بنت أسواق الطاقة العالمية تعاملاتها، أمس الأربعاء، على أمل أن تتخذ منظمة أوبك وحلفاؤها بقيادة روسيا، في ما يعرف بمجموعة أوبك+، قراراً بخفض الانتاج بنحو 10 ملايين برميل يومياً، في اجتماعها الذي سيتم اليوم الخميس، عبر الفيديو.
ويبحث الاجتماع خطوات بشأن كيفية جلب الاستقرار إلى أسواق النفط المتضررة بفعل ضعف الطلب في ظل تفشي فيروس كورونا واستعار الحرب النفطية بين السعودية وروسيا. ولكن ربما تحدث مفاجآت وتنضم شركات أميركية ودول من خارج أوبك للخفض ويرتفع إجمالي الخفض إلى 15 مليون برميل يومياً.
وفي حال توافق "أوبك+" على خفض الإنتاج بأكثر من 10 ملايين برميل يومياً، فإن الخفض الفعلي في الإنتاج سيصل إلى أكثر من 13 مليون برميل يومياً، وذلك حسب محللين بمجلة "فوربس" الأميركية، وذلك بإضافة التراجع الحاصل حالياً في إنتاج النفط الصخري الأميركي وفي إنتاج كل من كندا والنرويج وبحر الشمال وحقول المياه العميقة في البرازيل، وهي الخامات ذات الكلفة العالية التي باتت تنتج بخسارة وتتجه نحو الإغلاق.
ولمّحت روسيا وأعضاء آخرون في أوبك+ إلى أنه ينبغي على دول أخرى، وعلى الأخص الولايات المتحدة، الانضمام إلى التحرك هذه المرة، بعدما استفادت من استقرار أسعار النفط على مدى سنوات حين كانت المجموعة تخفض الإنتاج طوعا.
وبناء على هذه التوقعات المرجحة، ارتفعت أسعار خام برنت فوق 32 دولاراً للبرميل في تعاملات الظهيرة، أمس الأربعاء، حسب بيانات نشرة "أويل برايس" الأميركية.
ولم يستبعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء الثلاثاء، احتمال مشاركة الشركات الأميركية في الخفض، وذلك في تصريحات نقلتها نشرة "ذي هيل" الأميركية، وقال فيها إن "الولايات المتحدة ستنضم إلى جهود خفض الإنتاج إذا كان ذلك سيساعد في حل النزاع النفطي الذي أدى إلى انهيار أسعار النفط".
وفي حال انضمام الشركات الأميركية إلى الخفض، فإن ذلك سيشجع دولاً مثل كندا والنرويج والبرازيل على كبح الإنتاج. وبالتالي ربما يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط فوق 40 دولاراً للبرميل. ومثل هذا السعر سيكون مناسباً لإنقاذ صناعة النفط الصخري الأميركية.
وتأمل كل من روسيا والسعودية بانضمام شركات النفط الأميركية والكندية لاتفاق خفض الإنتاج المقرر مناقشته في اجتماع اليوم، حيث إن الشركات الأميركية تنتج حوالى 13 مليون برميل يومياً.
ولكن رغم هذا التفاؤل، فإن هنالك عقبات ربما تواجه اجتماع الخميس، بشأن بعض النقاط المهمة. وتتمثل هذه العقبات في كيفية توزيع حصص الخفض بين أعضاء "أوبك+" ومدة الاتفاق.
وحسب محللين، فإن السوق النفطية تحتاج إلى اتفاق لمدة عام على الأقل حتى يطمئن المستثمرون إليه، وبالتالي يشرعون بشراء العقود المستقبلية في سوق متخمة بالمعروض وتعاني من انهيار الطلب.
أما في ما يتعلق بتوزيع حصص الخفض كنسبة من حجم إنتاج كل دولة، فقال الخبير النفطي القريب من مصدر القرار السعودي، محمد الصبان: "بالنسبة لشكل الاتفاق، سيكون المعيار الأساسي له هو العدالة في التوزيع، لا أن يتحمل أي عضو أكثر من نصيبه، وأنا لا أقول هنا أن تتساوى السعودية مع الجزائر أو غيرها من الدول، وإنما هي نسبة وتناسب، وأن يكون نسبة من إنتاج كل دولة".
ويرى خبراء في صناعة الطاقة، أن هنالك 3 عوامل ترجح احتمال الاتفاق على خفض كبير ربما يفوق 10 ملايين برميل يومياً، وهذه العوامل هي: الضغط الأميركي القوي من قبل لوبي الشركات النفطية داخل الكونغرس وعلى ترامب شخصياً، إذ إن صناعة النفط الأميركية تعاني من الإفلاس وهو ما يهدد انتعاش سوق "وول ستريت" وسوق الائتمان الأميركي، ولذلك تداعيات ضخمة مستقبلية على أمن الطاقة الأميركي.
أما العامل الثاني، فيتمثل بالضغوط المالية الضخمة التي تعاني منها كل من موسكو والرياض وتحسبهما للعقوبات الأميركية المتوقعة في حال فشل الاجتماع.
أما العامل الثالث، فهو عدم وجود مشترين للنفط السعودي المعروض حالياً في الأسواق. ويرى الخبير النفطي بمعهد الطاقة العالمي بجامعة كولمبيا الأميركية، روبرت ماكنيلي، أن المخازن التجارية باتت ممتلئة وشركات المصافي غير راغبة في مزيد من النفط إلى حين اتضاح متى ستعود الاقتصادات العالمية الكبرى إلى النشاط.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن تجار النفط يبحثون عن بعض مخازن النفط المهجورة في كل من الكاريبي التي كانت تملكها فنزويلا، وفي المغرب ودول أخرى لتفريغ الشحنات العائمة في البحار.
ويرى محللون أن "خامات الكلفة العالية" التي ترتفع كلف استخراجها فوق 35 دولاراً للبرميل باتت تلقائياً خارج السوق النفطي بسبب الخسائر التي تتكبدها الشركات المنتجة.
وحسب وكالة رويترز، تواصل الولايات المتحدة الضغوط على السعودية من أجل إحداث خفض كبير في الإنتاج، وهي تهدد حالياً باستخدام آليات جديدة في الضغوط.
في هذا الصدد، قال مصدر مطلع لوكالة رويترز، إن عضوين جمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي قدما مشروع قانون من شأنه إبعاد الأنظمة الدفاعية والقوات الأميركية من السعودية ما لم تخفض إنتاج النفط.
ومن المقرر أن يجري السيناتوران كيفن كريمر ودان سوليفان مكالمة هاتفية مع المسؤولين في السعودية للتأكد من تنفيذ خفض الإنتاج.
وبالتالي يتفق العديد من الخبراء على أن احتمال عدم الموافقة من الجانب السعودي على خفض كبير ليس مرجحاً، كما أن روسيا من جانبها لا ترغب في هذه الظروف في المغامرة بإغضاب ترامب.