يؤثر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، مواجهة كل مشاكل الدنيا، برباعية أبيه "الصمود والتصدي والممانعة والمقاومة"، رغم انكشاف العورات وفقد تلك الشعارات القدرة على إطراب الشعوب، فما كان يخدر الناس أيام "المد الثوري ورمي إسرائيل في البحر" بات يضحكهم اليوم، بعد يقين شعوب المنطقة العربية، أن التوازن الاستراتيجي وامتلاك الأسلحة، كان لقمع الشعوب إن تطاولت على حكامها وتمادت في أحلامها لطلب المحال، من قبيل الحرية والعدالة بمنح الفرص واقتسام الثروة.
فما إن تراجع سعر صرف الليرة السورية الأسبوع الماضي إلى ما دون 3000 مقابل الدولار الواحد، حتى دفع الأسد مستشارته، بثينة شعبان، لتوصي الشعب بالصمود أمام الاستهداف الدولي وقانون قيصر.
وما إن ارتفعت الأسعار بأكثر من 30 ضعفاً عما كانت عليه مطلع 2011، حتى دفع الأسد برئيس مجلس الوزراء المقال اليوم، عماد خميس، ليرشد السوريين إلى ضرورة زراعة المساحات حول المؤسسات والدوائر الحكومية، طبعاً بعد توصية سابقة بزراعة شرفات المنازل والأسطح.
ولتسري رباعية، الولد وأبيه، لابد من السطوة واستعراض قوة الدولة، ما اضطر الأسد إلى الإيعاز لمسؤولي المصرف المركزي، بالتذكير بمرسوم سيادته، أن كل من يتعامل بغير الليرة السورية، سيسجن لسبع سنوات ولن يقبل إخلاء سبيله، بل وستصادر العملة ويدفع غرامة ثلاثة أمثالها.
وكل تلك الطرق مصحوبة بسيمفونية إعلامية، تبين للشعب الصامد أن قانون قيصر نال من الاقتصاد المنيع وهو سبب إفقار السوريين، لثني قائدهم الملهم والفذ، عن حلمه التطويري التنموي محلياً، وعن هدفه الوحدوي إقليمياً.
اقــرأ أيضاً
إن حاولنا ما استطعنا التوازن والهدوء أمام تلك "التخاريف" وسعينا بواقع اللامنطق، التعاطي بأدلة وحجج منطقية، فأين ستكون وجهة كفة الميزان، فيما لو استعرضنا الواقع الاقتصادي والمعيشي للسوريين اليوم، قبل أن نعلم ما هي الحزمة الأولى للعقوبات الأميركية العتيدة، وقبل أن يبدأ تطبيق قانون "قيصر"، الذي سيعلنه وزير الخارجية الأميركي، بومبيو، ليل 17 يونيو الجاري.
وسنحاول اعتماد النسب والأرقام والمؤشرات الصادرة عن دمشق، حكومة ومراكز أبحاث سورية أو صديقة، لئلا نوصف باعتماد أرقام مضللة صادرة عن جهات معادية وإرهابية، هدفها تشويه منجزات القائد الأسد.
فالمركز السوري لبحوث الدراسات "مستقل قريب من الأسد مركزه بيروت" قال إن خسائر الحرب التي شنها الأسد على الثورة والسوريين، بلغت 530 مليار دولار، وذلك حتى نهاية العام المنصرم، أي قبل أن يشن الأسد وبوتين، حملتهما العسكرية الأخيرة، مطلع العام الجاري، على محافظة إدلب وما نجم عنها من خسائر مالية وبشرية.
ويقول مركز قاسيون "مستقل مركزه دمشق" إن نسبة الفقر في سورية تعدت 90% والبطالة زادت عن 83%، وإن كلفة معيشة الأسرة السورية، في واقع ارتفاع الأسعار، زادت عن 500 ألف ليرة، في حين متوسط الأجور لم يزل عند عتبة 50 ألف ليرة.
