بنوك أميركية كبرى تطالب عملاءها بالاحتفاظ باستثماراتهم في البورصة

12 فبراير 2018
المؤشرات الأميركية تتماسك بعد موجات الهبوط(Getty)
+ الخط -


كثفت المؤسسات المالية وبنوك الاستثمار الكبرى في الولايات المتحدة، من توجيه الرسائل لكبار عملائها، مطالبة إياهم بعدم الانسياق وراء موجات البيع العشوائي، التي سيطرت على البورصة خلال الأسبوع الماضي، وأدت إلى انهيار العديد من الأسهم، قبل أن تتماسك المؤشرات وتسترد نسبة كبيرة من خسائرها في نهاية الأسبوع يوم الجمعة الماضي.

وتركزت نصائح البنوك في الإبقاء على الاستثمارات وعدم القلق من التقلبات الحالية في أسعار الأسهم، بل انتهاز الفرص الحالية في السوق، بعد أن أضحى هبوط الكثير من الأسهم مغرياً للاستثمار.

وسجلت الأسهم في بورصة وول ستريت مكاسب كبيرة في ختام جلسة الجمعة، لتمنح المستثمرين شعوراً بالارتياح بعد أسبوع شهدت فيه السوق تقلبات كبيرة عقب هدوء استمر شهوراً.

وأغلق مؤشر داو جونز الصناعي عند 24190.9 نقطة نهاية الأسبوع الماضي، مقابل 25520.9 في نهاية الأسبوع السابق عليه، ورغم هذا التراجع الملحوظ، إلا أنه قلص كثيرا من الخسائر الحادة في بعض الجلسات، ولا سيما يومي الإثنين والخميس الماضيين اللذين شهدا موجات بيع، تسببت في هلع المستثمرين وامتداد آثار ذلك إلى العديد من أسواق المال العالمية.

كما أغلق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقاً، عند 2619.55 نقطة، مقابل 2762.13 نقطة، فيما أنهى مؤشر ناسداك المجمع تعاملات الجمعة الماضي بصعود محدود عند مستوى 6874.49 نقطة، مقابل 7240.95 نقطة.

لكن بنك أوف أميركا ـ ميريل لينش، نصح كبار عملائه بالاستمرار في بناء المراكز طويلة المدى، عن طريق انتهاز الفرص الموجودة حالياً في الأسواق الأميركية، والتي ظهرت مع الانخفاضات الأخيرة في أسعار الأسهم، كونها انخفاضات مؤقتة، تعبر عن موجة تصحيحية، أكثر منها انعكاساً لضعف في الأسواق.

وأكد البنك في مذكرة، اطلعت عليها "العربي الجديد"، أن التذبذبات الحالية في أسعار الأسهم هي حالة طبيعية جداً، وأن مثل هذه التذبذبات هي التي تخلق فرصاً جديدة للمستثمرين لدخول الأسواق بعد عمليات جني الأرباح.

وأشار في المذكرة، التي أعدها فريق إدارة الثروات والاستثمار العالمي بالبنك، إلى أن محلليه لا يعتقدون أن الاتجاه الصعودي للأسهم قد انتهى، وأنهم يرون أن مؤشرات الاقتصاد الكلي، التي دعمت النمو وأظهرت ازدهار الاقتصاد خلال الفترة السابقة، ما زالت تشير إلى قوة الاقتصاد الأميركي وحيويته.

ولفت إلى أن التقلبات الكبيرة التي حدثت في الأسواق في أوائل فبراير/ شباط الجاري، أدت إلى حدوث حالة من أكبر حالات الارتفاعات والانخفاضات في تاريخ الأسهم الأميركية.

وأوضح أن الشرارة الأولى حدثت عندما ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لمدة عشر سنوات إلى ما يقرب من 2.9%، وهو أعلى عائد تصل إليه منذ أربع سنوات، كما ازدادت المخاوف من أن تؤدي توقعات ارتفاع معدل التضخم إلى اضطرار بنك الاحتياط الفيدرالي لرفع معدلات الفائدة، بوتيرة أعلى مما كان متوقعاً.

ورأى البنك أنه بالنظر إلى ارتفاع أسعار الأسهم بنسبة 8% تقريبا في يناير/ كانون الثاني الماضي، ووصولها إلى مستويات قياسية، وهو ما جاء بعد تحقيق مكاسب بنسبة 20% في الولايات المتحدة، وأكثر من 30% في الأسواق الناشئة لعام 2017 بأكمله، كانت أسواق الأسهم عرضة لتغير سريع وواضح، نتيجة لتغيرات في عوامل شتى، مثل التضخم المنخفض، والتقلبات المنخفضة، وانخفاض العوائد في جميع أنحاء العالم.

