي يبدو عازماً على المضي قدماً في تطبيق تلك التعريفات على ما قيمته 200 مليار دولار من الواردات من الصين في وقت قريب، بل وأعلن أنه في حالة رد الصين بالمثل، وهو أمر متوقع بدرجة كبيرة، فإنه سيقوم بفرض تعريفات جديدة على ما تبقى من الواردات الأميركية من الصين، وهو ما يقدر بنحو 267 مليار دولار إضافية.
وحسب اتحاد صناعات البرمجيات والمعلومات فإنه سبق له إرسال خطابات مماثلة للرئيس الأميركي، ومجلس النواب، والممثل التجاري، أكد فيها رفضه لفرض التعريفات، بل وطالب بإعفاء بعض المكونات في حالة الإصرار على فرضها.
وأكد الاتحاد أن تلك التعريفات تقوض جهود أميركا لإنشاء مركز البيانات وتضعف القدرات التنافسية لبرامج الحوسبة السحابية الأميركية.
وباتت أغلب الشركات الأميركية، سواء كانت تعمل في إنتاج الزوارق المطاطية أو الأجهزة المنزلية، أو حتى الملابس أو السيارات، تحسب ما ستتحمله من تكاليف إضافية عند إقرار ترامب لتعريفاته الجديدة، خاصةً وأن الكثير منها لن يكون بإمكانه الإبقاء على أسعار المستهلكين دون تغيير.
وإذا كانت النية لدى إدارة ترامب هي فرض 25% تعريفة إضافية على المنتجات الصينية الواردة للولايات المتحدة، فمن الطبيعي أن معدلات الربحية لن تتحمل تلك الزيادة في تكلفة السلع الوسيطة، وقد تتحمل الشركات الأميركية خسائر في حالة عدم رفع سعر المستهلك.
ويقول جون هوغ، الذي يقوم باستيراد القوارب المطاطية من الصين وبيعها في الولايات المتحدة، إن شركته، التي أسسها والده قبل 50 عاماً "ستتعرض لتأثيرات مدمرة" في حالة فرض التعريفات الجديدة.
واعتبر هوغ أن "الزوارق المطاطية ليست ذات أهمية للاقتصاد العالمي، ولا هي جزء من خطة صنع في الصين 2025، ولا تمثل خطراً يهدد الأمن القومي الأميركي، كما أنه لا يوجد شيء يُسمى صناعة القوارب المطاطية الأميركية، وستكون تلك التعريفات تكلفة إضافية يتعين علينا ببساطة نقلها إلى المستهلك الأميركي، ولن يكون سهلاً على المواطن الأميركي من الطبقة المتوسطة تحمل 25% إضافية على بند الترفيه".
وعلى صلة بالأمر، قالت شركة آبل، عملاق التكنولوجيا ومنتج آيفون وحواسب ماك، إن التعريفات على الواردات من الصين التي اقترحها البيت الأبيض ستؤثر على مجموعة واسعة من منتجات الشركة ذات الشعبية لدى الأميركي، مثل السماعات اللاسلكية وساعات آبل وأجهزة الشحن والهواتف والحواسب المحمولة.
وأضافت "ما يعنينا هنا هو أن الولايات المتحدة ستكون الأكثر تضرراً، وسيؤدي هذا إلى انخفاض معدل نمو الاقتصاد الأميركي وقدرته التنافسية وارتفاع الأسعار للمستهلكين"، الأمر الذي دعا ترامب للرد، في تغريدة على موقع تويتر، "اصنعوا منتجاتكم في الولايات المتحدة بدلاً من الصين. ابدأوا في بناء مصانع جديدة الآن".
وتوقع بعض المحللين أن تتراوح تكلفة هاتف آيفون بين 2000-2800 دولار في حالة تصنيعه بالكامل في أميركا، بينما لا تتجاوز تلك التكلفة حالياً، باستخدام مكونات أغلبها يأتي من الصين، ألف دولار.