تشير مصادر من دمشق، ومتعددة، إلى أن الناتج المحلي الإجمالي، تراجع من نحو 60 مليار دولار عام 2010 إلى أقل من 11 مليار دولار نهاية العام الماضي.
قالت هيئة تخطيط الدولة في حكومة الأسد، إن عجز موازنة 2020 المقدرة بـ4000 مليار ليرة، ومنذ إقرارها، يقدر بنحو 1400 مليار ليرة.
ولن نتكلم عن الديون الخارجية التي يقال إنها بعشرات مليارات الدولارات، أو صفرية السياحة وسلبية الميزان التجاري، ولا عن الخسائر القطاعية ولا حتى مستوى الجريمة في سورية، بعد أن فقد السوريون أي طرائق لتدبر أمور معيشتهم، بعد أن باعوا كل ما يباع.
إذاً، بعد هذه الجولة القصيرة لواقع الاقتصاد ومعيشة السوريين، وقبل تطبيق قانون قيصر، فهل يتحمل القانون والذي لم يعرف أحد، حتى اليوم، مضمونه بدقة أو الدول والقطاعات التي سيطاولها، وبالتالي الآثار المتوقعة على الاقتصاد والسوريين.
نهاية القول سؤالان: الأول، كيف يمكن أن يؤثر قانون "قيصر" على الاقتصاد والسوريين؟ فربما من الخطأ، قياس القانون الأميركي الجديد، على مقاس العقوبات السابقة، العربية أو الأوروبية وحتى الأميركية، والتي صدرت منذ منتصف 2011 حتى الشهر الفائت، إذ ثمة تغيير وكبير، في الواقع السوري وحلفاء الأسد وحتى جدية المعاقبين. فغض الطرف والتآمر في السابق، الأرجح أن لا نراه بعد قيصر، إن لجهة التمويل والدعم والواردات، أو حتى على صعيد إغراء إعادة الإعمار وتأجير ما تبقى من سورية مفروشا.
وربما الأهم، أن لتأدية بشار الأسد، كامل الدور الوظيفي اليوم، من تهديم وقتل وتهجير، يدفع العالم وفي مقدمته واشنطن للقول: يكفي قبل أن تتحول سورية إلى دولة فاشلة، ستتأذى ولاشك دول جوارها.
لذا، سيكون أثر القانون بليغا، على سعر صرف العملة المتهاوية أصلاً، وعلى المستوردات وبالتالي العرض السلعي وغلاء الأسعار، فستزداد نسبة الفقر والجوعى والعاطلين، أكثر مما هي عليه، وفق ما أتينا إليه من نسب وأرقام، هي الأسوأ على مستوى العالم.
وأما السؤال الثاني والأهم والذي يطرحه سوريون على نحو يومي، هل الأثر سيكون فقط على السوريين، فيزيد من عوزهم وجوعهم، أم سيطاول العصابة الحاكمة وربما يصل إلى إسقاط الأسد أو تسريع الإسقاط.
الأرجح، لا تسقط العقوبات الاقتصادية الأنظمة المستبدة، بل ثمة ديكتاتوريين. وخلال العصر الحديث، استخدموها في صالحهم، إن في كوبا وكوريا الشمالية أو السودان والعراق وليبيا، ويدفع، في الغالب، الشعب ثمن الحصار، من معدته وأمنه وحتى قيمه الأخلاقية.
بيد أن الحال في دمشق مختلف على ما نحسب، فإن لم نتوقف عند اختلاف الفترة الزمنية والتحالفات، على أهميتهما.
وغنى تلك الدول بثرواتها وإنتاجها، ولم نستذكر جرائم الأسد التي لن تسقط بالتقادم أو بالرشى، لنأخذ في الاعتبار أمرين اثنين فقط، الأول أن حمل بشار الأسد المفلس، بات عبئاً وخطراً على حلفاء الأمس، في موسكو وطهران.
