وكالات دولية تخفّض تصنيف لبنان إلى مستويات خطرة

17 نوفمبر 2019
"موديز" خفضت تصنيف الودائع بالعملة المحلية (العربي الجديد)
+ الخط -
يعيش لبنان حالة من الترقب والقلق من المؤشرات الاقتصادية الآخذة في التراجع. وفي حين تماطل السلطات في عملية تشكيل حكومة جديدة على وقع التشاور على توزيع الحصص الوزارية ما بين الأحزاب الحاكمة، يستكمل اللبنانيون انتفاضتهم في احتجاجات يومية انطلقت في 17 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حاملين شعارات "رفض الفساد" و"محاسبة ناهبي المال العام" وتغيير السياسات المالية والنقدية لتصبح في صالح المواطنين والاقتصاد بشكل عام.  

ووسط الهوة الكبيرة ما بين السلطة والناس، تستمر الأزمة النقدية في مسارها التصاعدي، مع إقفال المصارف أبوابها تحت مبررات مختلفة، للحد من سحب الدولار ووقف تحويلات صغار المودعين، بعد معلومات متقاطعة عن سماح مصرف لبنان لعدد من كبار المتمولين بسحب ودائعهم إلى خارج لبنان، خلال الأسابيع الماضية.

وكالات التصنيف الائتماني لم تخرج عن سياق الأزمة الاقتصادية المستفحلة. إذ عمدت كل من "فيتش" و"موديز" و"ستاندرد آند بورز"، إلى خفض التصنيف الائتماني للدولة، ولعدد من المصارف. ما رفع من نسبة القلق من قبل المستثمرين والمودعين والمواطنين.

وكالة "موديز"

وفي مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، خفضت وكالة "موديز"، تصنيف لبنان الائتماني إلى ‭‭Caa2‬‬، مشيرة إلى تنامي احتمالات إعادة جدولة ديون ستصنفها على أنها تخلف عن السداد. وخفضت موديز، في نهاية يناير/كانون الثاني 2019، تصنيف لبنان للدين السيادي من B3 إلى Caa1. 



وجاء تخفيض التصنيف في أعقاب الاحتجاجات التي أطاحت حكومة سعد الحريري، وهزّت ثقة المستثمرين، إذ قالت "موديز" إنّ تصنيف لبنان الائتماني الذي قررت خفضه من "سي.أيه.أيه1" ‭‭‭Caa1‬‬‬، سيبقى قيد المراجعة لمزيد من الخفض، علماً أنها تعتبر فئة التصنيفات "سي.أيه.أيه" ‭‭‭Caa‬‬‬ عالية المخاطر للغاية.

كما خفضت الوكالة ذاتها التصنيف الائتماني لأكبر ثلاثة مصارف لبنانية من حيث الأصول إلى مستويات أعلى للمخاطر، وهو ما يعكس ضعف الجدارة الائتمانية للحكومة اللبنانية، بينما تتضرر البلاد من الاضطراب السياسي.

وقالت "موديز" إنّها خفضت تصنيف الودائع بالعملة المحلية لدى بنوك "عودة" و"بلوم" و"بيبلوس" إلى ‭‭Caa2‬‬، من ‭‭Caa1‬‬. وخفضت أيضاً تصنيف الودائع بالعملة الأجنبية إلى ‭‭Caa3‬‬، من ‭‭Caa1‬‬، مشيرة إلى محدودية الدعم السيادي لمثل تلك الودائع.

وبقيت تصنيفات البنوك قيد المراجعة لمزيد من الخفض. وقالت "موديز" "ينعكس ضعف الجدارة الائتمانية للحكومة اللبنانية على الجدارة الائتمانية للبنوك الثلاثة، نظراً لانكشافها الكبير على الدين السيادي اللبناني، وهو المصدر الرئيسي للمخاطر التي تتهددها".

وفي مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لم تغيّر وكالة التصنيف الائتماني الأميركية العالمية "موديز" تصنيف لبنان السيادي، لكنها وضعت البلد قيد المراقبة مدة ثلاثة أشهر، للنظر في مجريات مشروع موازنة 2020. 

الوكالة التي وضعت تصنيف لبنان قيد المراقبة، تمهيداً لتخفيض محتمل، نشر تقريرَها موسّعاً "بنك الاعتماد اللبناني"، في تقريره الاقتصادي الأسبوعي، وفيه أن "موديز" وضعت تصنيف لبنان قيد المراقبة "Caa1 RUR" لتخفيض محتمل، إثر تراجع قدرة التمويل الخارجي للبلاد، الأمر الذي يؤثّر بقدرة لبنان على تأمين احتياجاته التمويليّة.

