الليرة التركية تعوض خسائرها وترتفع بعد يوم من الانتخابات المحلية

01 ابريل 2019
خسرت الليرة نحو 1.2% من قيمتها مقابل الدولار(Getty)
+ الخط -
عوضت الليرة التركية، اليوم الإثنين، خسائرها التي منيت بها في بداية التعاملات لتتحول من التراجع إلى الارتفاع، وذلك بعد يوم واحد من إجراء الانتخابات المحلية التركية والتي لم تعلن نتائجها الرسمية بعد، وإن كانت المؤشرات تؤكد فوز تحالف حزب العدالة والتنمية بأكثر من 51%، مع تراجعه في رئاسة عدد من المحافظات الكبرى مثل أنقرة وإزمير.

وأعلن رئيس لجنة الانتخابات التركية، سعدي غوفن، عن تقدم مرشح حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو، على مرشح حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم، حتى الآن على رئاسة بلدية إسطنبول، في نتيجة لم تعلن رسميا لعدم انتهاء عمليات الفرز.

وفي الساعة 11:37 بتوقيت غرينتش، كانت الليرة عند 5.5290 مقابل الدولار، في سعر أقوى من إغلاق الجمعة البالغ 5.5550 مقابل دولار.

كانت العملة قد ضعفت إلى 5.7001 في المعاملات المبكرة صباح اليوم، ثم تعافت إلى 5.62 مقابل الدولار، قبل أن تصل إلى 5.290 ليرة للدولار، وذلك بعد تذبذب خلال أسبوع ما قبل الانتخابات، سجلت الليرة بنهايته، إغلاق يوم الجمعة، تحسناً، ووصل سعرها إلى 5.555 مقابل الدولار.

وقال الخبير الاقتصادي فراس شعبو إنه "من غير الصواب" اللهاث وراء تذبذب سعر الصرف اليوم، لأنه سيتأثر بكل تصريح يصدر حول الانتخابات، مؤكداً أن الليرة تعرضت للاستهداف لأنها "كانت أهم أدوات المعارضة خلال الحملة الانتخابية"، ما خلق "تخوفاً" لدى كثيرين وشهدنا كثرة بيع أسهم وسندات، بل وانتشار المضاربة بالسوق النقدية.


وحول أسعار ما بعد نتائج الانتخابات المحلية التي خسر خلالها حزب العدالة والتنمية المدن الكبرى، يضيف شعبو لـ"العربي الجديد"، أن تراجع فوز الحزب الحاكم، وخاصة في العاصمة وربما إسطنبول، سيكون له أثر مهم، وخاصة بواقع تضارب الرؤى والسياسات بين حزب العدالة والتنمية، وحزب الشعب الجمهوري الذي فاز بمدن كبرى، مشيرا إلى أن "الأثر محدود وآني لأن البلديات جهات تنفيذية محلية ليس إلا".

ويستدرك شعبو أنه بصرف النظر عن الانتخابات والآثار السياسية الداخلية التي ستتلاشى تباعاً، توجد أسباب مهمة، سياسية خارجية وداخلية اقتصادية، لها علاقة بسعر الليرة، منها التصميم الأميركي على ضرب الاقتصاد التركي بعد تصميم أنقرة على استيراد الصواريخ الروسية، وأسباب اقتصادية لها علاقة بتراجع الاحتياطي الأجنبي بالمصرف المركزي وارتفاع الدين الخارجي.

وختم الأكاديمي شعبو بأنه على الأرجح أن الأسواق التركية، ستشهد خلال الأيام القليلة المقبلة، تردداً، ولكنه سيزول ذلك بعد الاتفاق على "سياسة عامة بين الأحزاب تخدم تركيا والمواطنين".

وفي حين عظّم أتراك من أثر فوز المعارضة على رئاسة بلديات مدن كبرى، وخاصة في إسطنبول التي يرونها "بوصلة السياسة التركية"، بل ووصل الأمر، كما قال المحلل التركي عوني أوزغورال، إلى إمكانية مطالبة المعارضة بانتخابات مبكرة، يؤكد المحلل التركي سعيد الحاج لـ"العربي الجديد" أن لا علاقة مباشرة للبلديات باقتصاد تركيا، فهي جهة تنفيذية داخل حدود المدينة، وليست لها صلاحية أو إمكانية للتشريع، وحزب العدالة والتنمية صاحب الأغلبية بالبرلمان فضلاً عن رئاسة الجمهورية.

وحول دور المعارضة، بعد الفوز ببعض البلديات في الانتخابات المحلية، بتعطيل المشاريع الكبرى أو التأثير على الاستثمارات الخارجية، يضيف الحاج أنه يمكن للمعارضة بعد الفوز برئاسة بلديات المدن الكبرى، وإسطنبول خاصة، أن تعيق تنفيذ بعض المشاريع ضمن حدودها وصلاحية رئيس البلدية، ولكن هذا غير متوقع لأنه لا يخدم الدولة التركية، والأرجح وفق الحاج "أن تجبر الأحزاب على التحالف والتوافق بما فيه المصلحة العامة لتركيا والشعب".


ويقول المحلل التركي سمير صالحة: "لا أظن أن البلديات ستعيق تنفيذ المشروعات، فهي أولاً لا تمتلك الثقل والتأثير على قرارات الحزب الحاكم التنموية بتركيا، صحيح أن البلديات مهمة، ولكن ضمن التنسيق المباشر مع السلطة السياسية، ومن الصعب أن تذهب بمنحى التأثير على المسار الاقتصادي".

والأمر الثاني وفقا لصالحة هو أن "المعارضة فازت برئاسة البلدية بمدن كبرى، لكن حزب العدالة والتنمية والحركة القومية فازا بمعظم الأقضية بإسطنبول".

وختم صالحة لـ "العربي الجديد" بأن "المعارضة اليوم أمام اختبار حقيقي أمام الناخب، ولا يمكنها أن تتصرف بمنطق الحزب، إذ ليس في صالح الجميع أن تدخل البلاد في أزمة مالية واقتصادية، ولا أظن أن المعارضة ستلعب بورقة الاقتصاد في إطار حسابات سياسية وحزبية ضيقة".

وكانت تركيا تعوّل كثيراً على ما بعد الانتخابات، ففضلاً عن وعود الرئيس أردوغان بـ "مكافحة الإرهاب الاقتصادي" وإلحاق هزيمة بمن يتآمر على الليرة والاقتصاد، كما أعلنت جمعية رجال الأعمال والصناعيين الأتراك (توسياد)، أن المرحلة المقبلة الخالية من الاستحقاقات الانتخابية، فرصة مهمة للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في البلاد.

المساهمون