معركة خفض الفائدة بين ترامب وأردوغان

20 فبراير 2020
ترامب يواصل ضغوطه على الفيدرالي (فرانس برس)
+ الخط -
على مدى الأسابيع الماضية، كثف الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجومه وانتقاداته لمجلس الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي"، بحجة رفض البنك مطالبه المتواصلة بخفض سعر الفائدة على الدولار للصفر أو لأقل من الصفر.

ولم يتوقف ترامب عن مواصلة ضغوطه على مجلس إدارة البنك المركزي منذ توليه منصبه بداية من العام 2017، ووصل إلى حد إعلان ندمه على ترشيح جيرومي باول لمنصب محافظ البنك واتهام قيادات الفيدرالي بالتقصير في عملها لرفضها سياسة الخفض.

بل إن مصادر غربية تحدثت مرات عن أن ترامب يفكر في إقالة باول من منصبه، واستبداله بشخصية أكثر ولاء له واقتناعاً بسياساته الاقتصادية والمالية.

ترامب لديه قناعة تقول إن خفض أسعار الفائدة يفيد الاقتصاد الأميركي، حيث يرفع معدل النمو، ويمنح مزيداً من التحفيزات لتعزيز الاقتصاد الكلي، وينعش الاستثمارات المباشرة، ويتيح قروضاً لرجال الأعمال بسعر فائدة رخيص.

كما أن خفض الفائدة سيدعم أسواق المال الأميركية وينعش البورصات وأسواق الأسهم، ولذا يربح مستثمرو "وول ستريت" مزيداً من مليارات الدولارات، وهذا كله سيفيد ترامب في معركة انتخابات الرئاسة المقبلة 2020 والتي يسعى للفوز بها لمرة ثانية.

ترامب ينظر للأمر هنا ليس من كونه رئيس دولة، بل كرجل أعمال وبزنس مان يريد الحصول على قروض مصرفية لتمويل مشروعاته الاستثمارية والانتاجية بتكلفة قليلة.

لكن البنك المركزي الأميركي لديه قناعات مالية واقتصادية واعتبارات نقدية أخرى تختلف عن قناعات ترامب؛ فالبنك يحدد سعر الفائدة طبقا للعديد من المؤشرات، منها البطالة وسوق العمل ونمو الأجور ومعدل النمو والتضخم.

لذا يرفض البنك ضغوط الرئيس الأميركي وابتزازاته المتواصلة لخفض سعر  الفائدة، ومن آن لأخر يضرب الاحتياطي الفيدرالي بتهديدات وضغوطات ترامب عرض الحائط انطلاقا من كونه مؤسسة لها استقلالية كاملة في إدارة السياسة النقدية وتحديد اتجاهات أسعار الفائدة والصرف والرقابة على البنوك.

وفي تركيا لا يختلف الوضع كثيرا عن الولايات المتحدة في قصة الضغوط التي تمارسها الرئاسة والحكومة على البنك المركزي لخفض سعر الفائدة بهدف تشجيع الاستثمار وتنشيط الاقتصاد وخفض تكلفة الأموال في المجتمع.

فالرئيس رجب طيب أردوغان، يصر على التدخل في إدارة السياسة النقدية المكلف بها البنك المركزي التركي، ويضغط على البنك المركزي لخفض سعر الفائدة على الليرة. وهي نفس السياسة التي يتبعها ترامب منذ 3 سنوات.

أمس الأربعاء، خاطب أردوغان نواباً من حزب "العدالة والتنمية" في البرلمان، قائلا إنّ الحكومة تتمسك بتصميمها على خفض أسعار الفائدة والتضخم.

وهذا التصريح يمثل أحدث حلقات الضغوط التي تمارسها الرئاسة التركية على البنك المركزي، الذي قد يواجه مشكلة تكمن في ضرورة المحافظة على سعر الفائدة عند مستوياتها الحالية خاصة مع تذبذب سعر صرف الليرة وزيادة معدل التضخم.

ورغم تشابه الضغوط التي يمارسها ترامب وأردوغان على البنكين المركزيين، إلا أن الاختلاف هنا يكمن في أن الأول لا يستطيع إقالة محافظ الاحتياطي الفيدرالي بسبب الاستقلالية التي يتمتع بها البنك في إدارة السياسة النقدية، كما أن الأعراف المصرفية الأميركية المتعارف عليها تحظر على رئيس الدولة عزل محافظ البنك المركزي الأميركي.

أما أردوغان فقد أقال محافظ البنك المركزي التركي، مراد تشتين قايا، في شهر يوليو الماضي واستبدله بنائبه مراد أويصال لرفضه خفض سعر الفائدة، مستنداً في ذلك إلى نصوص القانون التي تعطي لرئيس الجمهورية الحق في عزل المحافظ.
دلالات
المساهمون