رموز نظام مبارك تسترد أموالا منهوبة والدولة لن تستفيد

18 ديسمبر 2016
حسين سالم يحصد مكاسب المصاحة مع النظام (Getty)
+ الخط -


أعلن النائب العام السويسري، مايكل لوبير، فك تجميد 180 مليون فرنك سويسري (حوالي 175 مليون دولار) من الأموال المصرية المجمدة لدى بلاده، منذ عام 2011، وإعادتها لرموز نظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك الذي أطاحت به ثورة 25 يناير عام 2011.
جاء ذلك على هامش زيارة وفد سويسري إلى القاهرة لبحث ملف أموال مصر المهربة مع السلطات المصرية.

وفي مؤتمر صحافي، عقده لوبير، مساء أمس، قال إن "تلك الأموال لن تبقى في سويسرا، وسوف تتم إعادتها إلى أشخاصها المالكين، وليس للحكومة المصرية، من دون أن يحدد موعداً ذلك". وأوضح أن "الأموال التي من المقرر فك تجميدها ترجع إلى 8 مسؤولين سابقين في نظام الرئيس (المخلوع) حسني مبارك، من بينهم رجلا الأعمال حسين سالم ومحمد منصور".

وبخلاف المسؤولين الثمانية، أشار لوبير إلى أن المبلغ المُجمد المتبقي في بلاده هو "430 مليون فرنك سويسري (الدولار = 1.02 فرانك سويسري)، وهو لستة أفراد مصريين آخرين، من بينهم مبارك ونجلاه (علاء وجمال)، و3 من رموز حكمه، لم يسمهم".

وفي هذا الإطار، أكد خبراء قانون واقتصاد أن ما حدث يصب في مصلحة هؤلاء الأشخاص وليس الحكومة المصرية، وشكّكوا في إمكانية استرداد مصر باقي أموال رموز النظام السابق من سويسرا، لعدم صدور أحكام إدانة نهائية إذ إن أغلبهم حصلوا على أحكام براءة نهائية، مما يصعب معه الإفراج عن تلك الأموال لمصلحة الحكومة.

وكانت لجنة استرداد الأموال المهربة برئاسة النائب العام المستشار نبيل صادق قد تقدمت، أخيراً، بطلب جديد، لتجديد تجميد أموال مبارك وعدد من قيادات ورموز نظامه، لتقديمه إلى السلطات السويسرية والاتحاد الأوروبي، وذلك قبل انتهاء فترة التجميد والمقرر أن تنتهي في شهر فبراير/شباط 2017.

وفي السياق ذاته، قال الخبير القانوني نبيل حلمي، لـ"العربي الجديد"، إن "مطالبة مصر باسترداد تلك الأموال يرفضها القانون الدولي، خاصة أنه لا توجد أية دلائل لدى السلطات المصرية بأحقيتها في تلك الأموال".

وتابع أن القانون المصري يرفض تدخلات الجهات الأجنبية بشأن تلك الأموال، مضيفاً أنه "في السنوات الماضية كان ضخ تلك الأموال يجري في شركات الأوف شور وهي منتشرة ويصعب التعرف إلى أصحابها، وهو ما كشفت عنه وثائق بنما التي لم تشمل كامل رموز النظام ووجدت أسماء متعددة لا يمكن الاستعانة بها قانوناً".
وكان الرئيس الجديد لمديرية القانون الدولي العامة بوزارة الخارجية السويسرية، روبيرتو بالزاريتي، قد قال في تصريحات سابقة للصحافيين، إن "تجميد الحكومة السويسرية لنحو 570 مليون دولار، إجمالي أرصدة مبارك ورموز نظامه سينتهى في فبراير/شباط المقبل".

ويجري نظر قرار تجديد تجميد الأموال في شهر فبراير/شباط من كل عام، بناء على طلب تتقدم به السلطات القضائية المصرية إلى سويسرا والاتحاد الأوروبي. وكانت الحكومة السويسرية قد أعلنت في 3 مايو/أيار 2011 أنها جمدت أموال وأصول مبارك وعدد من رموز نظامه.
ومن جانبه، كشف الخبير الاقتصادي وائل النحاس أن هناك بوادر مصالحات أخرى مع رموز النظام، وهو الحل الوحيد والورقة التي تلعب بها مصر حاليا لاسترداد تلك الأموال.

