بدأ احتياطي تونس من النقد الأجنبي في تخطّي مراحل الخطر، بعد أن صعد إلى مستوى 18.9 مليار دينار (6.6 مليارات دولار)، وفق بيانات حديثة صادرة عن البنك المركزي، بينما هدد ضعف الاحتياطي في فترات سابقة واردات البلاد من المواد الأساسية.
وارتفعت نسبة تغطية احتياطي النقد الأجنبي للواردات إلى حدود 107 أيام، حتى يوم الجمعة الماضي، بزيادة تبلغ نسبتها 30 في المائة عن ذات الفترة من العام الماضي، التي كان فيها الاحتياطي لا يغطي سوى نحو 77 يوماً من الواردات.
ويرجع خبراء اقتصاد، ارتفاع الاحتياطي النقدي، إلى نمو عائدات السياحة وتحويلات المغتربين وصعود الصادرات الزراعية، مقابل ضوابط على الاستيراد قلصت استنزاف النقد الأجنبي لدى البنك المركزي.
وتجاوزت إيرادات السياحة 5 مليارات دينار، إلى غاية 20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بارتفاع بلغت نسبته 38.3 بالمائة عن الفترة المناظرة من العام الماضي، وفق بيانات نشرتها وزارة السياحة قبل أيام.
ورغم الزيادة المحققة في الاحتياطي، إلا أن خبراء الاقتصاد يبدون قلقاً من إمكانية تراجع الرصيد المسجل، في ظل ارتفاع خدمة الدين وسداد جزء من أقساط الديون المستحقة خلال الأشهر الأولى من العام المقبل 2020.
ويقول معز الجودي، الخبير الاقتصادي لـ"العربي الجديد" إن العام الجاري سجل معدلات قياسية في عائدات تصدير الحاصلات الزراعية على غرار الحبوب والزيتون والتمور، مشيرا إلى أن زيادة صادرات هذه السلع، بالإضافة إلى أن تقليص واردات الغذاء، أديا إلى زيادة رصيد العملة الصعبة.
ويضيف الجودي أن النمو في احتياطي النقد الأجنبي قد يكون ظرفياً، في ظل تواصل الأسباب الهيكلية التي أدت عام 2018 إلى هبوطه إلى مستويات قياسية لم تسجلها البلاد من أكثر من عقدين، موضحا أن نمو الاحتياطي لا يقوم على ركائز صلبة بعودة محركات الإنتاج وخلق الثروة، بل مرده محاصيل قياسية لمواد زراعية هذا العام وزيادة في إيرادات السياحة.
ويشير إلى أن تونس ما تزال تسجل عجزا تجاريا، ما يهدد مخزون العملة الصعبة، فضلا عن زيادة كلفة خدمة الدين وحلول آجال جملة من أقساط القروض التي ستسددها تونس في الأشهر القادمة.
وزاد العجز التجاري لتونس، خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي، إلى 16.5 مليار دينار، مقابل 15.9 مليار دينار خلال نفس الفترة من 2018، وفق بيانات صادرة أخيرا عن معهد الإحصاء.
وتشير الأرقام الواردة في مسودة مشروع موازنة العام المقبل، التي بدأ البرلمان في مناقشتها، إلى أن تونس ستسدد ديوناً بقيمة 11.6 مليار دينار (4.1 مليارات دولار)، موزعة بواقع 7.9 مليارات دينار دينا أصليا، و3.7 مليارات دينار، فوائد على الديون.
ويقول أرام بالحاج، المحلل المالي، إن سداد الديون هو أكبر خطر على احتاطي النقد الأجنبي، مشيرا إلى أن مجموع إيرادات السياحة وصادرات المواد الزراعية لا ترتقي إلى حدود 3 مليارات دولار.
ويرجح بالحاج، في حديث لـ"العربي الجديد"، لجوء الحكومة إلى السوق الدولية، للاقتراض من أجل تمويل الموازنة وسداد أقساط القروض العاجلة.