تونس: احتجاجات ضد زيادة أسعار المحروقات

01 ابريل 2019
احتجاجات تونسية الشهر الماضي على السياسات الحكومية (Getty)
+ الخط -

تحرّكت منظمات عدة ومواطنون تونسيون، اليوم الإثنين، ضد الزيادة في أسعار المحروقات التي أقرتها الحكومة يوم الأحد، داعين إلى إلغاء هذا التعديل وفتح حوار وطني حول الأسعار تكون فيه الزيادات مدروسة ولا تضر بمصالح المواطنين والقطاعات الاقتصادية.

وشهدت مناطق عدة في العاصمة والمحافظات الداخلية تحرّكات احتجاجية ضد الزيادة، حيث عمد أصحاب السيارات إلى إغلاق مداخل المدن، فيما تداول نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي دعوات للاستغناء عن وسائل النقل وتعطيل الحركة إلى حين استجابة الحكومة لمطلب خفض أسعار المحروقات.

قررت الحكومة التونسية رفع أسعار البنزين بنحو 4%، بالتزامن مع زيارة بعثة من صندوق النقد للدولة، لمراجعة الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة، قبل الإفراج عن شريحة جديدة من قرض متفق عليه قبل نحو عامين.

وقالت وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة التونسية، في بيان لها، في وقت متأخر من مساء السبت، إن رفع الأسعار يأتي في ظل الارتفاع المتواصل لأسعار النفط ومشتقاته العالمية.

وأشارت إلى أن سعر النفط الخام تجاوز، خلال الفترة الأخيرة من السنة، عتبة 68 دولاراً للبرميل، مضيفة أنه "استنادا إلى آلية التعديل الدوري لأسعار المحروقات تقرر إدخال تعديل جزئي على أسعار البيع للعموم (للمستهلكين) لبعض المواد البترولية".
وقالت الوزارة إن البنزين الخالي من الرصاص سيزيد 80 مليما (الدينار يحوي ألف مليم) ليصبح السعر الجديد 2065 مليما (0.68 دولار)، على أن يطبق السعر الجديد بدءا من يوم الأحد.

وأكّد رئيس منظمة الدفاع عن المستهلكين سليم سعد الله في تصريح لـ"العربي الجديد" أن هذه الزيادة في أسعار المحروقات ستجرّ وراءها قاطرة من الزيادات في مختلف الخدمات، متوقعاً طفرة أسعار قبل شهر رمضان المبارك.

وقال سعد الله إن التونسيين لم تعد لديهم القدرة على تحمّل الزيادات وإن الأسعار بلغت مستويات قياسية، منبهاً من تحركات اجتماعية قد تعقب القرار الحكومي.

بدوره، انتقد رئيس لجنة المالية بالبرلمان منجي الرحوي أن آلية التعديل الآلي لأسعار المحروقات تستعمل في تونس في اتجاه واحد باتجاه الترفيع، معتبراً أن الزيادة التي جرت الأحد في أسعار المحروقات مخالفة لأحكام قانون المالية.

وأشار الرحوي في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن البرلمان أقر في مشروع المالية معدل سعر البرميل في حدود 75 دولارا، معتبرا أن الحكومة لا تمتلك أي مبررات لزيارة الأسعار، نظرا لغياب أي كلفة إضافية للدعم المرصود للمحروقات في الموازنة، فضلا عن استقرار الأسعار في السوق العالمية عند 68 دولارا، بحسب قوله.

واعتبر أن الزيادة الأخيرة في سعر المحروقات هي احتيال من الحكومة على الشعب ونهب لمال المواطنين، باعتبار أن آلية التعديل الآلي تتم على أساس تغيّر سعر البرميل في السوق العالمية.

وأضاف أن الحكومة لا تبالي بارتفاع أو انخفاض سعر البرميل، بل أصبح التعديل الآلي يشمل الزيادة في جميع الحالات، معتبرا أن الشعب تعرض إلى عملية احتيال من الدولة.

وطالبت الجامعة الوطنية للنقل، يوم الإثنين، الحكومة، بالتراجع الفوري عن الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات، داعية إياها إلى تحمل المسؤولية "في حال وجود تحركات غير مؤطرة وردود أفعال لا تحمد عقباها وانعاكاساتها السلبية على البلاد".

وأفادت الجامعة (التابعة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية) في بلاغ لها، بأنها ستعلن خلال الساعات المقبلة عن القرارات التي ستتخذها للاحتجاج على هذه الزيادة، وذلك إثر اجتماعها بمنظوريها وبمختلف مكاتب الغرف النقابية الوطنية التابعة لها. معتبرة أن التعديل في سعر المحروقات سيؤدي إلى مزيد من انخرام التوازنات المالية لمؤسسات ومهن النقل بمختلف فروعه، وستدفع بأصحاب سيارات النقل العمومي غير المنتظم إلى الإفلاس.
وشددت الجامعة الوطنية للنقل على تأثير هذه الزيادة، الخامسة في ظرف ستة عشر شهرا، على مردودية قطاع النقل بمختلف أصنافه.

وكانت تونس قد رفعت أسعار المحروقات 4 مرات، العام الماضي 2018، آخرها في سبتمبر/ أيلول الماضي، في محاولة لكبح عجز الموازنة.

وتطبق الحكومة العديد من الإجراءات في إطار ضغوط المقرضين، وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي، الذي بدأت بعثة تابعة له زيارة إلى تونس، يوم الأربعاء الماضي، لمراجعة أداء الاقتصاد.

وأظهر مسح أجرته الصحيفة أن الحكومة رفعت أسعار الوقود بنحو 16%، منذ إبرام اتفاق مع صندوق النقد في 2016 لتنفيذ برنامج اقتصادي، يتضمن تقليص الدعم وترشيد الإنفاق، مقابل تمويل بقيمة 2.98 مليار دولار يصرف على مدى 4 سنوات.

كان صندوق النقد قد دعا السلطات التونسية، في بيان أصدره في 12 يونيو/ حزيران الماضي، إلى "سن زيادات ربع سنوية في أسعار الوقود".

ويعود خبراء صندوق النقد إلى تونس، هذه المرة، في إطار مهمة إجراء المراجعة الخامسة للاقتصاد، التي يتقرر على أساسها تمكين تونس من الحصول على القسط الخامس، البالغ قيمته 255 مليون دولار، من القرض المتفق عليه.
المساهمون