وفيما سرت معلومات عن خلافات حول بعض المقترحات التي لم يُكشف عنها بين الأطراف السياسية، قال الجرّاح عقب انتهاء الجلسة التي حملت الرقم 19 في مسلسل الجلسات المخصصة لدرس الموازنة: "خلصنا الحمد لله وانتهت الموازنة"، علماً أنها تخفض العجز المالي المتوقع من 11.5% إلى 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
ونقل عن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري قوله في مستهل الجلسة التي عُقدت في السراي الحكومية، إن "كلاماً كثيراً يُقال عن مشروع الموازنة، من أنها لا تتضمن رؤية اقتصادية، وهذا أعتبره مجرّد كلام، لأن الرؤية موجودة في البيان الوزاري ومؤتمر سيدر وخطة ماكينزي، وستُترجم على مدى 5 سنوات".
ودعا الحريري إلى "الخروج من الكلام والتركيز على العمل وإنهاء العمل بالموازنة ثم إحالتها إلى مجلس النواب للمصادقة عليها"، مشيراً إلى "وجود كلفة للتأخير من أول السنة وكذلك لتأخير تشكيل الحكومة والتأخير غير المبرر لإقرار مشروع الموازنة، بعدما صرنا على أبواب موازنة 2020".
وقد رفع الحريري جلسة الموازنة الساعة الرابعة والنصف عصراً، لارتباطه بموعد مهم جداً، وأبلغ مجلس الوزراء بأنه بصدد السفر إلى السعودية مطلع الأسبوع المقبل ليشارك بالقمتين العربية والإسلامية قبل عيد الفطر.
وفي معرض ردّه على أسئلة الإعلاميين، قال الجرّاح إن "بعض الاقتراحات استكملنا النقاش فيها، ثم أقررنا بعضها ودخل إلى مشروع الموازنة، فيما لم يُقر بعضها الآخر"، لكنه رفض الخوض في تفاصيل هذه الاقتراحات التي ستُناقش لاحقاً، واعتبر أن التوازن الاقتصادي والمالي عملية مستمرة لا تنتهي مع انتهاء درس مشروع موازنة 2019، ويمكن نقاشها في إطار مشروع موازنة 2020 التي سيبدأ نقاشها قريباً.
أما وزير المالية علي حسن خليل، فقد صرّح بعد الجلسة قائلاً إنه "بحسب جو الجلسة فلا نقاش في الجلسة المقبلة"، موضحاً أن هناك قرارات وتوجهات عامة مقترحة أُحيلت لاتخاذ القرار بشأنها في مجلس الوزراء مستقبلاً، وهي غير مرتبطة بالموازنة مباشرة"، مشيراً إلى أن التدبير رقم 3 تم الاتفاق على أنه لا يحتاج إلى نقاش من ضمن الموازنة العامة، بل يكفيه قرار من مجلس الوزراء.
وكشف أيضاً أن مخالفات الأملاك البحرية قد اتُخذ قرار بشأنها وأصبحت ملحوظة ضمن إيرادات مشروع موازنة 2019، موضحاً في الوقت نفسه أن وزارة المالية كان قد باشرت أساساً بتكليف المعنيين بمتابعة هذا الأمر و"وصلنا إلى رقم مشجّع جداً هذه السنة".
الهيئات الاقتصادية: استسهال فرض الضرائب نتائجه عكسية
وفيما كان أساتذة وطلاب وموظفو الجامعة اللبنانية يعتصمون في وسط بيروت وأمام مقر "جمعية مصارف لبنان"، عقدت الهيئات الاقتصادية في غرفة بيروت وجبل لبنان، اجتماعا برئاسة رئيسها الوزير محمد شقير، وبمشاركة أعضاء الهيئات، تم خلاله البحث في مشروع الموازنة العامة، ولا سيما الإجراءات المتخذة لخفض العجز ومشاريع القوانين التي تضمنتها فضلا عن مواضيع أخرى تتعلق بالقطاع الخاص.
وأصدر المجتمعون بيانا أكدوا فيه أن "دقة الوضع المالي وصعوبته تقتضيان اتخاذ إجراءات جذرية وصارمة، يعبر عنها في إقرار موازنة عامة تقشفية وإصلاحية وتحفيزية، على أن تعبر بشكل واضح عن سياسة الحكومة الاقتصادية".
وشددت الهيئات على أن "معالجة الأوضاع المالية عبر خفض عجز الموازنة يجب أن تتركز بشكل أساسي على إجراء تخفيضات هيكلية للنفقات العامة، وليس من خلال زيادة الإيرادات عبر اللجوء إلى فرض المزيد من الرسوم والضرائب كما هو حاصل الآن".
وحذرت من أن "استسهال الخيار الأخير سيؤدي إلى نتائج عكسية وستنتهي مفاعيله بشكل سريع، فيما المطلوب حلول مستدامة لوقف النزف في المالية العامة، والجميع بات يعرف مصدره ومكانه".
وتوقفت "بكثير من القلق عند الارتجال في تمرير مشاريع قوانين تعنى بالتشريع الضريبي خلال جلسات مناقشة الموازنة العامة تحت شعار معالجة العجز".
وإذ أبدت تخوفها "من تغيير هوية لبنان الاقتصادية جراء هذه التوجهات المستجدة"، شددت على "ضرورة أن تدرس هذه التشريعات الأساسية بهدوء وتأن لمعرفة نتائجها على مختلف المستويات وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني".
واستهجنت الهيئات "تمادي بعض الوزارات في خلق أمر واقع جديد بين ليلة وضحاها يعوق انسيابية العمل تحت شعارات فضفاضة وواهية، تكون نتيجتها ضرب الاقتصاد الوطني".
واعتبرت أن "المعيار الأساسي للحكم على مدى فاعلية الموازنة في لجم التدهور المالي وإعادة البلد إلى طريق التعافي والنهوض، يكمن في النظر في مدى خفض النفقات التي تبقى العامل الأكثر تأثيرا على المديين القصير والطويل، والذي يمكن تحقيقه بشكل دقيق".
من جهة أخرى، طالبت الهيئات الاقتصادية إدارة مرفأ بيروت بعدم استيفاء رسوم "أرضية المرفأ"، من الصناعيين والتجار وجميع المستوردين والمصدرين عن الفترة التي أقفل المرفأ فيها أخيرا نتيجة إضراب عماله، معتبرة أن "هذا الأمر لا يجوز وغير قانوني، وهو بمثابة خوة تفرض على المتعاملين مع المرفأ".
وإذ ناشدت مجلس الوزراء وكل القوى السياسية الممثلة فيه "اعتماد الحلول المستدامة والإجراءات الاقتصادية البحتة والابتعاد عن الارتجال والاستسهال والشعبوية"، أكدت أنها ستواكب كل النقاشات الحاصلة في مجلس الوزراء وفي ما بعد في لجنة المال والموازنة وفي الهيئة العامة لمجلس النواب وستتخذ المواقف المناسبة من كل التطورات.