البطالة تتفشى بين شباب غزة... وسوق العمل مغلقة

23 اغسطس 2018
ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل(عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -
يعاني الشباب الفلسطيني في قطاع غزة من ارتفاعٍ كبير في معدلات البطالة، خلال السنوات الماضية، رغم أن غالبيتهم يحملون شهادات جامعية تتنوع بين الدبلوم المتوسط والبكالوريوس وتتجاوزها لتصل إلى الماجستير والدكتوراه في بعض الأحيان. وأظهرت إحصائية جديدة صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن نسبة البطالة في صفوف شباب قطاع غزة، صعدت إلى 61.2 في المائة في 2017، بعدما كانت في عام 2007 حوالي 39.8 في المائة، لا سيما في الفئة العمرية التي تتراوح بين 15 و29 عاماً.
وبحسب الإحصائية، فإن أعلى نسبة للبطالة كانت في صفوف الشباب خريجي الجامعات، حيث تجاوزت نسبة البطالة بينهم، وفقاً للجهاز المركزي للإحصاء، 55.8 في المائة. ودفع غياب فرص العمل، خلال هذه السنوات، بالمئات من الشباب للتوجه نحو ترك القطاع الذي يرزح تحت الحصار الإسرائيلي المشدد للعام الثاني عشر على التوالي، والهجرة خارجه، في ظل انسداد الأفق وعدم التمكن من إيجاد مصدر رزق لهم.
ويُجمع مراقبون وأكاديميون على أن الحصار الإسرائيلي المفروض منذ عام 2006 والانقسام الداخلي المتواصل منذ عام 2007، هما العاملان الأساسيان لارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير، خلال العقد الماضي، حيث تعرّض القطاع الخاص للتدمير، في الوقت الذي لم يستوعب القطاع العام الحكومي موظفين جددا، بفعل الواقع السياسي.
ويُرجع أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، سمير أبو مدللة، أسباب الارتفاع في معدلات البطالة على صعيد فئة الشباب الغزي إلى الحصار الإسرائيلي الخانق وغياب القطاع الخاص عن خلق فرص العمل، كونه يعتبر المشغل الأول بعد القطاع الحكومي المهمش عن أداء دوره بفعل الانقسام.
ويوضح أبو مدللة، لـ "العربي الجديد"، أن الجامعات المحلية في غزة تخرّج سنوياً ما نسبته 15 إلى 18 ألف خريج من مختلف التخصصات الجامعية، لا يتم استيعاب إلا ما نسبته 20 إلى 25 في المائة في سوق العمل، في الوقت الذي تنضم البقية لطابور البطالة. وينوه إلى أن قيام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بوقف التوظيف، خلال السنوات الماضية، ساهم هو الآخر في الأزمة، إذ اقتصر الأمر على طرح فرص عمل مؤقتة لشهور محدودة وبسيطة، إلى جانب توقف تمويل المشاريع الصغيرة، بفعل الواقع الاقتصادي في غزة والإجراءات التي اتخذتها السلطة.
ويشير الأكاديمي الفلسطيني إلى أن إجمالي عدد العاطلين عن العمل، وفقاً للإحصائيات الرسمية، يقدر بـ 260 ألفاً، منهم 120 ألفاً من حملة الشهادات الجامعية، وهو ما يدلل على حجم الأزمة التي تعصف بفئة الشباب الغزي، خلال السنوات العشر الماضية.
ويضيف أن إغلاق الأسواق العربية التي كانت تستوعب سنوياً آلاف الخريجين الفلسطينيين ساهم هو الآخر في تعزيز أزمة الخريجين وزيادة معدلات البطالة، إذ أوقفت الأسواق الخليجية، على وجه الخصوص، استقبال أيد عاملة فلسطينية، وأضحى هناك فائض في العرض من الخريجين.



ويؤكد أبو مدللة على ضرورة التوجه نحو التعليم المهني، لأنه يعتبر أحد المخارج التي من شأنها التخفيف من حدة ارتفاع البطالة في صفوف الخريجين الجامعيين، إلا أن ذلك يتطلب دعماً وتوفير مشاريع صغيرة.
ووفقاً لإحصائيات وبيانات وزارة التربية والتعليم العالي في غزة، فإن عدد المؤسسات الجامعية التي تمنح الدرجات الجامعية بدءاً من الدبلوم وحتى الدكتوراه وصل إلى أكثر من 29 مؤسسة يتخرج منها سنوياً آلاف الطلبة، إلا أن السمة الأبرز بين هذه المؤسسات هي ازدواجية التخصصات.
ويقول الخبير في الشأن الاقتصادي، أسامة نوفل، إن نسبة البطالة في القطاع بالمتوسط العام تبلغ 49.1 في المائة، إلا أنه وعند تحليلها ترتفع عند فئة الشباب لتتجاوز 61.2 في المائة، في المرحلة العمرية المنتجة ما بين 15 إلى 29 سنة.
ويضيف نوفل، لـ "العربي الجديد"، أن الإشكالية تتمثل في الحصار الإسرائيلي المشدد المفروض على غزة، وعدم استطاعة القطاع الحكومي تشغيل الخريجين، خلال السنوات الأخيرة الماضية، فضلاً عن منع الاحتلال إدخال المواد الخام الأولية، ما ساهم في إغلاق العديد من القطاعات أبوابها وتقليص فرص العمل.
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أنه وعند تقسيم فئة الشباب، فإن نسبة البطالة الأعلى هي في صفوف الشباب حملة الشهادات الجامعية على غيرهم من الشباب الذين لا يحملونها، في الوقت الذي ترتفع فيه في صفوف الإناث، متجاوزة نسبة 72 في المائة. ويبين نوفل أن سوق العمل في غزة لا يتلاءم مع التخصصات والدراسات الجامعية التي تقدمها الجامعات، إذ بات من الضروري تغيير المناهج والتخصصات المقدمة كي تتناسب مع احتياجات سوق العمل المحلي والخارجي، في الوقت الذي لم تستجب المؤسسات الجامعية للكثير من النداءات المطالبة بذلك، كونها تركز على البعد الربح بشكل أكبر.
وبحسب الخبير الاقتصادي، فإن نسبة البطالة الأعلى على مستوى فئة الشباب من حملة الشهادات الجامعية كانت لدى خريجي تخصص التعليم الأساسي، إذ تتجاوز نسبة العاطلين عن العمل 78 في المائة، الأمر الذي يتطلب قيام الجامعات والمؤسسات الأكاديمية بدورها من أجل المساهمة في تقليص معدلات البطالة.
المساهمون