الضرائب..سلاح الاحتلال للانتقام من تجار القدس

03 ديسمبر 2015
الاحتلال يضيق الخناق على تجار القدس (Getty)
+ الخط -
تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي الحملة الضريبية بصمت ودون توقف في أسواق البلدة القديمة من القدس، والتي طاولت مئات المحال التجارية هناك، ضمن ممارسات الاحتلال في التضييق على أنشطة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
وتوسعت نطاقات تلك الحملة في غضون الأيام القليلة الماضية، إلى أحياء متاخمة للبلدة القديمة، بل وامتدت لبعض بلدات القدس.
وتشير بيانات الغرفة التجارية في القدس، إلى أن طواقم الدهم الضريبي المشتركة مع شرطة الاحتلال، داهمت منذ اندلاع الهبّة الشعبية في القدس ما يزيد عن ألف محل تجاري في أسواق البلدة القديمة ومئات المحال التجارية الواقعة خارج أسوارها.
وأدت هذه الحملة من المداهمات التي تتم بصورة يومية إلى إرهاق تجار البلدة القديمة اقتصاديًا، ومضاعفة ديونهم المفروضة عليهم للضريبة ولمؤسسات التأمين الوطني الإسرائيلية، ولبلدية الاحتلال التي تجبي منهم رسوما مختلفة.
وقدّرت بيانات سابقة لبلدية الاحتلال حجم الضرائب التي تجبيها سنويا من المقدسيين بأكثر من مائة مليون شيكل (25.8 مليون دولار)، لا تنفق منها على الأحياء المقدسية سوى 5%، فيما تذهب المبالغ الأخرى المتبقية إلى المستوطنات اليهودية، خاصة تلك المقامة في قلب الأحياء المقدسية.
وقصدت حملات الدهم الضريبي، في أول انتقال لها خارج أسوار البلدة القديمة، منطقة سلوان (جنوبي القدس)، ما اضطر العشرات من التجار هناك إلى إغلاق محالهم، بعد أن فرضت عليهم مبلغ خيالية لا قِبَل لهم بدفعها، وسط شعور بالغضب على تجاهل السلطة الفلسطينية لهم، وشح الدعم الموجّه لدعم صمود مواطني القدس، في وقت أعلنت فيه الحكومة الإسرائيلية رصد مائة مليون دولار لإنعاش اقتصاد المستوطنين في القدس على خلفية ما تعرّض له من انتكاسات أخيرًا بفعل الهبّة الشعبية.

وذاق الفلسطينيون في بلدة العيسوية (شمالي القدس)، مرارة هذه الاقتحامات التي تنوّعت ما بين ضرائب البلدية، والدخل، ورسوم المياه، ومئات المخالفات على البناء والمركبات، فيما يضرب الحصار الإسرائيلي الخانق مداخلها جميعًا، عدا عن الاقتحامات والمداهمات الليلية واعتقال الفتية والأطفال وترويعهم، كما يقول محمد أبو الحمص، من لجنة المتابعة في البلدة، لـ"العربي الجديد"، والذي يصف الوضع في البلدة بالمنهار تماما اقتصاديا.
وليس بعيداً عن العيسوية، تلاحق سلطات الاحتلال تجار قرية الطور باقتحامات مماثلة لمحلاتهم التجارية وفرض المخالفات الباهظة ضدهم، وهو ما يتضح من رصد مركز معلومات "وادي حلوة"، المختص بالشأن المقدسي، إذ رصد المركز حملات دهم واستهداف للتجار.
وتشن سلطات الاحتلال بمختلف مؤسساتها (البلدية والضريبة ودائرة الإجراء والأرنونا)، حملة على القرية، تستهدف تجارها بشكل خاص، وبحماية من قوات وشرطة الاحتلال، وتحرر مخالفات بحق التجار في قرية الطور تراوح بين (500 شيكل إلى 5 آلاف شيكل).
وأوضح "وادي حلوة"، نقلاً عن مسؤولين في الطور، أن المخالفات تُفرض على التجار بدعوى عدم مطابقة لوحات المحلات التجارية للمواصفات أو عدم تسجيلها بالدوائر المختصة، أو عرض بضائع أمام المحلات أو التدخين، علاوة على مخالفات تحرر عشوائيًا للسيارات المركونة في الشارع الرئيس، وقد تُفرض غرامات مالية على أي شخص يدخن داخل المحل التجاري.
وقال عضو لجنة المتابعة في الطور مفيد أبو غنام، لمركز وادي حلوة، إن "الإجراءات الإسرائيلية في القدس تهدف إلى تهويد المدينة المقدسة بإجبار سكانها على الرحيل من خلال محاصرتهم بالضرائب المختلفة".
وأضاف أبو غنام أن التاجر المقدسي بات مألوفا أن يجد مخالفة حُررت له وقد أُلصقت على باب محله، فيما تترك مذكرات أخرى تطالب التجار بالتوجه إلى دوائر الاحتلال المختلفة، وإبراز رخص مزاولة المهن، ومن لم يتمكن من إثبات ذلك يتم إخطاره بإغلاق محله، أو الحصول على رخصة مزاولة بعد أن يتم تغريمه وفرض المخالفات عليه.
وتعتبر هذه الحملات في نظر تجار المدينة، أعمالاً ثأرية وانتقامية من مواطني المدينة المقدسة، الذين تحمّلهم سلطات الاحتلال تداعيات الهبّة الشعبية المستمرة والتي انطلقت شرارتها من القدس.
ومن تجار البلدة القديمة في القدس من لا يرى في ذلك نقيصة أو عيبًا، بل بادروا إلى إطلاق اسم الشهيد مهند الحلبي على شارع الواد، تأسيًا بالشهيد الحلبي الذي قتل مستوطنين اثنين قبل نحو شهرين، ومن بعده انفجرت موجة عارمة من الغضب الفلسطيني، التي قد تتحول إلى انتفاضة عارمة إذا استمرت جرائم القتل والإعدامات اليومية وممارسة المزيد من الضغوط على الفلسطينيين خاصة في القدس.

اقرأ أيضا: إسرائيل تخنق المقدسيين اقتصادياً وحملات انتقامية ضد التجار
المساهمون