بيت المونة..الأردنيون يهربون من الغلاء بإحياء عادات للاكتفاء الذاتي

28 ابريل 2015
الفقر وارتفاع الأسعار يعيد الأردنيين للإنتاج المنزلي (فرانس برس)
+ الخط -
دفع الغلاء وتراجع الدخل الفردي الأردنيين إلى العودة تدريجيّاً لإحياء "بيت المونة"، الذي يعد تقليداً قديماً اختفى، تقريباً، منذ أكثر من عقدين من مظاهر الحياة العامة، وكان يمثل خياراً استراتيجياً للأسر لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، سواء المنتج من قبلها أو الذي تخزنه في مواسم الحصاد وعند انخفاض الأسعار.
وبحسب تقرير لجمعية حماية المستهلك الأردنية، كان لدى الأغلبية العظمى من الأسر شبه اكتفاء ذاتي من السلع من خلال "بيت المونة" ولا ينقصها إلا شراء بعض السلع المرتبطة بالملابس والأحذية والأدوية.
وقال رئيس الجمعية، محمد عبيدات، لـ "العربي الجديد"، إن الأسر الأردنية تعاني، اليوم، من ارتفاع الأسعار والغلاء الذي طال كافة السلع الغذائية، في الوقت الذي تراجعت فيه عمليات الإنتاج المنزلي وهجر غالبية المواطنين الزراعة وتربية المواشي والأغنام ما ترتب عليه أعباء مالية كبيرة.
وأضاف عبيدات، الذي يرأس، أيضاً، الاتحاد العربي للمستهلك، أن الخيار الأمثل أمام الأردنيين، اليوم، لمواجهة الغلاء يتمثل في ضرورة العودة إلى "بيت المونة"، بحيث توفر الأسر احتياجاتها من المواد الغذائية الأساسية واستغلال المساحات المتوفرة لديها من الأراضي للزراعة وفقاً لمتطلباتها، وكذلك إنتاج بعض الأغذية.
وأشار إلى أن الأسر الأردنية كانت تعيش في حالة رخاء اقتصادي في ظل "بيت المونة" حيث كانت تنتج معظم احتياجاتها من الغذاء سواء في الزراعة أو التصنيع داخل المنازل، كالألبان والأجبان وغيرها، إضافة إلى تخزين "المونة"، طيلة العام من المواد الأساسية.
وأضاف أن هذا الخيار ذات أهمية كبيرة من حيث الاعتماد على الذات، وتخفيض أعباء المعيشة من خلال الإنتاج المنزلي وترشيد الإنفاق ومقاطعة السلع التي ترتفع أسعارها بدون مبرر.
وتابع " كان الهم الرئيسي للمرأة الأردنية تأمين بيت المونة بكافة المواد الغذائية الأساسية، التي تحتاجها أسرتها من قهوة وقمح وبرغل وعدس وزيت وزيتون وفول وسمن وجبن وبصل وبندورة مجففة (طماطم) وغيرها للموسم القادم، بالإضافة إلى اللحوم المغطاة كلية بالسمن المسماة (القاورما) وكل هذا بهدف تحقيق نوع من الاكتفاء والأمن الغذائي".

وقال "بيت المونة كان يحمينا من جشع بعض تجار الجملة، لكن مع مرور السنوات اختفى لدى الأغلبية الساحقة من الأسر، لأسباب ترتبط بعضها بسياسات حكومية فاشلة كانت نتيجتها اتكال واعتماد هذه الأسر على الدولة في كل شيء".
وبحسب دائرة الإحصاءات العامة الحكومية، فإن متوسط تضخم أسعار المستهلكين لعام 2014، ارتفع بمعدل 2.8% مقارنة مع عام 2013، إلا أن رئيس جمعية حماية المستهلك، يعتقد أن نسبة التضخم في بلاده أعلى من ذلك بكثير، ذلك أن الطريقة الحسابية التي تعتمدها الإحصاءات لا تعكس الواقع على حاله.
ومن المتوقع أن تعلن الحكومة، قريباً، نتائج دراسة الفقر، التي أجرتها أخيراً، حيث تشير الدلائل الأولية إلى أن نسبة الفقر ستشهد ارتفاعاً واضحاً بسبب التردي في مستويات المعيشة خلال السنوات الخمس الأخيرة، وفق خبراء الاقتصاد.
ووفقاً لآخر دراسة حكومية أجريت عام 2008، فإن نسبة الفقر بلغت 13.3% من إجمالي عدد السكان الذي كان يبلغ آنذاك حوالي 6 ملايين نسمة.
وقال المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة، نمر حدادين، لـ "العربي الجديد"، إن الوزارة تشجع المواطنين على إنتاج بعض المواد الغذائية من خلال الزراعة أو تصنيعها في المنازل، وخصوصاً إذا توفرت لها المساحات المناسبة.
وأشار حدادين، إلى أن من الأمور التي يمكن إنتاجها، هي الألبان ومشتقاتها واستغلال المساحات المتوفرة في كل بيت من الأراضي لأغراض الزراعة.
وقال مواطنون، إنهم يقومون، حاليّاً، بإنتاج بعض الأغذية من خلال تصنيع الحليب وزراعة مساحات الأراضي أمام كل بيت بالخضار الأساسية، وكذلك تربية الدجاج، كما يستغل بعضهم في المدن أسطح المنازل لزراعة الأشتال الخفيفة كالبندورة والفلفل وتربية الأغنام.
وقال المواطن يوسف العمور، إن الآباء والأجداد لم يكونوا يهتمون كثيراً بالأموال النقدية لعدم الحاجة لها، إلا في حالات الذهاب إلى الطبيب، حيث كانت الأسر تنتج جميع احتياجاتها من الغذاء، وحققت لسنوات طويلة الاكتفاء الذاتي، حيث كان الأهالي يتبادلون المنتجات فيما بينهم.
وأضاف "حتى الدخان كانت تتم زراعته في الأراضي وعلى مساحات واسعة، ما عزز الاكتفاء الذاتي لدى الأسر، وكانت كل أسرة تربي مئات الأغنام والخراف، بينما اليوم أصبحت النقود الأولوية الأولى للمواطنين وأغلب الناس هجروا الزراعة وبعضها لم تعد منتجة كالسابق".

اقرأ أيضا: مستثمرون يزاحمون الفقراء على غسل الموتى في الأردن
دلالات
المساهمون