تصاعدت أزمة انهيار الريال اليمني والتردي المعيشي، لتطاول رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، الذي أقاله الرئيس عبد ربه منصور هادي، وأحاله إلى التحقيق نتيجة تعثر الأداء الحكومي وعدم القدرة على اتخاذ إجراءات حقيقية لوقف التدهور الاقتصادي.
ولم تفلح الإجراءات الحكومية المتلاحقة وكذلك المنح السعودية، في إنقاذ الريال من التهاوي في البلد الذي تمزقه الحرب منذ نحو أربع سنوات ودفعت بنحو 85% من السكان إلى أتون الفقر.
وقرر هادي، مساء الإثنين، تعيين وزير الأشغال العامة معين عبد الملك، رئيساً جديداً للوزراء. وتتوقع مصادر حكومية إيلاء الملف الاقتصادي اهتماما أكبر، وأن يتصدر إنقاذ الريال أولويات المرحلة المقبلة، إلا أن خبراء طالبوا بتغييرات حكومية أوسع وإجراءات حقيقية لإيقاف التدهور الاقتصادي.
وقالت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد" إن رئيس الوزراء الجديد البالغ من العمر 40 عاما "سيعلن عن حكومة حرب مصغرة خلال أسبوع، وسيتم إلغاء عدة وزارات في التشكيل المرتقب بينها وزارة السياحة، وسيتم الإبقاء على الوزارات المهمة، وتقليص عدد الوزراء من 42 إلى 15 وزيراً، وسوف يتصدر الملف الاقتصادي أولويات الحكومة الجديدة".
وأطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، حملة إلكترونية تدعو إلى تشكيل حكومة جديدة وعدم الاكتفاء بتغيير رئيس الحكومة، مطالبين بحكومة مصغرة من عشرة وزراء وأن يتصدر الملف الاقتصادي أولويات الحكومة الجديدة.
وبينما برر هادي إقالة بن دغر بالفشل في معالجة أزمة انهيار الريال وتردي الاقتصاد، قال مصدر مطلع لـ"العربي الجديد"، إن "الإقالة جاءت استجابة لاشتراطات التحالف الداعم للحكومة، حيث رهنت السعودية تقديم الدعم النقدي لليمن بإزاحة بن دغر".
وكان بن دغر قد طلب في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، دعماً من دول التحالف التي تخوض حرباً عسكرية في اليمن ضد الحوثيين منذ مارس/آذار 2015، قائلا إن "اليمن بحاجة إلى مؤتمر اقتصادي يمني خليجي على مستوى القمة ينظر في وضعه".
وتسارعت وتيرة تهاوي الريال اليمني، منذ مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، ووصل سعر الدولار الواحد إلى نحو 800 ريال خلال الأسبوع الماضي، مقارنة بنحو 513 ريالاً في منتصف أغسطس/آب، وحوالي 215 ريالا مطلع 2015.
وانعكس التهاوي المتسارع للعملة اليمنية على أسعار السلع والمواد الغذائية التي قفزت قيمتها إلى معدلات غير مسبوقة، ما فاقم معاناة اليمنيين، الذين أشارت تقارير دولية إلى تجاوز معدلات الفقر بينهم 85%، فيما تصاعدت مطالب المواطنين في العديد من المدن، لا سيما الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، بوقف التدخل السعودي - الإماراتي في شؤون اليمن وعبث الحوثيين أيضا بحياة المواطنين.
وقال منير سيف الخبير الاقتصادي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن انهيار الريال أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار لا يمكن تحمله، وهذا أدى إلى تزايد أعداد المواطنين الذين هم بحاجة إلى مساعدات عاجلة من الطعام.
وأشار سيف إلى ضرورة أن تبدأ الحكومة بنفسها في التقشف وإيقاف صرف المرتبات بالدولار، وعودتها إلى البلد للعمل منه، وتقليص البعثات الدبلوماسية، مشيرا إلى ضرورة العمل على إعادة تصدير النفط والغاز وتوريد العائدات إلى الخزينة العامة، والسعي إلى إيجاد حل سياسي لتحييد الاقتصاد عن الصراع وتوحيد البنك المركزي برعاية خارجية.
ويشهد اليمن حرباً مدمرة بدأت نهاية عام 2014 بعد سيطرة جماعة الحوثيين على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة، وتصاعدت وتيرة الصراع منذ مارس/ آذار 2015، عندما قادت السعودية تحالفاً عسكرياً بدعم من الإمارات لمساعدة الحكومة اليمنية، وشن التحالف ضربات جوية مكثفة ضد الحوثيين الذين لا يزالون يسيطرون على نحو نصف محافظات اليمن.