تلقت مكونات الحكومة اللبنانية، أمس السبت، ورقة اقتصادية اقترحها رئيس الوزراء سعد الحريري للحد من الأزمة الراهنة، وذلك بعد ساعات من منح الحريري مساء الجمعة، "شركاءه" في الحكومة، مهلة 72 ساعة، حتى يؤكدوا التزامهم المضي في إصلاحات تعهدت حكومته القيام بها العام الماضي أمام المجتمع الدولي، مقابل حصولها على هبات وقروض بقيمة 11.6 مليار دولار.
وقالت مصادر حكومية وفقا لوكالة "رويترز" إن الحريري ينتظر موافقة ائتلافه على الاقتراحات الاقتصادية، التي تشمل فرض ضرائب على البنوك وخطة لإصلاح شركة الكهرباء الحكومية، وإقرار موازنة تعهدت الحكومة بألا تشمل ضرائب جديدة على المواطنين.
ولم يعلن الحريري أو أي من مكونات الحكومة عن مضمون هذه الورقة، إلا أن وزير المال أعلن بعد لقاءه الحريري، أمس السبت، أنهما اتفقا على موازنة نهائية لا تتضمن أي ضرائب أو رسوما إضافية وذلك في محاولة لتهدئة احتجاجات واسعة النطاق.
وقال الرئيس اللبناني ميشال عون على تويتر "سيكون هناك حل مطمئن للأزمة".
أبرز بنود الورقة
ووفقا لوسائل إعلام لبنانية محلية ونشطاء، فإن الورقة تشمل خفض رواتب الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة والنواب الحاليين والسابقين إلى النصف، وتحديد رواتب القضاة بعشرة ألاف دولار كحد أقصى، وإلغاء مجالس ووزارات مثل وزارة الاعلام، وإلغاء جميع ما تم خفضه من معاشات التقاعد للجيش والقوى الأمنية.
وتشمل الخطة تحويل معامل الكهرباء إلى غاز خلال شهر واحد، وخصخصة قطاع الاتصالات المحمول، وإلغاء كل أنواع الزيادات في الضرائب على القيمة المضافة والهاتف والخدمات العامة، وإعادة العمل بالقروض السكنية.
وتتضمن الورقة أيضا، اقتراح قوانين لرفع السرية المصرفية الإلزامي عن جميع الوزراء والنواب والمسؤولين في الدولة، وإقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة، ومواجهة الفساد.
وتتضمن ورقة الحريري كذلك فرض ضرائب على المصارف وشركات التأمين 25%. وتحديد سقف رواتب المديرين ومخصصات اللجان الحكومية.
احتجاجات مستمرة
وعاد المحتجون اللبنانيون إلى الشوارع صباح اليوم الأحد، ليواصلوا الضغط على رئيس الوزراء سعد الحريري مع قرب انتهاء مهلة حددها الحريري لتنفيذ مجموعة من الإصلاحات المطلوبة بشدة لاقتصاد البلاد.
وتشارك في الاحتجاجات المناهضة للحكومة، التي تعم البلاد منذ يوم الخميس، جميع قطاعات المجتمع اللبناني وتوجه دعوة موحدة، على نحو غير معتاد، لإسقاط نخبة سياسية يتهمها المحتجون بإغراق الاقتصاد في أزمة.
وبدأت التظاهرات ليل الخميس، بعد ساعات من فرض الحكومة رسماً بقيمة 20 سنتاً، سرعان ما تراجعت عنه، على التخابر على التطبيقات الخلوية، بينها خدمة واتساب، بين ضرائب أخرى تدرس فرضها تباعاً.
وتصاعدت نقمة الشارع خلال الأسابيع الأخيرة إزاء احتمال تدهور قيمة العملة المحلية التي تراجعت قيمتها في السوق السوداء مقابل الدولار، وتوجه الحكومة لفرض ضرائب جديدة وسط مؤشرات إلى انهيار اقتصادي وشيك.
ضغوط دولية
يطالب المانحون الدوليون لبنان بتنفيذ التغييرات الاقتصادية من أجل الحصول على قروض ومنح تم التعهد بها في مؤتمر اقتصادي عقد باريس في إبريل/ نيسان 2018.
وتعهد المانحون الدوليون بتقديم 11 مليار دولار للبنان، لكنهم سعوا إلى ضمان إنفاق الأموال جيدا في البلد الذي يعاني الفساد.
وسجل الاقتصاد اللبناني في العام 2018 نمواً بالكاد بلغ 0,2 بالمئة، ويعاني لبنان نقصا في تأمين الخدمات الرئيسية، وترهل بنيته التحتية. ويُقدّر الدين العام اليوم بأكثر من 86 مليار دولار، أي أكثر من 150 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
وفشلت الحكومات المتعاقبة، منذ مطلع التسعينات، في تطبيق إصلاحات للنهوض به. ويقدر خبراء كلفة العجز السنوي في قطاع الكهرباء بنحو ملياري دولار سنوياً.
ولا تصل المياه بشكل دائم إلى المنازل خصوصاً خلال الصيف، ما يدفع اللبنانيين إلى شراء المياه للاستحمام والغسيل.
كما تعد كلفة الاتصالات الخلوية في لبنان من الأكثر ارتفاعاً في المنطقة. وتعد جودة التعليم في القطاع الخاص أفضل بكثير من القطاع العام، إلا أن أقساطها مرتفعة وتئن عائلات كثيرة من عبء تعليم أولادها.