هل يحافظ الدولار على قوته خلال الشهور التي تبقت من العام. حتى الآن يتوقع خبراء أن يتجه سعر الدولار للارتفاع أكثر خلال العام الجاري مستفيداً من قوة الاقتصاد الأميركي وزيادة سعر الفائدة المتوقعة، وانتعاش سوق "وول ستريت" الذي يواصل جذب رؤوس الأموال العالمية من أوروبا وآسيا، ولكن هنالك من يرون أن سعر صرف الورقة الخضراء بلغ الذروة.
وحسب إحصائيات وكالة بلومبيرغ، الأخيرة فقد كسب الدولار حوالى 5% منذ منتصف إبريل/ نيسان الماضي.
وحسب تحليل موقع "إنفستينغ.كوم"، فإن أسس الاقتصاد الأميركي تشير إلى أن الدولار سيواصل قوته خلال العام الجاري، حيث إن ارتفاع معدل التضخم وزيادة معدل النمو والارتفاع المستمر في التدفقات الاستثمارية على الاقتصاد الأميركي تشير كلها إلى أن الدولار سيزداد قوة، رغم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يرغب في ذلك لتشجيع الصادرات.
وحسب بيان مكتب الإحصاء الفيدرالي الأخير، بلغ معدل نمو الاقتصاد الأميركي 4.1% في الربع الثاني من العام الجاري، وهو أعلى معدل يسجله منذ 5 سنوات، كما أن معدل التضخم يواصل الارتفاع، وشارف على بلوغ النسبة المستهدفة من قبل مصرف الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، والبالغة 2.0%.
ويذكر أن معدل التضخم وحسب الإحصائيات الرسمية الأميركية بلغ 1.9% في يونيو/حزيران الماضي. ومعروف أن أكثر ما يخشاه مصرف الاحتياط هو ارتفاع التضخم، ومن المعلوم أيضاً من الناحية الاقتصادية أن ارتفاع الفائدة يقود تلقائياً إلى ارتفاع سعر صرف العملة، وبالتالي فمن المتوقع أن يواصل الدولار رحلة القوة أمام معظم العملات الرئيسية.
وتأتي هذه التوقعات على الرغم من أن ترامب كان قد انتقد قوة الدولار أكثر من مرة، كما انتقد سياسة رفع الفائدة التي يتبعها الاحتياط الفيدرالي في لقاء مع قناة "سي إن بي سي" التلفزيونية في 19 يوليو/ تموز الماضي.
ويستهدف ترامب خفض العجز التجاري مع شركاء التجارة الكبار، وبالتالي فهو لا يرغب في الدولار القوي، لأنه ببساطة يفقد الصادرات الأميركية الميزة التنافسية في الأسواق العالمية، وكذلك يشجع المستهلك الأميركي على شراء السلع المستوردة في السوق الأميركي الذي يبلغ حجمه حوالى 11 تريليون دولار.
لكن وحسب تحليل موقع " إنفستينغ.كوم" الاقتصادي، فإن ارتفاع معدل التضخم في أميركا سيجبر مصرف الاحتياط الفيدرالي على رفع سعر الفائدة خلال العام الجاري وربما مرتين. ومن المتوقع أن يواصل المركزي الأميركي حذره في رفع الفائدة بربع نقطة خلال الشهور المقبلة ويراقب أداء الاقتصاد الأميركي. وحتى الآن رفع مجلس الاحتياط الفيدرالي نسبة الفائدة مرتين خلال العام الجاري، كما رفعها خمس مرات منذ عام 2015 الذي تخلى فيه عن سياسات التحفيز الكمي.
وفي الصدد ذاته، يرى اقتصاديون بمصرف "آي إن جي" الهولندي، في تعليق نشره "إنفستينغ.كوم"، أن عوامل قوة النمو وارتفاع التضخم تدفع باتجاه زيادة الفائدة الأميركية.
وما يخيف الرئيس الأميركي الذي يتهم كلا من الصين وأوروبا بالتلاعب بعملتيهما، هو نمو الصادرات الأوروبية والصينية على حساب الدولار القوي. ولكن رغم هذه الأسس القوية التي تدعم رفع الفائدة الأميركية وقوة الدولار، فإن بعض المصارف ترى أن الدولار قد بلغ الذروة من ناحية القوة، وأنه ربما يتراجع خلال الفترة المقبلة. ومن بين هذه المصارف، مصرف "مورغان ستانلي".
لكن سبق أن توقع كل من مصرف "غولدمان ساكس" و"مورغان ستانلي" خلال الأشهر الأولى من العام الجاري ضعف الدولار، لكن ما حدث كان العكس، إذ فاجأت العملة الأميركية الجميع وصعدت بقوة أمام اليورو الذي انخفض من مستوياته المرتفعة قرابة 1.25 دولار إلى 1.16 دولار. كما تراجع كذلك الين واليوان والإسترليني مقابل الورقة الخضراء التي تستفيد من النزاعات التجارية وإضعاف قوة النمو الصيني والأوروبي.
ومن التداعيات السالبة لقوة الدولار والتي تتخوف منها إدارة ترامب، زيادة خدمة الدين الأميركي التي تبلغ حالياً حوالى نصف تريليون دولار، حسب أرقام مكتب الميزانية بالكونغرس، وهذه الخدمة تؤثر بشكل مباشر على عجز الميزانية وعجز الحساب الجاري.
ويقدر الدين الأميركي بأكثر من 20 تريليون دولار. وتحتاج الحكومة الأميركية إلى تمويلات جديدة تقدر بأكثر من تريليون دولار خلال العام الجاري.
ويذكر أن الدولار قد ارتفع مقابل اليوان الصيني والين الياباني الأربعاء، بعدما قال مصدر مطلع إن البيت الأبيض بصدد اقتراح فرض رسوم جمركية أعلى على واردات صينية قيمتها 200 مليار دولار بنسبة 25% بدلاً من 10%.
وعلى صعيد العملة اليابانية، واصل الدولار ارتفاعه في تعاملات، وبلغ في إغلاق طوكيو أكثر 112 يناً للمرة الأولى منذ 20 يوليو/ تموز، إذ صعد من المستوى المنخفض البالغ 110.75 بعد أن أجرى بنك اليابان المركزي تعديلات على سياسته النقدية، لكنه تمسك بإطار سياسة نقدية ميسرة.