الاستثمارات الصينية في أوروبا تثير قلقاً وانقساماً

23 مارس 2019
شي جيبينغ زار إيطاليا الخميس الماضي(Getty)
+ الخط -
استثمرت الصين ما لا يقل عن 145 مليار يورو في أوروبا منذ 2010، لكن هذه الاستثمارات شهدت تراجعا في العامين الأخيرين في وقت تشدد فيه عدة دول إجراءاتها حيال عمليات الاستحواذ الصينية.
وفي حين بدأ الرئيس الصيني شي جيبينغ الخميس الماضي زيارة مهمة لإيطاليا، يبقى الاتحاد الأوروبي منقسما إزاء الموقف الواجب اعتماده تجاه بكين.

استثمارات شاملة
وبعد أن كان حجمها 2.1 مليار يورو(2.37 مليار دولار) في 2010، قفزت الاستثمارات الصينية المباشرة في دول الاتحاد الأوروبي إلى 20.7 مليار دولار في 2015 ثم إلى 37.2 مليارا في 2016، بحسب معطيات مكتب "روديوم" الأميركي.
وتراجعت هذه الاستثمارات الى 29.1 مليارا عام 2017 ثم إلى 17.3 مليار يورو في 2018 (45% منها في فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة).

ويرى الخبراء أن هذا التراجع يعود إلى تشدد سلطات بكين إزاء عمليات الاستحواذ التي تعتبر "غير معقولة" من مجموعات عامة عليها ديون، ولكن أيضا إلى قوانين أشد صرامة في أوروبا.
ومن أهم الشركات التي استحوذت عليها الصين، الشركة السويدية فولفو للسيارات، والإيطالية بيريلي لإطارات السيارات، والفرنسية "كلوب ميد" للسياحة وسانت هوبر للسمن النباتي ولانفان للموضة، والألمانية كوكا وكراوسمافي للآلات والمعدات.
ومنذ العام 2000 كان مصدر 60% من الاستثمارات الصينية في أوروبا من شركات حكومية صينية.

اختراقات في أوروبا
ولم تستقبل دول شرق أوروبا سوى 1.5% من الاستثمارات الصينية في الاتحاد الأوروبي عام 2018 في حين مثلت تلك الاستثمارات 13% في جنوب الاتحاد الأوروبي، بحسب المكتب الأميركي، حدث ذلك رغم الحفاوة التي تظهرها هاتان المنطقتان بالاستثمارات الصينية.
وتتأهب روما لتوقيع مذكرة تفاهم للاندماج في "طرق الحرير" هذا المشروع الفرعوني الذي تنفذه الصين، بعد أن فعلت ذلك عدة دول أوروبية (اليونان والبرتغال والمجر وبولندا).

واستحوذت الصين عبر شركتها العملاقة للشحن كوسكو في 2016 على ميناء بيرايوس اليوناني، وتسيطر الشركة الصينية أيضا على مينائي فالنسيا وبيلباو للحاويات.
ونسجت البرتغال علاقات وثيقة مع بكين بسبب أزمتها المالية، حيث تلقت، بحسب المكتب الأميركي، ستة مليارات يورو من الرساميل الصينية خصوصا في أكبر بنك خاص في البرتغال وشركة التأمين فيليدادي والشركة التي تدير شبكة الكهرباء.

ولم تعارض سلطات البرتغال العرض الذي قدمته شركة "تشاينا ثري غورجز" لشراء أكبر شركات الطاقة البرتغالية "انرجياس دو برتغال".
وخلال زيارة للرئيس الصيني لتشيكيا في 2016، تم إبرام استثمارات كبيرة لشركة "سي اي اف سي" الصينية في مجالات الإعلام والنقل الجوي إضافة إلى ناد لكرة القدم. وعُيّن رئيس مجلس إدارة الشركة الصينية مستشارا للرئيس التشيكي ميلوش زيمان.

تشدد أوروبي
في 14 فبراير/شباط 2019 صادق البرلمان الأوروبي على إطار لمراقبة الاستثمارات الأجنبية في الاتحاد الأوروبي في القطاعات الاستراتيجية (الذكاء الاصطناعي والاتصالات والروبوتات... ).
واعتمدت دول الأتحاد الأوروبي في مارس/آذار النص الذي كان مدفوعا من فرنسا وألمانيا وكذلك إيطاليا (قبل تغير سياستها) وذلك بداعي القلق من رؤية شركات أجنبية تحصل بكلفة زهيدة وبشكل اعتبر غير شرعي، على خبرة وتكنولوجيات أساسية.

ولن يكون بإمكان المفوضية الأوروبية تعطيل الاستثمارات، لكن باتت 14 دولة تملك وسائل غربلة كما أن التشريعات تتشدد، وكانت فرنسا حددت منذ 2014 القطاعات التي تتعين مراقبتها وذلك قبل أن يجعل منها الرئيس إيمانويل ماكرون احدى أولوياته.
أما ألمانيا فقد اعتمدت، بعد صدمة شراء شركة صينية لشركة كوكا التي تعتبر من أهم الشركات الصناعية، في ديسمبر/كانون الأول 2018 مرسوما خفضت فيه إلى 10% مقابل 25% منذ 2004، العتبة التي تتيح للسلطات الألمانية تعطيل عمليات استحواذ أجنبي.
وتحت ضغط السلطات تخلت شركة يانتاي تاهاي الصينية في أغسطس/آب 2018 عن شراء شركة ليفيد الألمانية لصناعة المعدات.
وبحسب مكتب روديوم الأميركي فإن نحو نصف الاستثمارات الصينية في دول الاتحاد الأوروبي في 2018، كانت في قطاعات تعتبر "حساسة".

تحذيرات أميركية
وتكثف واشنطن التي تخوض حربا تجارية ومنافسة تكنولوجية مع بكين، تحذيراتها للدول الأوروبية، وتمارس ضغطا خصوصا على ألمانيا مهددة إياها بالتوقف عن تقاسم المعلومات السرية اذا لم تستبعد برلين شركات الاتصالات الصينية من شبكات الجيل الخامس (5جي).

كما عارضت واشنطن بشدة في مارس/آذار العرض الصيني لشركة الطاقة البرتغالية، كما دعا غاريت ماركيز المسؤول في الإدارة الأميركية في بداية مارس/آذار إيطاليا الى عدم المشاركة في مشروع "طرق الحرير" الصيني معتبرا أن الشركات الايطالية لن تستفيد منه بالضرورة وأن سمعة إيطاليا "ستلطخ على الأمد البعيد".


(اليورو=1.13 دولار)

(فرانس برس)
دلالات
المساهمون