بوادر خلاف بين بروكسل وبريطانيا حول 60 مليار دولار

30 مارس 2017
رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي (Getty)
+ الخط -
رصدت مصادر أوروبية بوادر خلاف بين بروكسل ولندن حول 60 مليار دولار
تكلفة انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، فيما أكدت مصادر بحكومة تيريزا ماي أن لندن لن تسدد هذا المبلغ للمفوضية الأوروبية خلال عملية التفاوض حول البريكست.

وكانت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي قد وقعت أمس الأربعاء على إجراءات انفصال بلادها عن الاتحاد الأوروبي (بريكست) من خلال تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة، لتبدأ بريطانيا عهداً جديداً من العلاقات الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي.

ويبدو أن تكلفة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ستكون محور مناقشات ومباحثات خلال الفترة القادمة، خاصة وأن الفاتورة تبدو مرتفعة نوعاً ما، إذ أنها تقدر بنحو 60 مليار يورو، بما يشمل التزامات قطعتها لندن في إطار الموازنة الأوروبية حتى العام 2020، وأيضاً تسديد رواتب التقاعد لموظفي الإدارات الأوروبية.

وفي الوقت الذي أكدت مصادر بالمفوضية الأوربية أن على لندن سداد المبلغ قبل الخروج من الاتحاد الأوربي، استبعد الوزير البريطاني المسؤول عن شؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي ديفيد ديفيس ذلك، قائلاً إنه لا يتوقع أن تضطر بريطانيا لدفع 50 مليار جنيه استرليني (62 مليار دولار) للاتحاد الأوروبي في إطار عملية الانفصال، مضيفاً أن عصر دفع مبالغ ضخمة لبروكسل انتهى.

وكانت تقارير إعلامية بريطانية ألمحت إلى أن بريطانيا قد تضطر لدفع ما بين 50 و60 مليار جنيه استرليني من أجل الوفاء بتعهداتها القائمة في الميزانية في سياق التفاوض للخروج من الاتحاد.

وقال ديفيس لمحطة آي.تي.في التلفزيونية اليوم الخميس "لم تقدم المفوضية أي طلب لنا. لكن رؤيتنا بسيطة للغاية، سنفي بالتزاماتنا فنحن بلد يلتزم بالقانون".

وأضاف "سنضطلع بمسؤولياتنا لكننا لا نتوقع أي شيء من هذا القبيل، لقد ولى عهد سداد مبالغ ضخمة للاتحاد الأوروبي لذا بمجرد خروجنا ينتهي الأمر".

وما يعزز موقف الوزير، هو قرار لجنة برلمانية بريطانية بوجود قانون يسمح لبريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون تسديد نفقات رحيلها، محذرة في المقابل من عواقب سياسية ومالية قد تلحق بها جراء ذلك.

وأوضحت اللجنة التابعة لمجلس اللوردات، أن هذا السيناريو ممكن في حال عدم التوصل إلى أي اتفاق تجاري بين بريطانيا وبروكسل، في ختام المفاوضات حول بريكست.

وكتبت رئيسة اللجنة الفرعية للشؤون المالية الأوروبية، كيشوير فوكنر، في مقدمة التقرير أن المملكة المتحدة تمتلك حججاً قانونية متينة حول مسألة الميزانية الأوروبية ما بعد بريكست، ملمحة بذلك إلى أن بوسع لندن الخروج من الاتحاد الأوروبي بدون تسديد فاتورتها.

الإلغاء الكبير

واعتباراً من اليوم الخميس، تنشر حكومة تيريزا ماي الكتاب الأبيض لمشروع قانون بعنوان "الإلغاء الكبير" من أجل إلغاء مادة من القانون تعود إلى 1972، وأتاحت دمج التشريع الأوروبي في القانون البريطاني.

والهدف من مشروع القانون الجديد، تحويل هذه التشريعات الأوروبية إلى قوانين محلية والاحتفاظ بالقوانين المفيدة منها مع إلغاء الباقي.

