الفقر يمنح آنغس ديتون نوبل للاقتصاد

14 أكتوبر 2015
آنغوس ديتون في مؤتمر صحافي عقب فوزه بالجائزة(أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -


"في مثل سني، نعلم أن ذلك أمر ممكن، عندما نقوم بنشاط منذ زمن طويل. لكن نعلم أيضا بأن هناك عدداً كبيراً من الأشخاص الذين يستحقون الجائزة"، هذا ما قاله آنغس ديتون عقب تلقيه اتصالا هاتفيا من الأكاديمية السويدية للعلوم وهو في منزله، أول من أمس، ليخبروه بفوزه بـ"نوبل للاقتصاد" أشهر جائزة في العالم.

وتتماشى طبيعة هذه الشخصية المتواضعة مع اهتماماته بقضية تهم أكثر من مليار فقير في العالم.. حيث كان قاع الفقر الذي يموت بسببه ملايين سنوياً طريقه للوصول إلى القمة.

وعندما مد ديتون (69 عاما) يديه ليساعد الفقراء عبر أبحاثه المبتكرة وقياساته الدقيقة، لم يكن يتخيل أن هذا العالم المحروم سيمنحه بكل سخاء كل هذه الشهرة وكل هذا التقدير.

ولد ديتون في مدينة إدنبره في اسكتلندا، وتدرج في المراحل التعليمية، حتى انتقل إلى الولايات المتحدة حيث عمل في جامعة برنستون في الولايات المتحدة، ليواصل طموحه الذي لازمه طيلة حياته تقريباً وهو الاهتمام بالفقراء، فيكافأ بنحو ثمانية ملايين كورون سويدي (860 ألف يورو)، ومعها المكافأة الأهم وهي جائزة نوبل.

وركز صاحب نوبل للاقتصاد بحوثه حول الاستهلاك وخصوصا تلك المتعلقة بالفقراء، فدرس العلاقة بين المداخيل وعدد السعرات الحرارية المستهلكة.

ولفت انتباه ديتون أن قضية الفقر التي شغلته من أهم الموضوعات التي تهم الدول والمؤسسات المختصة، التي تتعامل مع أزمة الفقر عبر إحصائيات جامدة وغير دقيقة، وهو ما دفعه إلى التركيز على محاولة ابتكار أدوات جديدة.

وتضاربت الإحصائيات حول عدد الفقراء في العالم وطريقة حسابه، إلا أن خبراء قالوا إن عددهم يتجاوز مليار شخص، منهم 200 مليون يعانون من الفقر المدقع، حسب البنك الدولي. وكان رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم، دعا في تصريحات سابقة إلى التزام المجتمع الدولي بالقضاء على الفقر المدقع بحلول عام 2030 وتحسين مستوى المعيشة لأكثر الناس عرضة للفقر الذين يعيشون في الدول النامية.

ولتحقيق هذا الهدف قال كيم إن العالم عليه أن يخفض نسبة من يعيشون تحت خط الفقر (وهو 1.25 دولار يوميا) إلى 3% على مستوى العالم بحلول 2030 وتعزيز نصيب أفقر 40% من سكان الدول النامية من الدخل القومي.

وانطلاقاً من هذه القراءات المعقدة للأرقام والطرق المختلفة لحسابات الفقر، جاء طرح ديتون ليضيف جديداً قد يساعد العالم في هذه القضية المهمة، حيث طرح على نفسه ثلاثة أسئلة رئيسية: كيف يوزع المستهلكون نفقاتهم؟ كم يستهلك المجتمع ويوفر؟ وأخيرا كيف يقاس رفاه الفرد؟

اقرأ أيضاً: عالم بريطاني مهتم بالفقر يفوز بجائزة نوبل للاقتصاد 2015

وهذه الأسئلة دفعته كما قالت لجنة نوبل، إلى تحليل دقيق لـ"مشكلات مثل العلاقة بين الدخل وكمية السعرات الحرارية المستهلكة، وحجم التمييز بين الجنسين داخل الأسرة".

ولفتت هيئة التحكيم السويدية إلى أن "إعداد سياسات اقتصادية تشجع على الرفاهية وتقليص الفقر، يتطلب منا أولا فهم خيارات الاستهلاك الفردية. وأكثر من أي شخص آخر أدخل ديتون تحسينات على هذا المفهوم".

وفي كتابه "الهروب الكبير: صحة، ثروة وجذور عدم المساواة" الصادر في 2013، وصف صاحب نوبل للاقتصاد بالتفصيل كيف تنامى رفاه البشرية بشكل مذهل منذ قرنين ونصف قرن. كذلك كيف ترافق هذا التقدم مع ازدياد عدم المساواة بشكل مذهل أيضا.

وأوضحت الأكاديمية الملكية للعلوم "من خلال الربط بين خيارات فردية معينة ونتائج جماعية، ساهمت بحوثه في تحويل حقول الاقتصاد الجزئي والاقتصاد الجمعي واقتصاد التنمية".

وقضية اللاجئين الهاربين من الحروب والمجاعات المقدر عددهم بعشرات الملايين، والتي تعد جزءاً مهماً من ملف الفقر، لم تكن بعيدة عن اهتمامات ديتون، والتي أولت أوروبا اهتماماً كبيراً بها الفترة الماضية، وخصصت ميزانية لمواجهتها، إلا أنها لم تستطع حتى الآن أن تواجهها بالشكل المطلوب.

وفي هذا السياق، نقلت وكالة فرانس برس، تفاصيل اتصال أجرته مؤسسة نوبل في الولايات المتحدة، مع ديتون أول أمس، فقد سألته عن الموضوع الساخن المتعلق بهجرة الأشخاص الهاربين من الحرب والفقر ولجوئهم إلى أوروبا بحثا عن حياة أفضل.

فأجاب أن "ما نشهده هو حصيلة مئات السنين من تنمية غير متوازنة تجعل قسما من العالم في تأخر كبير" على الصعيد الاجتماعي الاقتصادي، مضيفا "أن تقليص الفقر من شأنه أن يحل المشكلة لكن ليس على المدى القصير".

وخلف ديتون، الفرنسي جان تيرول الذي حصل في 2014 على الجائزة تقديرا لتحليله حول تنظيم الأسواق، وتأسست جائزة نوبل للاقتصاد عام 1968 ولم تكن الجائزة ضمن مجموعة الجوائز الأصلية التي نصت عليها وصية نوبل، مخترع الديناميت، عام 1895.


اقرأ أيضاً: صورة للبنك الدولي تبرز الفوارق بين الأغنياء والفقراء

دلالات
المساهمون