ترامب يتجه لسحب التمويل الأميركي من مؤسسات دولية

26 يناير 2017
مظاهرات نسائية غاضبة ضد خطط ترامب (Getty)
+ الخط -
ربما سيبدأ العالم يفيق من غفوته خلال الأيام القليلة المقبلة، كما أفاقت أسواق المال وعلماء الاقتصاد والمستثمرون، على حقيقة أن القادم الجديد للبيت الأبيض ليس رئيساً عادياً، وإنما رجل "مهمات خطيرة" ويسعى لرسم بناء جديد للعالم على أنقاض "النظام العالمي" القائم منذ الحرب العالمية الثانية.
ولقد راهن هؤلاء الخبراء والمستثمرون أثناء الحملة الانتخابية على انهيار الدولار وأسواق المال في حال فوز ترامب، ثم راهنوا بعد فوزه على أنه سيتغير عن ترامب المرشح وسيصبح رجل دولة المؤسسات وليس انقلابياً. وكانت النتيجة أنهم خسروا الكثير من المال، كان أكبرهم خسارة الملياردير جورج سورس الذي أضاع مليار دولار من ثروته منذ صعود ترامب للحكم ولا يزال يراهن.

وخلال أيام قليلة من تسلمه زمام الحكم ودخوله البيت الأبيض، أصدر دونالد ترامب مراسيم رئاسية صادمة، كما أعلن عن قرارات تصب جميعها في تقويض النظام المالي وتخرق قوانين منظمة التجارة العالمية وقوانين حرية التجارة التي أقرتها دول العالم، وعلى رأسها أميركا خلال جولات من المفاوضات امتدت لقرابة سبعة عقود.
وتشير مصادر أميركية إلى أن ترامب سيتجه خلال الأيام المقبلة لتقويض أسس تمويل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والوكالة التابعة لها. وحسب هذه المصادر، فإن ترامب سيعمل على سحب التمويل الأميركي منها، وربما سحب عضوية أميركا نفسها من العديد منها. وربما يأتي الدور قريباً على البنك الدولي وصندوق النقد وتوابعهما.
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في هذا الصدد، إن الرئيس دونالد ترامب يتجه خلال الأيام المقبلة إلى إصدار عدة مراسيم رئاسية لخفض التمويل الأميركي وتقليص مساهمة الولايات المتحدة في العديد من المنظمات الدولية، بما في ذلك الوكالات التابعة للأمم المتحدة.

ونسبت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى مسؤولين في إدارة ترامب قولهم إن الرئيس سيبدأ خلال الأيام المقبلة في مراجعة وإلغاء العديد من الاتفاقات والالتزامات المالية للولايات المتحدة تجاه
المنظمات الدولية بما في ذلك الأمم المتحدة بنسبة 40%.
وحسب الصحيفة الأميركية، تذكر إحدى مسودات المراسيم التي أعدت تحت عنوان "مراجعة وخفض تمويل الولايات المتحدة للمنظمات الدولية"، أن الولايات المتحدة ستوقف تمويلها لأية منظمة عالمية أو وكالة تابعة للأمم المتحدة وفقاً للمعايير التالية:
أولاً: إذا كانت المنظمة أو الوكالة الدولية منحت أو ستمنح عضوية كاملة للسلطة الفلسطينية أو أي من المنظمات الفلسطينية أو تدعم برامج الإجهاض أو تقف ضد الحظر الأميركي ضد إيران وكوريا الشمالية أو تساعد في التفاف هاتين الدولتين على الحظر المفروض.
ثانياً: وقف التمويل لأي منظمة دولية تسيطر عليها دولة تأوي الإرهاب أو واقعة تحت أي شكل من أشكال نفوذ هذه الدولة التي تأوي الإرهاب.
ثالثاً: وقف التمويل لأية منظمة دولية واقعة تحت نفوذ دولة تضطهد الجماعات المهمشة أو تخرق حقوق الإنسان.
وربما سيتجه الرئيس ترامب قريباً لإصدار مراسيم بشأن صندوق النقد والبنك الدوليين، بعد دق المسمار الأول في نعش منظمة التجارة العالمية، عبر إعلانه عن "ضريبة الحدود"، وهي الرسوم التي سيفرضها على البضائع المستوردة إلى داخل بلاده بنسبة تقدر بنحو 35%، وتخرق قوانين منظمة التجارة العالمية.
ويذكر أن الولايات المتحدة سبق لها أن قطعت التمويل عن يونيسكو بعد قبولها الاعتراف بفلسطين كعضو كامل العضوية العام 2011. وتساهم الولايات المتحدة بـ28% من تمويل عمليات حفظ السلام الأممية، والتي تبلغ ميزانيتها السنوية 7.8 مليارات دولار. وبشكل عام، تمول الولايات المتحدة 22% من الميزانية التشغيلية للأمم المتحدة.
وكان ترامب قد وقع، يوم الاثنين، مرسوماً يمنع بموجبه تمويل منظمات أجنبية غير حكومية تدعم الإجهاض من الأموال الفيدرالية.
ومن شأن هذا القرار أن يثير قلق الجمعيات الأميركية الناشطة في مجال تنظيم الأسرة والمدافعة عن حقوق المرأة، بعد أن عين ترامب في فريقه الحكومي شخصيات معارضة علنا للحق في الإجهاض.
ويرى اقتصاديون في أميركا وخارجها، أن تخريب منظمة التجارة عبر قوانين الحماية التجارية، سيعني فوضى تجارية في العالم، وربما سيقود إلغاؤها تلقائياً إلى احتدام التنافس بين الدول على كسب الأسواق واستخدام آليات الضغط السياسي والعسكري التي ربما تعيد العالم إلى العهود الاستعمارية.
في هذا الصدد، انتقد السفير الأميركي السابق لدى الاتحاد الأوروبي، أندرو غاردنر، سياسات ترامب التجارية التي تتبنى الحماية وتعرقل وصول المنتجات العالمية للسوق الأميركي. وقال غاردنر في تصريحات إعلامية، أمس، إن "الحماية التجارية لن تقود إلى القوة والثروة"، كما يعتقد ترامب.
ودعا الشركات الأميركية إلى مواصلة تعاملها التجاري مع دول العالم. وأشار السفير الأميركي إلى أن ترامب سيجد صعوبة في توقيع اتفاقيات منفردة مع دول العالم.
يذكر أن ترامب سيجتمع في نهاية الأسبوع مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، لتوقيع أول اتفاق تجاري منفرد مع دولة. لكن السفير غاردنر يتوقع أن يكون الطريق شائكاً أمام الزعيمين للتوصل إلى اتفاق بهذا الصدد. 
وحسب خبراء في السياسة الأميركية، فإن ترامب يسابق الزمن لإجراء هذه التغييرات السريعة في التجارة، لأنه يرغب في تحقيق إنجازات سريعة ترفع من شعبيته قبل انتخابات الكونغرس التي ستجرى بعد عامين من الآن.
المساهمون