إلا أنّ الوكالة أشارت إلى أن فترة المراقبة قد تمتد أكثر من الـ 90 يوماً الاعتيادية، بانتظار التطور في إقرار مشروع الموازنة العامة والموازنات الملحقة لسنة 2020 وقدرة هذه الموازنة على تحرير أموال مؤتمر المانحين "سيدر" أو أموال دعم من حلفاء لبنان الخليجيين، التي بدورها ستخفف من مخاطر السيولة وتدعم النموّ على المدى الطويل.

يُشار إلى أن التصنيف الذي تمنحه "موديز" يأتي بناءً على نتائج مسجَّلة على أربعة مستويات، هي: القوّة الاقتصاديّة، القوّة المؤسّساتيّة، القوّة الماليّة، والتعرّض لمخاطر الأحداث.

ويواجه لبنان أزمة في تصاعد الدين العام إلى الناتج المحلي، بالتزامن مع تراجع اقتصادي حاد، واستمرار فشل تشكيل حكومة في البلاد منذ عدة شهور، ما أفقد الثقة في الاقتصاد المحلي.

ووفق بيانات سابقة لوزارة المالية، بلغ إجمالي الدين العام في لبنان 83.8 مليار دولار، بنهاية سبتمبر/أيلول 2018، بزيادة 5.4 بالمائة عن أرقام نهاية 2017.

ويقدّر حجم الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي بـ149.5 بالمائة، نهاية سبتمبر/أيلول 2018، صعودا من 146.8 بالمائة بنهاية 2017.

وخلصت الوكالة إلى التحذير من أن أي تخفيض إضافي للتصنيف السيادي للبنان قد يحصل في حال تدهور مستويات السيولة وميزان المدفوعات والمالية العامة.

"ستنادرد آند بورز" 

والجمعة، خفضت وكالة التصنيف الدولية "ستاندرد آند بورز"، تصنيف لبنان إلى "سي سي سي" من "بي -"، بفعل تزايد المخاطر المالية والنقدية، مع نظرة مستقبلية سلبية. 

ولفتت الوكالة إلى أن تراجع الثقة في الحوكمة والاقتصاد في لبنان قد يؤدي إلى مسار معاكس لتدفقات الودائع إلى البنوك. وأكدت أن النظرة المستقبلية السلبية للبنان تعكس المخاطر الخاصة بالجدارة الائتمانية للدولة بسبب تنامي الضغوط المالية والنقدية.

والخميس، خفضت الوكالة، تصنيف ثلاثة بنوك محلية وهي "بلوم" و"ميد" و"عودة"، من "بي-" إلى "سي سي سي" مع "نظرة سلبية".

ودفعت المخاوف المتزايدة حيال مالية لبنان "ستاندرد آند بورز" إلى وضع لبنان عند تصنيف "بي ناقص" ‭B-‬ مع نظرة مستقبلية سلبية في أول مارس/آذار.

وفي نهاية مايو/أيار اعتبرت وكالة "ستاندرد آند بورز غلوبال" للتصنيف الائتماني، أن مشروع الموازنة العامة في لبنان لسنة 2019 الذي يستهدف خفض العجز المالي إلى 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام "قد لا يكون كافياً لاستعادة الثقة التي تضررت في البلد المثقل بالديون".

وفي أغسطس/آب، تحركت السلطات اللبنانية في حالة من الهلع، لتأجيل صدور تصنيف وكالة ستاندرد آند بورز لبنان إلى مستوى CCC، مع إبقائه عند درجة B-، وذلك لتقديم فرصة للاقتصاد اللبناني.


وكالة "فيتش"

وخفضت وكالة "فيتش" للتصنيفات الائتمانية، منذ أسبوعين، تصنيف كل من بنك "عودة" وبنك "بيبلوس" إلى CCC – من CCC مع وضع كلا المصرفين أيضًا في فئة تصنيف سلبية.

وشرحت "فيتش" أن التصنيف السلبي يعكس مخاطر السيولة المتزايدة في ضوء التوترات السياسية والاضطرابات الاجتماعية المتزايدة في لبنان التي تسببت في إغلاق البنوك المحلية لعملياتها". وأضافت أن استقرار الودائع الآن في خطر أكبر مع تراجع  في ثقة المودعين.

وخفضت وكالة "فيتش"، في أغسطس/آب الماضي، تصنيف ​لبنان​ الائتماني من B- إلى CCC وذكرت الوكالة أن خفض التصنيف يعبر عن زيادة المخاطر على قدرة الحكومة على خدمة الدين، مشيرة إلى أن الضغط على ودائع القطاع المصرفي والاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي والاعتماد المتزايد على التدابير غير التقليدية من قبل البنك المركزي لاجتذاب التدفقات الداخلية يوضحان ارتفاع حجم الضغوط التمويلية.

المساهمون