وقال لـ"العربي الجديد" إن "هناك تكتماً شديداً من قبل السلطات المصرية بشأن هذا الملف وتحيطه بسرية تامة إلا أن الإعلان من جانب سويسرا عن استعدادها للإفراج عن تلك الأموال وبدء تحرك هو الأول من نوعه من جانبها منذ فتح هذا الملف قبل 5 سنوات، يكشف عن وجود مصالحات مرتقبة مع رموز مبارك".
وأضاف أن "القانون الدولي لا يسمح باسترداد أي دولة أموال أشخاص مودعة في البنوك السويسرية إلا بأحكام إدانة نهائية وهو ما لم يحدث، حيث حصلوا جميعهم على أحكام براءة نهائية مما يسقط حق مصر في تلك الأموال في الخارج والتي تعد ملكية شخصية طالما لا يوجد حكم إدانة".

وتابع النحاس أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو وجود مصالحات تتم حاليا، وسيتم بموجبها تنازل رموز النظام عن بعض أموالهم في الخارج مقابل إبراء ذمتهم وإمكانيه ممارسة النشاط الاقتصادي في مصر بحرية.
وبداية أغسطس/آب الماضي، أعلن مساعد وزير العدل المصري لجهاز الكسب غير المشروع، المستشار عادل السعيد، إتمام صفقة التصالح مع رجل الأعمال حسين سالم، وقال إن سالم تنازل عن 75% من ممتلكات بقيمة 5.34 مليارات جنيه من إجمالي قيمه ثروته البالغة 7.1 مليارات جنيه.

كما تصالحت الدولة مع عدد آخر من رموز نظام مبارك، ومنهم وزير التجارة والصناعة المصري الأسبق رشيد محمد رشيد، آخر وزير للتجارة والصناعة في عهد الرئيس المخلوع، والهارب خارج البلاد، في أربع قضايا فساد بلغت قيمتها نحو ثلاثة مليارات جنيه، وذلك عقب التصالح مع الدولة في هذه القضايا، وقضت محكمة الجنايات المصرية، بانقضاء الدعاوى الجنائية المقامة ضده.
ومن جانبه، قال مصدر حكومي، رفض ذكر اسمه، إن "مصر لن تنجح في استرداد الأموال المنهوبة، سواء في سويسرا أو غيرها، إذ إن تونس وليبيا سبقتنا في محاولة استرداد تلك الأموال، ولم تتمكن حتى الآن من تحقيق إنجاز كبير".

وتابع أن القانون الدولي يتيح للدول استرداد الأموال الناتجة عن فساد، وهو ما لم تتمكن مصر من إثباته حتى الآن، ووصف ما يتم حاليا بالمناورات السياسية. وأكد أن مصر تحتاج تعديلات تشريعية حتى تتمكن من استرداد تلك الأموال.
وحول استفادة مصر من استرداد الأموال المهربة، قال الخبير الاقتصادي هشام إبراهيم لـ"العربي الجديد" إن "التصالح مع رموز النظام السابق واسترداد الأموال المنهوبة له عدة منافع اقتصادية، أهمها استخدام تلك الأموال في دعم موارد الدولة واسترداد حقها الناتج عن تفشي الفساد في تلك الفترة"، لافتا إلى أن الأرقام حول حجم الأموال المهربة متضاربة، سواء الصادرة عن جهات رسمية أو غير رسمية.

وأضاف إبراهيم أن "هناك إيجابية أخرى، وهي أن تلك الشخصيات، خاصة الاقتصادية منها، مثل أحمد عز ورشيد محمد رشيد سيعاودون ضخ الاستثمارات، ما ينشط الحياة الاقتصادية".
وتواجه مصر أزمة مالية حادة أدت إلى زيادة العجز في الموازنة، ودفعت الحكومة إلى اتخاذ إجراءات صعبة خلال الفترة الأخيرة، أبرزها تعويم الجنيه أمام الدولار ورفع أسعار الوقود والاتجاه نحو إلغاء الدعم بشكل نهائي، للحصول على باقي قرض صندوق النقد الدولي البالغ 12 مليار دولار، بعد أن تسلمت الشريحة الأولى البالغة 2.7 مليار دولار.



المساهمون