والثاني أن الدور الموكل تمت تأديته بشكل شبه كامل، ما يعني، استنتاجاً، إن لم يسقط "قيصر" الأسد من بوابة الاقتصاد أو التمرد الداخلي، فسيسرّع ولا شك في إزاحته، إن عبر طاولة المفاوضات التي سيلجأ إليها مرغماً، أو استضافته في إحدى العواصم.. أو ربما انتحاره على الطريقة السورية، بخمس طلقات وربما أكثر.
إذاً، قيصر الذي لم يصدر بعد، ليس السبب في فقر السوريين وقتلهم وتشريدهم، بل السبب هو القائد الممانع.. وإن أسقط قيصر بشار الأسد أو ساهم في سقوطه، فلا ينسب للقانون الأميركي الفضل، بل للسوريين الذين ثاروا وضحوا وخلخلوا النظام المافيوي في دمشق، حتى بات آيلاً للسقوط، بقيصر أو حتى من دون قيصر.
وما إن ارتفعت الأسعار بأكثر من 30 ضعفاً عما كانت عليه مطلع 2011، حتى دفع الأسد برئيس مجلس الوزراء المقال اليوم، عماد خميس، ليرشد السوريين إلى ضرورة زراعة المساحات حول المؤسسات والدوائر الحكومية، طبعاً بعد توصية سابقة بزراعة شرفات المنازل والأسطح.
ولتسري رباعية، الولد وأبيه، لابد من السطوة واستعراض قوة الدولة، ما اضطر الأسد إلى الإيعاز لمسؤولي المصرف المركزي، بالتذكير بمرسوم سيادته، أن كل من يتعامل بغير الليرة السورية، سيسجن لسبع سنوات ولن يقبل إخلاء سبيله، بل وستصادر العملة ويدفع غرامة ثلاثة أمثالها.
وكل تلك الطرق مصحوبة بسيمفونية إعلامية، تبين للشعب الصامد أن قانون قيصر نال من الاقتصاد المنيع وهو سبب إفقار السوريين، لثني قائدهم الملهم والفذ، عن حلمه التطويري التنموي محلياً، وعن هدفه الوحدوي إقليمياً.
وسنحاول اعتماد النسب والأرقام والمؤشرات الصادرة عن دمشق، حكومة ومراكز أبحاث سورية أو صديقة، لئلا نوصف باعتماد أرقام مضللة صادرة عن جهات معادية وإرهابية، هدفها تشويه منجزات القائد الأسد.
فالمركز السوري لبحوث الدراسات "مستقل قريب من الأسد مركزه بيروت" قال إن خسائر الحرب التي شنها الأسد على الثورة والسوريين، بلغت 530 مليار دولار، وذلك حتى نهاية العام المنصرم، أي قبل أن يشن الأسد وبوتين، حملتهما العسكرية الأخيرة، مطلع العام الجاري، على محافظة إدلب وما نجم عنها من خسائر مالية وبشرية.
ويقول مركز قاسيون "مستقل مركزه دمشق" إن نسبة الفقر في سورية تعدت 90% والبطالة زادت عن 83%، وإن كلفة معيشة الأسرة السورية، في واقع ارتفاع الأسعار، زادت عن 500 ألف ليرة، في حين متوسط الأجور لم يزل عند عتبة 50 ألف ليرة.
تشير مصادر من دمشق، ومتعددة، إلى أن الناتج المحلي الإجمالي، تراجع من نحو 60 مليار دولار عام 2010 إلى أقل من 11 مليار دولار نهاية العام الماضي.
قالت هيئة تخطيط الدولة في حكومة الأسد، إن عجز موازنة 2020 المقدرة بـ4000 مليار ليرة، ومنذ إقرارها، يقدر بنحو 1400 مليار ليرة.
ولن نتكلم عن الديون الخارجية التي يقال إنها بعشرات مليارات الدولارات، أو صفرية السياحة وسلبية الميزان التجاري، ولا عن الخسائر القطاعية ولا حتى مستوى الجريمة في سورية، بعد أن فقد السوريون أي طرائق لتدبر أمور معيشتهم، بعد أن باعوا كل ما يباع.
