استمع إلى الملخص
- **تأثير إغلاق المعابر على الحياة اليومية والاقتصاد**: إغلاق المعابر أثر على حياة خمسة ملايين سوري، حيث تعتمد المنطقة على الوقود والكهرباء والمواد الغذائية من تركيا، مما أدى لارتفاع الأسعار وخنق الأسواق.
- **أهمية المعابر الحدودية والتبادل التجاري**: المعابر الحدودية تلعب دوراً حيوياً في التبادل التجاري والمساعدات الإنسانية، حيث يصل حجم التبادل التجاري بين تركيا والمناطق المحررة إلى ملياري دولار سنوياً.
أخذ الإغلاق المؤقت للمعابر الحدودية أبعاداً خطرة انطلاقاً من قدرة تركيا على التلويح لاحقاً بهذه الورقة التي تتحكم حتى في دخول المرضى وإخراجهم، فضلاً عن إمساكها بحركة المنتجات والسلع الاستهلاكية والطاقة، إن أرادت تمرير التطبيع مع نظام بشار الأسد في دمشق، أو وضع تلك المعابر تحت إمرته ضمن سلة اتفاقات قد يتم إنجازها روسية ووساطة عراقية.
في هذا الصدد، يقول الاقتصادي والمفتش السوري إبراهيم محمد إن لدى تركيا "ورقة ضغط " يمكن أن تستخدمها في حالات الاحتجاج وضرب المصالح التركية، أو حتى لتطويع السوريين وقبولهم التطبيع مع نظام بشار الأسد، وهي ورقة "الربط العضوي" وحصر مقدرات شمال شرق سورية بتركيا.
لكنه يستدرك في تصريح لـ"العربي الجديد" أن أنقرة حريصة على تلك المنطقة وتوطيد العلاقات، وربما ما حصل أخيراً، كانت رسائل متبادلة، وصل جزء منها إلى تركيا أن الشعب الذي ضحى بعقد من الزمن وعشرات آلاف الشهداء وملايين النازحين والمهجرين، لا يقبل بالظلم أو تمرير صفقات.
وفي الوقت نفسه، شعر أكثر من خمسة ملايين سوري في شمال شرقي البلاد بتأثير إغلاق المعابر على حياتهم اليومية، فلطالما أتى الوقود والكهرباء والمواد الغذائية من تركيا، ولا إخراج لمنتجات شمالي سورية، خاصة الزراعية، إلا من خلال المعابر مع تركيا. في المقابل، رأى رجل الأعمال السوري محمد فؤاد أن تركيا "ربطت الشمال المحرر باقتصادها"، ما يسهّل، برأيه، الضغط وحتى خنق الأسواق، فالقصة كما يقول لـ"العربي الجديد"، ليست التعامل بالليرة التركية من أكثر من خمسة ملايين سوري أو استيراد مواد استهلاكية من تركيا أو عبرها، بل تعدت ذلك إلى الطاقة من كهرباء ومشتقات نفطية والتحكم حتى فيما يدخل أو يخرج من شمال شرقي سورية عبر تركيا إلى الأسواق الدولية، لا سيما دول الخليج وأوروبا.
ويضيف فؤاد (58 سنة) أن تجربة إغلاق المعابر الأسبوع الماضي أحدثت مخاوف بالأسواق، فرفعت بعض أسعار السلع ونبّهت كثيرين إلى ضرورة تخزين مواد، وفي مقدمتها الطحين والمحروقات، ما يدل على أن تركيا هي شريان الحياة للشمال المحرر، وإغلاق المعابر سيبدل من حال الأسواق والمعيشة، بل التحكم حتى في المساعدات الدولية التي ستدخل، لا محالة عبر تركيا.
ولم تتأثر الأسواق والأسعار في المناطق الواقعة شمال سورية خلال الإغلاق المؤقت للمعابر الحدودية، كما يقول تاجر المواد الغذائية في منطقة "سرمدا" حسن حبابة لـ"العربي الجديد"، إلا أن الخوف من استمرار الإغلاق أحدث أزمة وقود "قليلة" بعد سعي كثيرين لتخزين المحروقات، كما ارتفعت أسعار بعض السلع الضرورية، مثل كيس الطحين الذي ارتفع سعره من 314 إلى 340 ليرة تركية.
ومن شأن توقف عبور الشاحنات، برأي التاجر محروس الخطيب، أن تكون له تداعيات على المدى المتوسط فيما لو استمر، علماً أن الأثر كان طفيفاً مع احتراق بعض الشاحنات، لأن شركات النقل التركية الخاصة هي التي تقوم بدور الناقل.
من جهته، يقول وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المعارضة، عبد الحكيم المصري، لـ"العربي الجديد" أن بيانات التبادل التجاري عن النصف الأول من هذا العام لم تصدر بعد، في حين أن التقديرات تشير إلى أنه سيناهز ملياري دولار على طول السنة، موضحاً أن نحو 700 شاحنة تدخل الأراضي السورية المحررة يومياً من تركيا، فيما بلغ حجم التبادل العام الماضي، نحو 1.25 مليار دولار هي قيمة المستوردات من تركيا مقابل نحو 300 مليون دولار صادرات لها، إضافة صادرات باتجاه الأسواق العربية والأوروبية "معظمها منتجات زراعية".
وتتصل مناطق المعارضة شمال سورية مع الأراضي التركية عبر مجموعة من المعابر البرية الرئيسية أهمها لجهة محافظة إدلب، معبر "باب الهوى" المدني التجاري وهو أكبرها وأهمها، يصل بين محافظة إدلب بولاية هاتاي جنوبي تركيا، وهو المعبر الوحيد المعتمد لدى الأمم المتحدة لعبور قوافل المساعدات الإنسانية.
أما معبر باب السلامة المدني التجاري أيضاً فيصل بين محافظة حلب وولاية كيليس جنوبي تركيا، وكان من ضِمن المعابر المعتمدة لدخول المساعدات الأممية إلى أن تم إيقاف تجديد دخول المساعدات عبره لاحقاً. ويصل معبر الراعي مدينتَي الراعي في حلب وجوبان باي جنوبي تركيا، وهو معبر تجاري.
وبالنسبة لمعبر جرابلس التجاري فيصل بين مدينتَيْ جرابلس شمال سورية وقرقميش جنوبي تركيا. كذلك، يصل معبر حمام المُنشأ عام 2019 ليكون عسكرياً، بين مدينة جنديرس التابعة لناحية عفرين شمال غربي سورية، وولاية هاتاي التركيا، ولاحقاً، تمت توسِعته ليصبح معبراً مدنياً تجارياً أيضاً.
ويستوعب كل واحد من هذه المعابر أكثر من 500 شاحنة تجارية يومياً، فيما تصل الطاقة القصوى إلى بعضها، مثل معبر باب الهوى، إلى 1000 شاحنة.