انتعاش "خلو الرجل" للمحلات التجارية في اليمن

25 مارس 2019
ارتفاع الطلب على المحلات التجارية مع ندرة العرض(فرانس برس)
+ الخط -
دفع ارتفاع إيجار المحلات التجارية في اليمن بالتزامن مع عودة آلاف اليمنيين من السعودية لبلادهم، إلى انتعاش ظاهرة "خلو الرجل"، المعروفة محلياً باسم "نقل القدم".
ويعرف "خلو الرجل" بأنه مبلغ من المال يقدر فيه المستأجر للمحلات القديمة (صاحب العمل أو المهنة) أتعابه وقيمة الموقع، إضافة إلى الريع الذي يحققه من المحل التجاري، ويدفع المبلغ من قبل الجهة أو الشخص الراغب باستئجار المحل أو الاستثمار فيه بحسب الاتفاق بين الطرفين، ولا يسترد عند ترك الوحدة المؤجرة.

وهذه الطريقة في التأجير تقليد تجاري معروف ومعمول به في اليمن على نطاق محدود، لكنه يعيش حاليا طفرة حقيقية لعدة أسباب، أبرزها تدفق أموال المغتربين العائدين قسرا من السعودية، ما أدى إلى ارتفاع الطلب على المحلات والمكاتب التجارية مع ندرة العرض.
وشهدت قيمة "الخلو" للمحلات التجارية القديمة ارتفاعا قياسيا، خاصة في ثلاث مدن رئيسية، هي العاصمة المؤقتة عدن (جنوبي البلاد)، ومدينتا المكلا وتعز، حيث وصلت قيمة الخلو في بعض المحلات إلى 25 مليون ريال يمني (نحو 47 ألف دولار).

وأوضح الوسيط العقاري في مدينة تعز، أحمد الشرعبي، أن أسعار "خلو الرجل" ارتفعت إلى أرقام فلكية، قائلاً لـ"العربي الجديد": لدينا عشرة محلات نتفاوض على تأجيرها وفق مبدأ الخلو، أحدها في شارع جمال، وسط المدينة، ووصلت قيمة الخلو لأحد المحلات إلى عشرين مليون ريال (نحو 38 ألف دولار)، وفي الشوارع الجانبية، مثل شارع (المسبح)، يبلغ سعر الخلو 4 ملايين ريال.
وشهدت إيجارات المحلات والمكاتب التجارية في وسط مدينة تعز الخاضعة لسلطة الحكومة الشرعية، ارتفاعا ملحوظا منذ منتصف العام الماضي، وقدر خبراء عقارات أن الزيادات وصلت إلى ما يراوح بين 100 و150 بالمائة عن الأسعار قبل الحرب.

وفي العاصمة المؤقتة عدن (جنوب)، حيث مقر الحكومة، تراوح أسعار الخلو بين 9 آلاف و47 ألف دولار. وأوضح سالم رويس، وهو مالك مكتب عقارات، أن أسعار الخلو ارتفعت بمعدلات قياسية عقب عودة آلاف المغتربين اليمنيين قسرا من السعودية.
وتشهد مدينة عدن انتعاشاً غير مسبوق في قطاع العقارات والبناء، حيث تم بناء عشرات المباني الكبيرة منذ مطلع العام الجاري، وتقام مدن سكنية حديثة تعتمد نظام بيع الشقق بالتقسيط، وتعود بمعظمها لمغتربين، فيما يرجح خبراء أن يكون جزء من الانتعاش في العقار يرجع لأمراء حرب يقومون بغسل أموالهم.

وقال خبراء عقارات في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت (جنوب شرق)، على البحر العربي، إن أسعار بدل الخلو ارتفعت بين 150 و200 بالمائة منذ نهاية عام 2017، وإن المستأجرين الحاليين للمحلات يشترطون على الجدد دفع قيمة بدل الخلو بالريال السعودي ويرفضون التعامل بالعملة المحلية.
ومن جانبه اعتبر المحاسب القانوني طارق عبد الرشيد، أن الخلو يعد من الأصول غير الملموسة، ويسمى محاسبيا بدل "الشهرة"، وتمت معاملته مثل بند مصاريف التأسيس، وتقدر قيمته التي تتحدد عند شراء المحل وفق اتجاهات السوق والعديد من المعايير.

وقال عبد الرشيد لـ"العربي الجديد": "من وجهة نظري، يجب تحديد قيمته على ضوء الإيراد الذي يحققه المحل لفترة زمنية محدّدة، واحتساب الكلفة مع الأخذ بالاعتبار التوقعات المستقبلية للإيرادات".
ويشهد اليمن أزمة سكن حادة بسبب المعارك وحالة النزوح من مناطق الحوثيين على خلفية المضايقات والاعتقالات التي تنفذها الجماعة بحق الخصوم والناشطين. وتفاقمت الأزمة بصورة أكبر مع عودة آلاف المغتربين من السعودية، حتى بات الحصول على شقة للسكن أمراً صعباً للغاية مع ارتفاع الطلب وقلة المعروض من المساكن.
وفي المقابل، يشهد قطاع العقارات في اليمن انتعاشاً غير مسبوق رغم الحرب التي تعصف بالبلاد منذ 4 سنوات، والسبب، بحسب خبراء الاقتصاد، يرجع إلى عوامل عدة، أبرزها عودة المغتربين من السعودية وقيام أمراء الحرب بتبييض أموالهم، بالإضافة إلى حالة النزوح الداخلي من مناطق سيطرة الحوثيين إلى مناطق الحكومة.
ونشطت حركة البيع والشراء للأراضي وأعمال البناء بشكل غير متوقع في أربع مدن يمنية، فيما ارتفعت الأسعار إلى مستويات قياسية، أعلاها في مدينة مأرب الخاضعة للحكومة (شرق)، التي شهدت ارتفاعاً لأسعار العقارات بنسبة 500%، حسب خبراء عقارات ومتعاملين.

ودفعت تقلبات أسعار الصرف والتهاوي المتسارع للريال بمعظم المؤجرين إلى التحدث بلغة العملات الأجنبية، وباتوا يطلبون دفع الإيجار بالدولار والريال السعودي، خاصة منذ مطلع العام الجاري.


المساهمون