إذاً، بعد هذه الجولة القصيرة لواقع الاقتصاد ومعيشة السوريين، وقبل تطبيق قانون قيصر، فهل يتحمل القانون والذي لم يعرف أحد، حتى اليوم، مضمونه بدقة أو الدول والقطاعات التي سيطاولها، وبالتالي الآثار المتوقعة على الاقتصاد والسوريين.
نهاية القول سؤالان: الأول، كيف يمكن أن يؤثر قانون "قيصر" على الاقتصاد والسوريين؟ فربما من الخطأ، قياس القانون الأميركي الجديد، على مقاس العقوبات السابقة، العربية أو الأوروبية وحتى الأميركية، والتي صدرت منذ منتصف 2011 حتى الشهر الفائت، إذ ثمة تغيير وكبير، في الواقع السوري وحلفاء الأسد وحتى جدية المعاقبين. فغض الطرف والتآمر في السابق، الأرجح أن لا نراه بعد قيصر، إن لجهة التمويل والدعم والواردات، أو حتى على صعيد إغراء إعادة الإعمار وتأجير ما تبقى من سورية مفروشا.
وربما الأهم، أن لتأدية بشار الأسد، كامل الدور الوظيفي اليوم، من تهديم وقتل وتهجير، يدفع العالم وفي مقدمته واشنطن للقول: يكفي قبل أن تتحول سورية إلى دولة فاشلة، ستتأذى ولاشك دول جوارها.
لذا، سيكون أثر القانون بليغا، على سعر صرف العملة المتهاوية أصلاً، وعلى المستوردات وبالتالي العرض السلعي وغلاء الأسعار، فستزداد نسبة الفقر والجوعى والعاطلين، أكثر مما هي عليه، وفق ما أتينا إليه من نسب وأرقام، هي الأسوأ على مستوى العالم.
وأما السؤال الثاني والأهم والذي يطرحه سوريون على نحو يومي، هل الأثر سيكون فقط على السوريين، فيزيد من عوزهم وجوعهم، أم سيطاول العصابة الحاكمة وربما يصل إلى إسقاط الأسد أو تسريع الإسقاط.
الأرجح، لا تسقط العقوبات الاقتصادية الأنظمة المستبدة، بل ثمة ديكتاتوريين. وخلال العصر الحديث، استخدموها في صالحهم، إن في كوبا وكوريا الشمالية أو السودان والعراق وليبيا، ويدفع، في الغالب، الشعب ثمن الحصار، من معدته وأمنه وحتى قيمه الأخلاقية.
بيد أن الحال في دمشق مختلف على ما نحسب، فإن لم نتوقف عند اختلاف الفترة الزمنية والتحالفات، على أهميتهما.
وغنى تلك الدول بثرواتها وإنتاجها، ولم نستذكر جرائم الأسد التي لن تسقط بالتقادم أو بالرشى، لنأخذ في الاعتبار أمرين اثنين فقط، الأول أن حمل بشار الأسد المفلس، بات عبئاً وخطراً على حلفاء الأمس، في موسكو وطهران.
والثاني أن الدور الموكل تمت تأديته بشكل شبه كامل، ما يعني، استنتاجاً، إن لم يسقط "قيصر" الأسد من بوابة الاقتصاد أو التمرد الداخلي، فسيسرّع ولا شك في إزاحته، إن عبر طاولة المفاوضات التي سيلجأ إليها مرغماً، أو استضافته في إحدى العواصم.. أو ربما انتحاره على الطريقة السورية، بخمس طلقات وربما أكثر.
إذاً، قيصر الذي لم يصدر بعد، ليس السبب في فقر السوريين وقتلهم وتشريدهم، بل السبب هو القائد الممانع.. وإن أسقط قيصر بشار الأسد أو ساهم في سقوطه، فلا ينسب للقانون الأميركي الفضل، بل للسوريين الذين ثاروا وضحوا وخلخلوا النظام المافيوي في دمشق، حتى بات آيلاً للسقوط، بقيصر أو حتى من دون قيصر.