تغييرات الجزائر: "لعبة الكراسي" لا تصلح لحلّ الأزمة

14 يونيو 2016
الأزمة الاقتصادية تزيد حدة الأعباء الاجتماعية في الجزائر(فرانس برس)
+ الخط -
دفعت الأزمة التي تعصف بالاقتصاد الجزائري بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى إحداث تغيير جزئي على الجهاز التنفيذي هو الثاني في ظرف ثلاثة عشر شهراً، طاول أغلب القطاعات الاقتصادية في البلاد، ما يوحي بأن الأزمة الاقتصادية بلغت ذروتها وتتطلب تشكيل حكومة "طوارئ" لمواجهة الوضع الحالي.
لكن ثمة مراقبين يؤكدون لـ "العربي الجديد" أن التغييرات التي لم تأت في أغلبها بمسؤولين من خارج الصف الأول "المعهود"، لن تحمل جديداً يُذكر بشأن مجابهة الأزمة التي تشتد على البلاد يوماً بعد الآخر.
رياح التغيير مست قطاع المالية والطاقة بالإضافة إلى الزراعة والموارد المائية والسياحة، مع إدماج قطاعي النقل والأشغال العمومية في حقيبة واحدة، في إجراء يهدف إلى تقليص الإنفاق الحكومي على الوزارات، مع استحداث وزارة جديدة منتدبة لدى وزارة المالية، مكلفة بالاقتصاد الرقمي وتحديث الأنظمة المالية.
ويرى أستاذ الاقتصاد النقدي في جامعة تيارت الجزائرية، عبد الرحمن عية، أن التعديلات مست عصب الاقتصاد الوطني حيث أخفق الوزراء السابقون في إيجاد حلول للخروج من الأزمة المالية الخانقة، وسرّعها التقرير الثالث لصندوق النقد الدولي الذي حذر دول الخليج والجزائر من التأخر في إيجاد حلول جذرية، وطالبها بضرورة تسريع الوتيرة لإيجاد البدائل.
إلا أن عية يلاحظ أن هذه التغييرات الوزارية "هي أقرب إلى تسويات إدارية من منطلق أنه تم تعيين مسؤولين سابقين كان بإمكانهم المساهمة في التخفيف من الأزمة من مواقعهم السابقة".
وعن المغادرين لحكومة رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال الرابعة، يقول عية في حديث مع "العربي الجديد" إن وزير الطاقة السابق صالح خبري لم يكلف نفسه عناء إيجاد مخرج أو حتى التفكير في تكثيف الدور الدبلوماسي لتحسين أسعار النفط، حيث كان غائباً تماماً.
وعن القادم الجديد للوزارة، يعتقد المتحدث ذاته أن تعيين نور الدين بوطرفة كوزير جديد للطاقة، يعتبر مؤشراً لتوجه الجزائر نحو إعطاء الأولوية للسياسة الطاقية الداخلية على حساب الخارجية، بعدما اتضح للعام والخاص أن عودة الأسعار للارتفاع مستبعدة جداً على الأقل حتى عام 2020.
وعليه فتعيين المدير العام السابق لشركة توزيع الغاز والكهرباء "سونلغاز" مؤشر لإمكانية رفع أسعار مختلف المنتجات الطاقية، سواء الوقود أو الكهرباء، لترشيد الاستهلاك من جهة والتخفيف من العجز من جهة أخرى والدفع بمشاريع الطاقات المتجددة.

أما عن إقالة وزير المالية السابق عبد الرحمن بن خالفة بعد 13 شهراً من تنصيبه على رأس القطاع، فيعتقد عية أن وزير المالية السابق اقترح جملة من الحلول الاقتصادية لكنه لم يكترث بمسألة تجسيدها على غرار "المصالحة الضريبية" وإطلاق أكبر عملية استدانة داخلية من خلال طرح "سندات دين محلي"، ما عجل بتعويضه بالوزير المنتدب للميزانية الحاجي بابا عمي الذي يتميز بخبرة في المسائل المالية والنقدية.
وعمل بابا عمي، منذ عام 2013 في منصب محافظ لدى بنك التنمية الأفريقي، وهو هيئة قارية متعددة الأطراف تهدف إلى المساهمة في التنمية الاقتصادية والرقي الاجتماعي للدول الأعضاء، وقبلها شغل منصب المدير العام للخزينة العمومية في الجزائر في الفترة الممتدة بين مايو/ أيار 2005 ويونيو/ حزيران 2013.
وفي قراءة تقنية لاستحداث وزارة جديدة منتدبة لدى وزارة المالية مكلفة بالاقتصاد الرقمي وعصرنة الأنظمة المالية فيعتبر أستاذ الاقتصاد النقدي أن استحداثها يعتبر أمراً إيجابياً قد يعالج الأزمة الحالية من خلال التحكم في السيولة، وضبط التضخم، وكبح التهرب الضريبي وتهريب العملة.
وبحكم التجارب السابقة في ميدان التغييرات الحكومية التي تفرضها الظروف السياسية أو الاقتصادية، يجد الكثير من المراقبين للشأن الاقتصادي في الجزائر صعوبة في إيجاد تفاؤل بالتغييرات التي مست القطاعات الاقتصادية، من بينهم الخبير الاقتصادي فرحات أيت علي، الذي بدا متشائماً.
ويتساءل أيت علي، عن "الجديد الذي سيضيفه وزير المالية بابا عمي، صاحب 72 سنة، والذي كرس جل حياته المهنية في القطاع البنكي كسلفه عبد الرحمن بن خالفة، أو عن الجديد الذي سيضيفه عبد الوهاب نوري في قطاع السياحة بعد ترحاله في ظرف سنتين من قطاع الزراعة إلى الموارد المائية".
وتابع: "نفس الشيء بالنسبة لوزير الموارد المائية الجديد الذي كان وزيراً للأشغال العمومية لمدة 13 شهراً، فإذا كان هؤلاء ناجحين في تسيير قطاعاتهم السابقة لماذا تم تغييرهم إلى قطاعات أخرى وإذا فشلوا لماذا يتم الاحتفاظ بهم".
وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قد أجرى تعديلاً وزارياً جزئياً تم بموجبه إنهاء مهام أربعة وزراء، منهم وزير الطاقة صالح خبري وتعيين المدير العام لشركة الكهرباء نور الدين بوطرفة مكانه، وإنهاء مهام وزير السياحة عمارغول، وتعيين وزير الموارد المائية عبد الوهاب نوري خلفاً له.
كما تم بموجب التغيير الحكومي الذي تم في 11 يونيو/حزيران الجاري، إنهاء مهام وزير المالية عبد الرحمن خالفة وتعيين حاجي بابا عمي خلفاً له، كما تضمن التعديل الوزاري أيضاً، إنهاء مهام الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان الطاهر خاوة وتعيين نائبة رئيس البرلمان غنية ايداليا، خلفاً له.

المساهمون