عروض وحسومات تفتش عن نقود شحيحة في غزة

22 ديسمبر 2019
خسائر القطاع الاقتصادي 100مليون دولار شهرياً(عبد الحكيم أبو رياش/أرشيف)
+ الخط -

يتحسّس أصحاب المحال والتجار الفلسطينيون في قطاع غزة، هذه الأيام، السيولة النقدية المتوافرة في جيوب الغزيين، عبر طرح سلسلة من الحملات والعروض غير المسبوقة، خصوصاً على المواد الغذائية والاستهلاكية الأساسية.

ويأمل التجار أن يتمكنوا خلال الفترة الحالية من استجلاب أكبر قدر ممكن من السيولة النقدية الشحيحة المتوافرة في أيدي نحو مليوني مواطن يعيشون في القطاع، من أجل سداد ما عليهم من التزامات مالية والمحافظة على منشآتهم قائمة في ظل انهيار الحالة الاقتصادية.


وتتركز الحملات المطروحة أخيراً على السلع الاستهلاكية السريعة، وتحديداً الغذائية، إلى جانب حملات طاولت كل ما هو معروض للبيع، إذ تتنافس الكثير من المحال، وحتى المؤسسات التجارية الكبرى، في طرح أسعار متدنية لإغراء المشترين، مستغلين منصات مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لحملاتهم.

يأتي ذلك في وقتٍ قدرت فيه اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار (منظمة غير حكومية) حجم الخسائر للقطاع الاقتصادي في غزة بأكثر من 100 مليون دولار أميركي شهرياً نتيجة للحصار الإسرائيلي الممتد للعام الثالث عشر على التوالي.


ويقول الباحث في الشأن الاقتصادي أسامة نوفل، إن الحملات والعروض على المستوى المحلي، وتحديداً في غزة، أصبحت ملاحظة، خصوصاً مع اقتراب نهاية العام ورغبة التجار في التخلص من البضائع المكدسة في المخازن.

ويوضح نوفل لـ"العربي الجديد" أن حجم المبيعات تراجع كثيراً إلى 28 نقطة بالسالب، وهو ما يدفع التجار الغزيين إلى السير نحو فكرة طرح الحملات والعروض للبحث عن تقليل حجم الخسائر المالية مع اقتراب العام الجديد ووصولهم إلى فترة الجرد المالي.


ويرى أن هذه الحملات التي يلجأ إليها التجار وأصحاب المحال في غزة ذات جدوى إيجابية من ناحية كسر الركود والجمود في الحركة الاقتصادية، رغم كونها لا تعطي اختراقاً حقيقياً في المشهد الاقتصادي العام، إلا أنها تخفف عليهم الأزمة وتوفر السيولة النقدية.

ويقدَّر نصيب الفرد السنوي في غزة بنحو 1100 دولار، وهي نسبة أقل من 45 في المائة من متوسط دخل الفرد في الضفة الغربية المحتلة، التي يصل فيها نصيب الفرد إلى أكثر من 2300 دولار، وهو ما يجعل الحركة الاقتصادية في الضفة أكثر تميزاً.


ويلفت الباحث في الشأن الاقتصادي، إلى أن انهيار المشهد التجاري في غزة جعل العاملين في هذا القطاع لا يثقون كثيراً بالشيكات، إذ انخفض حجم الطلب والعرض على الشيكات كثيراً من قبل التجار. وتقدَّر نسبة الشيكات المرتجعة منذ بداية العام في غزة بنحو 11 في المائة.

ووفقاً لبعض التقديرات الرسمية في غزة، فإن واقع القطاع الصناعي والتجاري والمقاولات والورش والمحال التجارية في غاية الصعوبة، حيث تقلصت الأعمال بنسب تزيد على 80 في المائة من طاقته التشغيلية طوال سنوات الحصار، فيما أغلق نحو 4 آلاف مصنع وورشة ومحل تجاري وشركة أبوابها.


يقول المختص في الشأن الاقتصادي سمير الدقران، لـ"العربي الجديد"، إنه رغم أن الحملات والعروض تساهم في كسر حالة الركود الحاصلة في المشهد الاقتصادي، إلا أنها تساهم في تدمير البنية الاقتصادية، وخصوصاً مع لجوء التجار للبيع بأسعار قليلة للغاية يصل بعضها إلى حد الخسارة.

ويشير إلى أن حجم الانهيار في الأسعار بات كبيراً للغاية، مقارنة بالسنوات التي سبقت فرض السلطة الفلسطينية إجراءاتها العقابية على القطاع قبل أكثر من عامين، التي كان أبرز ملامحها تقليص رواتب آلاف الموظفين وإحالة عدد آخر على التقاعد الإجباري وقطع رواتب الآلاف.


ووفقاً لتقارير أممية، كان آخرها تقرير منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" الصادر في سبتمبر/ أيلول الماضي، أصبح قطاع غزة مكاناً غير صالح للحياة الآدمية، في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية القاسية والمتفاقمة في أعقاب الانكماش الاقتصادي وتراجع نصيب الفرد من الدخل.

ويعتمد أكثر من 80 في المائة من سكان القطاع المحاصر على المساعدات التي تقدمها المؤسسات الدولية والإغاثية والعربية لهم، في ظل ارتفاع كبير في نسب الفقر والبطالة، في الوقت الذي تتجاوز فيه نسبة انعدام الأمن الغذائي نحو 69 في المائة.

المساهمون