صعوبة التمويلات تحرم التونسيين اقتناء مساكن

26 ديسمبر 2015
نحو ربع التونسيون لا يملكون مسكنا (Getty)
+ الخط -
تطالب الجمعيات المهنية للمطورين العقاريين في تونس بإحداث ثورة في طرق وأدوات تمويل العقارات من قبل المصارف التجارية، معتبرة أن الشروط التي تضعها المصارف لتمويل شراء المساكن بالية، ولم تعد تتماشى ومتغيّرات الوضع الاقتصادي في البلاد.
وشهدت أسعار العقارات في تونس في السنوات الخمس الأخيرة ارتفاعا غير مسبوق، على مستوى الوحدات الجاهزة وأراضي البناء.
وبالرغم من اختلاف التفسيرات في أسباب الارتفاع الصاروخي لأسعار المساكن، إلا أن هناك إجماعا على أن تواصل ارتفاع الأسعار ينبئ بأزمة في القطاع بسبب الركود التجاري الذي تعيشه الشركات حاليا وعجزها عن تسويق المشاريع الجديدة.
وتتكتم الجمعيات المهنية لـ"الباعثين" العقاريين عن الحجم الحقيقي للشقق والمباني غير المسوّقة، كما لم تتمكن الجهات الرسمية من حصر هذا العدد الذي تؤكد أطراف غير رسمية أنه يفوق 300 ألف شقة.
ويشتكي التونسيون عموما بمختلف شرائحهم الاجتماعية من الأسعار "المشطة" للعقارات، ممّا حوّل الرغبة في الحصول على شقة إلى حلم صعب المنال.
وتشترط المصارف التجارية عموما توفير نسبة 30% من سعر العقار كتمويل ذاتي مع تحديد مدة سداد القروض بعشرين عاما على أقصى تقدير، وهو ما يجعل أقساط السداد مرتفعة جدا وقد تأتي على جزء كبير من المرتب المتآكل بطبعه بسبب ارتفاع كلفة المعيشة.
ويعتبر رئيس "الجمعية المهنية للبعث العقاري والبناء"، الشاذلي السلامي، أن قطاع الإنشاءات والتطوير العقاري يحتاج إلى مراجعات جذرية في طرق التمويل وفي القوانين أيضا.
ويرى رئيس الجمعية، في تصريحه لـ "العربي الجديد"، أن إصلاح القطاع المصرفي في تونس يجب أن يكون مصحوبا بمراجعات شاملة لشروط إسناد قروض السكن، مؤكدا ضرورة خفض نسبة التمويل الذاتي المقدّرة حاليا بـ30% حاليا والنزول بها إلى 15% مع التمديد في فترة سداد القروض البنكية من 20 سنة حاليا إلى 35 سنة، لافتا إلى أن هذا الإجراء معمول به في جُل الدول المتقدمة ويسمح لعملاء البنوك بتمويلات أكبر وأريحية أكثر في تسديد القروض.

وأبرز الشاذلي السلامي أن الطبقة المتوسطة المتكونة من الوظائف المتوسطة والعليا ممّن تراوح أجورهم بين ألف وألفي دينار (بين 500 إلى ألف دولار) غير قادرين على الحصول على تمويلات لشراء شقق أو مساكن منفردة، داعيا إلى ضرورة التفكير الإيجابي في إيجاد حلول عملية وسريعة لهذه الطبقات التي تمثل السواد الأعظم من التونسيين.
وتشير الأرقام الرسمية لوزارة التجهيز والإسكان، إلى أن سعر المتر المربع من الأراضي في تونس بات يراوح على وجه العموم بين 1200 وثلاثة آلاف دينار تونسي (ما بين 800 و1500 دولار).
وتختلف هذه الأسعار من محافظة إلى أخرى، ففي الأحياء السكنية الراقية بكل من المنزه والنصر وحدائق قرطاج (الضواحي الشمالية للعاصمة)، يرتفع سعر المتر المربع من الأراضي إلى حدود 1900 دينار، ويصل إلى حدود 2500 دينار في المحافظات الساحلية.
وتسعى الحكومة إلى استعادة دورها في تعديل أسعار العقارات عبر تشجيع الشركات العمومية على إقامة مشاريع سكنية بأسعار معقلنة تجبر القطاع الخاص على خفض أسعاره.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن نحو 23% من التونسيين، لا يملكون مساكن خاصة، وهم يتنافسون بجهد كبير مع العائلات الأجنبية ويعيشون على الإيجار، وهذا على الرغم من وجود ما لا يقل عن 426.2 ألف شقة شاغرة لا يستغلها أصحابها.
ويعول الكثيرون على القطاع العقاري، لدفع الاقتصاد التونسي إلى الصمود في ظل الظروف الحالية، خاصة بعد تعرّض القطاع السياحي لضربات موجعة، بسبب العمليات الإرهابية التي استهدفت أماكن سياحية على مدار الأشهر الأخيرة. وبالإضافة إلى توفيره لعدد كبير من فرص الشغل وقدرته على استيعاب أعداد إضافية من اليد العاملة المختصة، يساهم القطاع العقاري بنسبة 14% من جملة الاستثمارات، وهو ما يعادل جميع الاستثمارات في القطاع الصناعي.
وتفيد الإحصائيات الرسمية لوزارة التجهيز والإسكان التونسية، بأن القطاع ساهم بنسبة 12.6% من القيمة المضافة للاقتصاد التونسي، ما جعله في المرتبة الأولى في هذا الإطار خلال السنوات الأخيرة.
وجعلت الأسعار المتزايدة للعقارات في تونس، هذا القطاع من المجالات الأكثر جذبا للاستثمارات بعد الثورة، وملاذا آمنا لرؤوس الأموال في ظل عدم الاستقرار السياسي والأمني. وشهدت السنوات الأربع الأخيرة إقبالاً كبيراً على المضاربة في عقارات الضاحية الشمالية للعاصمة المطلة على البحر، غير أن عدم قدرة التونسيين على اقتناء مساكن بالأسعار المتداولة بات يهدد أصحاب المشاريع بركود تجارتهم. (الدولار الأميركي يساوي نحو دينارين تونسيين).

اقرأ أيضا: تونس تواجه العام الجديد بموازنة "حرب"
المساهمون