طي الخلاف النفطي بين السعودية والكويت

23 ديسمبر 2019
عودة الإنتاج ستجري على مرحلتين (فرانس برس)
+ الخط -

قالت مصادر مطلعة إن السعودية والكويت ستوقعان اتفاقاً نهائياً اليوم الثلاثاء في الكويت لاستئناف إنتاج النفط من حقول المنطقة المقسومة. وأوقف البلدان إنتاج الحقول المشتركة في المنطقة المقسومة قبل سنوات مما خفض الإنتاج 500 ألف برميل يوميا أو ما يعادل 0.5%، من إمدادات النفط العالمية.

وأكد مصدر حكومي كويتي، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن الكويت والسعودية ستوقعان رسمياً على عودة المنطقة المقسومة، اليوم الثلاثاء، بحضور كبار القيادات العليا في الدولتين وذلك في إطار اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين، تمهيدا لعودة الإنتاج النفطي من حقلي الخفجي والوفرة، قبل نهاية العام الجاري، وذلك بعد توقف دام لنحو 5 سنوات.

وأضاف المصدر الذي يعمل في وزارة النفط الكويتية، أنه منذ الأربعاء الماضي وهناك اجتماعات متواصلة ومفتوحة بين البلدين للعمل على الانتهاء من هذا الملف في أسرع وقت ممكن.

وأوضح المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن عودة الإنتاج ستجري على مرحلتين، وأن الوصول إلى طاقة الإنتاج الكاملة، وهي نحو 500 ألف برميل يوميا، سيستغرق نحو 6 أشهر بحد أقصى.

كان وزير النفط ووزير الكهرباء والماء الكويتي خالد الفاضل قد توقع، يوم الأحد، تسوية قضية الحقول المشتركة بين الكويت والسعودية بحلول نهاية 2019، مبدياً أمله في أن تعود الأمور إلى طبيعتها مطلع 2020، لا سيما أن هناك اتفاقا بين البلدين وسيتم الإفصاح عنه في القريب العاجل.

وكانت "العربي الجديد" قد نشرت تصريحات لمسؤول حكومي مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بأن الحكومة الكويتية اعتمدت إجراءات عودة الإنتاج النفطي في المنطقة المقسومة، وذلك بعد توقيع البروتوكول الخاص بالاتفاقية بين الجانبين.


وذكر المسؤول وقتها، أن عودة الإنتاج ستبدأ رسمياً بنهاية ديسمبر/كانون الأول الجاري حسب الترتيبات. وبإمكان المنطقة المقسومة، البالغة مساحتها 5770 كيلومترا مربعاً، إنتاج نحو 500 ألف برميل يومياً، أي ما يعادل حوالي 4% من الإنتاج المشترك للبلدين.

وقال الخبير النفطي عصام المرزوق لـ"العربي الجديد" إن توقف الإنتاج من حقلي الخفجي والوفرة المشتركين حرم سوق النفط من إنتاج يومي يزيد عن نصف مليون برميل، وبالتالي نجمت عنه خسائر تقدر بنحو 40 مليار دولار مناصفة بين الكويت والسعودية.

وأضاف أنه "في حال عودة الإنتاج، فإن الكويت ستحقق عوائد يومية تقدر بـ16.5 مليون دولار من خلال حصتها البالغة 275 ألف برميل".

من ناحية أخرى، يرى الخبير في أسواق النفط عبد السميع بهبهاني خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن الهجوم الذي تعرضت له بعض منشآت شركة أرامكو منتصف شهر سبتمبر/أيلول الماضي من بين الأسباب التي سرعت عجلة المفاوضات بين البلدين للاستفادة من نفط هذه المنطقة، بالإضافة إلى ما تشهده فنزويلا من أحداث، فضلا عن حرمان السوق من النفط الإيراني بسبب العقوبات الأميركية.

ويضيف بهبهاني أنه مع عودة الإنتاج في المنطقة المقسومة، فإن الكويت والسعودية ستكونان قادرتين على تغطية حصة الإكوادور التي ستخرج من أوبك في العام المقبل.

وحسب مراقبين، فإنه مع إعلان التوصل إلى اتفاق حول المنطقة المقسومة وعودة الإنتاج، فإن هناك فوائد عديدة ستعود على الكويت، منها تحسين الإيرادات النفطية المالية للدولة، والحصول على كميات إضافية من النفط الخام لزيادة الإنتاج في أي وقت، وفي حال حدوث أي هزات في الأسواق العالمية.


وفي هذا السياق، يروي الخبير الاستراتيجي في مركز الدراسات الخليجية، الدكتور عدنان العيسى، في حديث مع "العربي الجديد"، كيف بدأ الخلاف حول المنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية. 

يقول العيسى: "بالرجوع إلى جذور هذه الأزمة، فقد بدأت قبل نحو قرن وبالتحديد في العام 1922، عندما سعت كل من السعودية والكويت إلى الحصول على أحقية تبعية هذه المنطقة الحدودية، حيث عقدت الدولتان محادثات انتهت بالتوصل إلى ما يُعرف باسم "معاهدة العقير"، بتقسيم المنطقة الحدودية بين الكويت والسعودية".

ويوضح أن الوضع ظل كما هو عليه، حتى عام 1965، عندما جرى الاتفاق بين السعودية والكويت على تقسيم المنطقة المقسومة، حيث نصّ الاتفاق على تقسيم المنطقة لقسمين أحدهما شمالي يُضم للكويت، والآخر جنوبي يضم إلى السعودية، على أن يكون لكل دولة سلطة الإدارة والقضاء والدفاع في المنطقة التي تضمها.

ويضيف: "بحسب هذا الاتفاق، فإن المنطقة المُقسمة تشمل الأرض والشواطئ والمياه المحاذية لها، من دون المناطق البحرية البعيدة عنها، كما ينص الاتفاق على أن الدولتين لهما حقوق متساوية من الثروات الطبيعية في المنطقة المحايدة، بما في ذلك المنطقة البحرية، إلى مسافة ستة أميال بحرية من الشاطئ، فيما يمنع الاتفاق الازدواج الضريبي وتسهيل نقل الأفراد العاملين في تطوير الثروات الطبيعية من القسمين".

ويشار إلى أن إغلاق حقل الخفجي البحري في أكتوبر من عام 2014، أضر بالكويت ضرراً بالغاً بخسارتها أكثر من 10 مليارات دولار، بسبب توقيف الإنتاج هناك.

ويتراوح إنتاج حقل الخفجي بين 260 و270 ألف برميل يومياً، نصفها للكويت ونصفها الآخر للسعودية حتى تم إغلاقه، فيما تبلغ الطاقة الإنتاجية لحقل الوفرة نحو 220 ألف برميل يومياً من الخام العربي الثقيل. وتتزايد أهميتهما مع تضاؤل الإمدادات النفطية في كل من فنزويلا وإيران.

المساهمون