كشف مسؤول مصري، أن بعثة فنية من صندوق النقد الدولي ستراجع موازنة العام المالي المقبل 2018/ 2019، قبل إحالتها إلى مجلس النواب (البرلمان) لمناقشتها.
وأكد أن "الحكومة وضعت عددا من السيناريوهات الخاصة بالدعم والعجز والدين العام والإيرادات المتوقعة والرسوم الجديدة، على أن يقوم خبراء الصندوق بالمساعدة في اختيار السيناريو الأفضل".
وقال المسؤول، الذي يتولى منصباً رفيعاً في وزارة المالية، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن الموازنة الجديدة ستكون جاهزة منتصف مارس/ آذار المقبل لعرضها على الحكومة قبل موعد إحالتها إلى البرلمان في 31 من نفس الشهر.
ويبدأ العام المالي في الأول من يوليو/ تموز وينتهي في 30 يونيو/حزيران.
ووقعت مصر فى نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 على اتفاق دعم مالي وفني مع صندوق النقد الدولي، بموجبه تم إنشاء مكتب للصندوق في القاهرة وممثل دائم لدى البنك المركزي للتحقق من سير مصر على البرنامج الاقتصادي المتفق عليه، والذي على أساسه وافق الصندوق على منح الحكومة قرضاً بقيمة 12 مليار دولار يصرف على 3 سنوات.
وقال المسؤول إن "حجم الموازنة الجديدة سيتخطى للمرة الأولى 1.5 تريليون جنيه (84.7 مليار دولار)، ونعمل على ضبط الإنفاق العام حتى لا يتجاوز حجم العجز من 8% إلى 8.5%".
وأشار إلى أن الموازنة الجديدة تستهدف خفض الدين العام إلى 97% من الناتج الإجمالي مقابل 107% حالياً.
وأضاف: "صندوق النقد يقدم المعونة الفنية، خاصة مع مساعي الحكومة لإلغاء الدعم دون آثار اجتماعية كبيرة، خاصة على الطبقات الأقل دخلاً".
وتسعى الحكومة لإخراج نحو 3 ملايين مواطن من منظومة بطاقات التموين لدعم السلع، كما تخطط لرفع أسعار البنزين للمرة الثالثة خلال أقل من عام ونصف.
ورفعت الحكومة أسعار الوقود مرتين بنسب كبيرة، منذ إبرام اتفاقها مع صندوق النقد، جاءت الأولى في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، بنسب تراوحت ما بين 30% و47%، والثانية في 30 يونيو/حزيران 2017 بنسبة تصل إلى 55%.
وأكد المسؤول صعوبة الوصول بمخصصات دعم الطاقة إلى 50 مليار جنيه (2.8 مليار دولار) مثلما حدد الاتفاق مع الصندوق، لافتا إلى تغيير تلك التوقعات بسبب ارتفاع أسعار النفط عالمياً، مضيفا أن الصندوق تفهم هذه الاعتبارات خلال اللقاءات الأخيرة.
لكن المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، قالت خلال كلمتها في المنتدى الثالث للمالية العامة بالدول العربية في دبي، في وقت سابق من فبراير/ شباط الجاري، إن مصر تعهدت بتحقيق تقدم أكبر في مجال إصلاح الطاقة.
وكان صندوق النقد قد حذر الحكومة من تأخير زيادة أسعار البنزين، خلال زيارة بعثته للقاهرة في الفترة من 25 أكتوبر/ تشرين الأول إلى 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، لإجراء المراجعة الثانية للاقتصاد المصري، والتي أسفرت عن موافقة المجلس التنفيذي للصندوق عن صرف الشريحة الثالثة من القرض، بقيمة ملياري دولار، ليصل إجمالي ما حصلت عليه مصر إلى نحو 6.08 مليارات دولار.
وعاد الصندوق وأكد في تقرير نشره على موقعه الإلكتروني في يناير/ كانون الثاني الماضي، على "ضرورة القضاء على معظم دعم الوقود".
ونفذت مصر معظم اشتراطات الصندوق، لا سيما تحرير سعر الصرف وفرض ضريبة القيمة المضافة وزيادة رسوم العديد من الخدمات.
وقفز سعر صرف الدولار عقب تحرير العملة المحلية في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 إلى مستويات غير مسبوقة، ليلامس حدود 20 جنيها قبل أن يتراجع قليلا بشكل تدريجي، بينما كان يتم تداوله قبل ذلك القرار مقابل 8.8 جنيهات.
ورغم الوعود الحكومية بالعمل على إعادة التوازن لسوق الصرف وخفض سعر الدولار إلى نحو 16 جنيها، إلا أن ذلك لم يتحقق، حيث ما يزال سعر الدولار يدور قرب 18 جنيها.
وكشف المسؤول المصري عن أنه تم إعداد الموازنة على أساس 16.5 جنيها للدولار، وسيتم مراجعة ذلك بصورة نهائية مع بعثة صندوق النقد. ويصل سعر الدولار في التعاملات الرسمية حاليا إلى نحو 17.7 جنيها.
وقال فخري الفقي، نائب المدير التنفيذي لصندوق النقد سابقاً لـ"العربي الجديد" إن مراجعة الصندوق للموازنة المصرية أمر فني، موضحًا أن الصندوق يملك خبراء أثبتوا نجاحهم في عدد من الدول.
لكن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة منذ إبرام اتفاقها مع صندوق النقد، كانت أكثر إيلاما للفقراء ومحدودي الدخل، وفق تأكيد خبراء الاقتصاد، حيث قفزت معدلات التضخم إلى مستويات قياسية تجاوزت 30% خلال 2017، قبل أن تعلن الحكومة عن مؤشرات حول تراجعها إلى نحو 17% خلال يناير/كانون الثاني الماضي، كما تجاوز الدين العام مستويات مقلقة، حيث كثفت الحكومة من الاقتراض المحلي والدولي.