وكانت ماي قد أكدت أمام مجلس العموم، أمس الأربعاء، أن ذلك من شأنه أن يوضح الطريقة التي سنقوم بها بنقل الأحكام المهمة لمحكمة العدل الأوروبية.

اجتماع أوروبي

في تطور آخر تشير تقارير إعلامية إلى أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ستتوجه الخميس، إلى فاليتا للمشاركة في مؤتمر الحزب الشعبي الأوروبي الذي يضم الأحزاب المحافظة.

وحسب مراقبين "سيكون ذلك مناسبة لعقد أول لقاء بين الأوروبيين، خاصة وأن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ورئيس الوزراء الإسباني مريانو راخوي سيحضرون الاجتماع".

ومن المقرر أن يعرض توسك مقترحات حول "توجهات المفاوضات" التي ستحدد بشكل عام الخطوط الحمر التي يجب عدم تجاوزها على صعيد الاتحاد الأوروبي، من أجل التوصل إلى اتفاق حول خروج بريطانيا. وسيتم عرض هذه المقترحات على قادة الدول الـ27 الأعضاء، خلال قمة في بروكسل في 29 أبريل/نيسان.

من الملفات الشائكة: الإسترليني (Getty)


ملفات شائكة

من جهة أخرى، يبدو أن هناك ملفات شائكة، وعديدة لمناقشتها، ومن أهمها، بحسب رئيس وزراء مالطا، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، ضعف الجنيه الإسترليني، حيث قال أمس الأربعاء، إن منطقة اليورو ستحتاج إلى مناقشة أثر ضعف الجنيه الاسترليني أثناء مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد، محذراً من مزايا للندن.

وأضاف جوزيف موسكات رئيس وزراء مالطا أن الحكومات السبع والعشرين الباقية في الاتحاد الأوروبي خاصة الدول التسع عشرة الأعضاء في منطقة اليورو تحتاج إلى تخفيف أي تبعات سلبية نابعة من الانخفاض الحاد في الاسترليني منذ صوتت بريطانيا في يونيو/ حزيران 2016 على الخروج من الاتحاد.

وقال موسكات، الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي، بعد أن أخطرت بريطانيا رسمياً الاتحاد الأوروبي بقرارها الانفصال "هناك تبعات على الجميع، هذا أمر واضح".

وأضاف قائلاً إن إحدى تلك التبعات هي "التغير في قيمة الجنيه الاسترليني" مشيراً إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات ورحلات قضاء العطلات للبريطانيين القادمين إلى منطقة اليورو التي تضم مالطا. وأضاف أن الاتفاق النهائي بشأن العلاقة المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا يجب أن يكون أقل من العضوية الكاملة بالاتحاد.


مفاوضات متعثرة


وفي إطار آخر، نشرت اليوم صحيفة "فاينانشيال تايمز" تقريراً بشأن مفاوضات بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي البريكست، أشارت فيه إلى أن هناك فرصاً تصل نسبتها إلى 50% من شأنها أن تعرقل المفاوضات المقرر إطلاقها في الفترة المقبلة.

وبحسب التقرير الذي حمل عنوان، "كيف سيبدو بريكست في أبريل/نيسان 2019؟ فإن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، يضمن ثلاث وثائق على الأقل، أولها اتفاق الخروج، وثانيها تغطية شروط الانسحاب، والثالثة خاصة بالبنود الملحقة، كما ستشمل اتفاقاً سياسياً عن إطار عملٍ لعلاقات مستقبلية.

وتشير التوقعات إلى أنه كلما انخرطت الأطراف في المفاوضات، كلما واجهت تعقيدات ومشكلات قانونية، وعلى بريطانيا وأوروبا التغاضي عن الماضي وتسوية شؤون قانونية، وحقوق المهاجرين في المملكة المتحدة والقارة مع ضرورة تحديد الخطوط العريضة لمستقبل العلاقات على كافة الأصعدة.
(العربي الجديد)

المساهمون