كيف نجحت المؤسسات القطرية في مواجهة تداعيات الحصار؟

28 أكتوبر 2019
المشاركون أكدوا نجاح قطر في مواجهة الحصار(العربي الجديد)
+ الخط -
أجمع أكاديميون وباحثون شاركوا في ندوة "الاستجابة التنظيمية لأزمة سياسية: حالة المؤسسات القطرية وأزمة الحصار 2017"، على تفوق قطر في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، في مواجهة الحصار الجائر الذي فرضته عليها بشكل مفاجئ كل من السعودية والإمارات والبحرين، بالإضافة إلى مصر، في الخامس من يونيو/ حزيران 2017، عقب حملة "افتراءات وأكاذيب"، أكدت الدوحة أن هدفها المساس بسيادتها واستقلالها.

وبحسب رئيس برنامج الإدارة العامة في معهد الدوحة، الدكتور فريد الصحن، فإن الهدف الرئيسي للندوة، تكريس فكرة الربط بين النظرية والتطبيق ومواءمة الكفايات المتحصلة من تعليم الإدارة العامة كحقل دراسي يهتم بإدارة الأزمات في القطاع العام كما يعكسه واقع الحصار على قطر وما يتطلبه الواقع القطري من إجراءات وسياسات لتحويل الأزمة إلى فرصة. 

تأمين المواد الغذائية

وتناولت الندوة التي عقدتها كلية الإدارة العامة واقتصاديات التنمية، في معهد الدوحة للدراسات العليا، اليوم الاثنين، أربعة محاور. سلطت الجلسة الأولى الضوء على الاستجابة التنظيمية لتجاوز أزمة المواد الغذائية. وقدّم أستاذ الإدارة العامة في معهد الدوحة، علي المستريحي، بحثاً عن دور وزارة التجارة والصناعة القطرية (وزارة الاقتصاد والتجارة سابقاً) في تعاملها مع الأزمة والآثار الناتجة من الحصار في قطاع الأغذية.
واستعرض المستريحي، الخطوات التي اتخذتها وزارة التجارة في إدارة الأزمة في ما يتعلق بقطاع الغذاء، وصولاً إلى استعادة النشاط، وعدّد الاستراتيجيات التي اتخذتها الوزارة، وكيف استطاعت تحويل التهديد المتأتي من الأزمة إلى فرصة للاعتماد على الذات والبدء بإحداث تنمية مستدامة ‏بهذا القطاع الهام على المدى البعيد.

 وأظهرت النتائج التي عرضها المستريحي أن متخذ القرار القطري يتبنى نموذج المدير الفعال، متجهاً إلى تبني نموذج القائد ‏التحويلي، وأوصت الدراسة بإنشاء مركز متخصص بإدارة الأزمات والكوارث على المستوى الوطني.


وحملت الجلسة الثانية عنوان "الاستجابة التنظيمية للجنة الوطنية لحقوق الإنسان مع تداعيات الحصار".

وأوضح نائب رئيس اللجنة، محمد بن سيف الكواري، أن اللجنة خاطبت 500 منظمة حقوقية على مستوى العالم للتحرك العاجل لمعالجة آثار الأزمة الإنسانية التي سبّبها الحصار، وكذلك نفذ أعضاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان 33 زيارة ميدانية لعواصم أوروبية وعالمية للتعريف بحجم الوضع الكارثي الحقوقي والانتهاكات القائمة على قطر من قبل دول الحصار.

وأشاد بموقف حكومة قطر لكونها لم تتخذ أي إجراءات ضد حقوق الإنسان، فهي لم تمنع مواطني دول الحصار من دخول قطر، فالمعاملة لم تتغير من قبل الدولة، سواء في التعليم أو العلاج. 

معالجات اجتماعية

وتناولت الجلسة الثالثة "تداعيات الحصار على الأسر (الاجتماعية والنفسية) والمعالجات التي جرت من قبل المؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي".

وسلط المدير التنفيذي لمركز الاستشارات العائلية (وفاق)، راشد الدوسري، الضوء على تحديد نوعية وطبيعة الآثار السلبية والأضرار التي وقعت على الأسرة، وخاصة الأسر المشتركة، مثل: انقطاع العلاقات والصلات الاجتماعية بين الأسر والعائلات القطرية وشقيقاتها من الأسر والعائلات الخليجية التي تنتمي إلى دول الحصار.

أيضاً، نشوب الخلافات والمشاحنات بين الأزواج والزوجات في الأسر المشتركة واضطرار بعض الأزواج والزوجات إلى اتخاذ قرار الطلاق والعودة إلى بلادهم نتيجة الضغوط المتزايدة التي تمارسها دول الحصار وتوقف رؤية وزيارة الطرف الوالدي غير الحاضن لأبنائه. 

وذكر الدوسري أن بعض الآثار القانونية المترتبة عن هذا الحصار، منها: عدم تمكن الأسر المتنازعة أمام القضاء من الحصول على حقوقها القانونية، وعدم التمكن من استخراج أو تجديد المستندات والوثائق الرسمية لأفراد الأسر التي تحمل إحدى جنسيات الدول الخليجية المحاصرة.


دبلوماسية برلمانية

واختتمت الندوة بمحاضرة رابعة بعنوان "دور مجلس الشورى في أزمة حصار قطر: الدبلوماسية البرلمانية"، قدمتها هند المفتاح، عضو مجلس الشورى ونائبة الرئيس للشؤون الإدارية والمالية في معهد الدوحة. وركزت المفتاح على الدور الدبلوماسي البرلماني وعلى دور مجلس الشورى في التعامل مع أزمة الحصار.

ورأت المفتاح أنه لم يتعامل معها بشكل سلبي وتقليدي، ولم يكتف بدور المتفرج على الحكومة النشطة في السياسة الخارجية حينها، ولم ينكر وجود الأزمة أو يتجاهلها بل تعامل معها بشكل إيجابي وبدأ بممارسة دوره في السياسة الخارجية من خلال الحضور الدولي والتواصل والتشبيك مع الأصدقاء والحلفاء وإيصال صوت المواطن والمقيم في توضيح آثار الحصار على الجوانب السياسية والاجتماعية في الدولة، وساهم في تشكيل فرق عمل محلية وإقليمية ودولية عبر لجان الصداقة المختلفة عملت على تعزيز الحوار في كافة المجالات.

وخلصت الندوة إلى مجموعة من التوصيات، أهمها البدء بإنشاء مركز وطني متخصص بإدارة الأزمات والكوارث في قطر، والتركيز على ربط ‏الفرص المتحصلة من الأزمة بأهداف التنمية المستدامة للدولة على المدى البعيد، وتوثيق هذه الأزمة كتجربة تعلّمية لدعم الذاكرة التنظيمية لجميع المؤسسات العامة القطرية، وتطوير "نموذج القيادة التحويلية المستدامة" وتعريف أصحاب العلاقة به، وتكثيف جهود المؤسسات المجتمعية في تشكيل فرق الدعم النفسي والاجتماعي للأسر المتضطررة من أزمة الحصار، واستمرار مجلس الشورى في استخدام الدبلوماسية البرلمانية في المحافل الدولية للتأثير بالمجتمع الدولي لدعم موقف قطر في أزمة الحصار.
المساهمون