وبعبارة أخرى، كانت أسواق رأس المال عرضة لإعادة تسعير المخاطر، أو إعادة توظيف رأس المال على أساس العلاقة بين المخاطرة والعائد.

وقال بنك أوف أميركا ـ ميريل لينش أن الأسهم تأخرت في التراجع، وأنه إذا كان بعضهم يرى تراجعها بـ 5%، أو حتى 10%، أكبر من المتوقع، فإنه قد حدث كثيراً قبل ذلك، لكن الأسواق عوضت خسائرها في نهاية المطاف.

وأكد أنه لا يوجد تدهور في الميزانيات العمومية للشركات أو في أسواق الائتمان، كما لا توجد علامات على تزايد عمليات الرفع المالي (أي زيادة نسبة القروض إلى حقوق الملكية في الشركات) في الوقت الحالي، وبالتالي فإنه لا يعتقد أن اتجاه الأسهم قد تغير، والاتجاه الصعودي ما زال مستمراً.

ونصح بنك أوف أميركا ـ ميريل لينش عملاءه بأن يكون لديهم خطة استراتيجية لتنويع محافظهم الاستثمارية، بما يتفق مع أهدافهم على المدى الطويل، مؤكدا أن الفرص المتاحة في السوق تقدم نفسها في أوقات زمنية معينة، وأن الثروات طويلة الأجل تحتاج إلى وقت لتتكون.

ووصف البنك ما يحدث الآن بأن أسواق الأسهم تحاول إيجاد قاع، يستند إلى مستويات سعرية معينة، يمكنها جذب المستثمرين إلى الأصول مرتفعة المخاطر. وهم في البنك يرون أن هذه العملية قد تستغرق وقتاً، وربما أسابيع أو أشهر، وليس بالضرورة أيام.

كما نصح بنك غولدمان ساكس العملاق عملاءه بالإبقاء على استثماراتهم، حيث إن السوق ما زال لديها الكثير في الاتجاه الصعودي، وأكد أن فترة الصعود بالفعل دامت طويلاً، إلا أن ذلك يرجع بالأساس إلى أن أسعار الأسهم كانت قد انخفضت بصورة كبيرة جداً بفعل الأزمة المالية العالمية، وبالتالي فإن تحسن الأسواق يحدث تدريجياً من وقتها، وفي هذه الأحيان، يستمر لفترات طويلة.

وقالت شارمين موسافار راحماني، مسؤولة الاستثمار في إدارة استراتيجية الاستثمار بالبنك: "ما زال هناك الكثير من أرباح الشركات، والنمو الاقتصادي، وتحسن الأسواق مما لم نشهده بعد".

وحذرت راحماني من المخاطر الموجودة في الأسواق منذ فترة، وبعيداً عن الانخفاضات الأخيرة، مثل "المخاطر الجيوسياسية، والأمن المعلوماتي، والإرهاب، وأيضاً العملات المشفرة"، إلا أنها رأت أن على العملاء أن "يبقوا كما هم في الأسواق، وأن يركزوا على الأرباح على المدى الطويل".

كما أكد بنك "يو بي إس" أهمية عدم القلق من التقلبات الحالية في أسعار الأسهم، حيث إنها من الأمور الطبيعية في الأسواق، وبصفة خاصة في أسواق الأسهم.

وقال مايك رايان، مسؤول الاستثمار في الأميركيتين بالبنك، في مكالمة عمل ضمن مجموعة من كبار عملاء البنك على مستوى العالم استمعت إليها "العربي الجديد" إن "فترات التقلبات المنخفضة السابقة، والتي شهدتها الأسواق خلال الشهور الخمسة عشر الأخيرة، هي الأمر غير الطبيعي، أما التذبذبات الحالية، فهي الحال الطبيعي لسوق الأسهم، وقد شهدنا مثلها كثيراً، ونراها فرصة ثمينة لإيجاد نقاط جديدة لدخول السوق".

بدوره، قال مايكل كروك، مسؤول الاستراتيجية للعملاء من كبار الأثرياء والمؤسسات بالبنك إن "أهم شيء في هذه الأوقات هو وضع استراتيجية تقوم على توزيع الاستثمارات بين الأصول غير المرتبطة ببعضها بعضاً، مع توزيع متزن بين الأسهم والسندات".

وطالب المستثمرين بتجهيز بعض السيولة، عن طريق بيع أسهم الشركات منخفضة الربحية، للاستعداد لدخول السوق عند ظهور فرص الشراء الجيدة.

المساهمون