على لبنان أن يقوم بعملية طوعية لإعادة هيكلة ديونه لتجنب أزمة مالية على الرغم من التعهدات بتقديم معونات من الدول الخليجية، وفقاً لشركة فرانكلين تمبلتون إنفستمنتس، التي تدير أصولاً بقيمة 650 مليار دولار في جميع أنحاء العالم.
ويقول قال محيي الدين قرنفل، كبير مسؤولي الاستثمار في الشركة، إنه "يجب أن يكون إصلاح الديون جزءاً من ضمن برنامج إصلاح مدعوم من قبل المقرضين، مثل صندوق النقد الدولي".
وأضاف في مقابلة مع "بلومبيرغ" نشرت اليوم الثلاثاء: "حتى لو كان ذلك مصحوبًا بتغيير في القيادة في وزارة المالية والبنك المركزي، فإن ما يقلقني هو أن الطريق أصبحت أقصر. إذ لا يزال هنالك التحديات متوسطة الأجل والحاجة إلى إيجاد حيز مالي من خلال إعادة هيكلة طوعية أو إعادة تعريف للديون، مع الحاجة إلى الدعم المتعدد الأطراف لتوفير المصداقية لأجندة الإصلاح الهيكلي الحتمية".
واحتاج لبنان إلى التزام قطر باستثمار 500 مليون دولار في السندات الدولارية، وتعهد سعودي بدعم الاقتصاد، لمساعدة اليوروبوندز على التعافي، بعدما صرح وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال، بأنه يفكر في خطة لإعادة هيكلة الديون.
وأضاف قرنفل أن الخطوة يجب أن تأتي كجزء من خطة شاملة تتناول قضايا مثل معالجة فاتورة الأجور في القطاع العام، وإصلاح قطاع الكهرباء والحد من الفساد.
"عندما تفكر في حل للبلاد، من الواضح أنها تحتاج إلى بعض المجال للتنفس للدخول في الإصلاح الهيكلي، ومن بين أهم هذه الأمور تقليل عبء الفائدة، إذا كان على لبنان أن يدخل في اتفاق ما مع صندوق النقد الدولي، أو بعض المؤسسات المتعددة الأطراف أو مجموعة من الدول، التي تتيح له شراء بعض الوقت" وفق قرنفل.
وعلى الرغم من تاريخ لبنان في سداد السندات خلال الحرب والصراع السياسي، وصل هذا البلد إلى وقت الحساب مع سنوات من التجاوزات المالية. ومع استمرار حكومة تصريف الأعمال بعد ثمانية أشهر من الانتخابات، تفاقم الخلاف السياسي في البلاد وسط استمرار الأزمة في سورية المجاورة.
ومن المتوقع أن ترتفع الديون الحكومية إلى ما يقرب من 180 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2023، ليأتي لبنان في المرتبة الثانية بعد اليابان في حجم الدين نسبة إلى الناتج، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي.
لقد أصبحت مخاطر الديون في لبنان الأعلى على المستوى الدولي، بعد زامبيا والأرجنتين، والتي تم قياسها من خلال عدم القدرة على سداد الائتمان خلال العام الماضي، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبيرغ.
فالمساعدات من دول الخليج تزيد من "احتمالات احتواء الضغط على المدى القصير، لتجنب أزمة ثقة ووقف التدفقات التي تخرج من النظام المصرفي. لكن ذلك لا يكفي التعامل مع التحديات المتصاعدة في النظام المصرفي"، وفق قرنفل.
وارتفعت الأوراق المالية الأسبوع الماضي بعد تعهدات المساعدات. لكن العائد، ما يزيد قليلا على 10 في المائة، ولكنه لا يزال أعلى بمقدار 300 نقطة أساس عما كان عليه في بداية تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 عندما أدت الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء سعد الحريري إلى أزمة سياسية.
وبعد استقالة الحريري القصيرة، رفع المقرضون المحليون أسعار الفائدة لجذب الأموال وبدأوا يفرضون ما يصفه قرنفل بأنه "ضوابط رأسمالية ناعمة" لاحتواء تدفق الودائع.
وفي تصريحات أوردتها وسائل الإعلام المحلية مؤخراً، قال رياض سلامة إن البنوك المحلية تمتلك سيولة كافية لتغطية طلبات 80 في المائة من المودعين لتحويل أموالهم إلى دولارات أميركية.
المأزق الحالي هو واحد من أصعب الاختبارات التي تواجه النظام السياسي الطائفي الذي يحكم لبنان منذ نهاية الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و 1990، والتي قال قرنفل إنه من غير المحتمل أن يحشد ما يكفي من الإرادة لمحاربة الفساد وتنفيذ الإجراءات الصعبة اللازمة لتجنب وقوع أزمة.
واعتبر أن الأزمة ربما أبعد مما يمكن معالجته ضمن الإطار السياسي القائم. وتابع أن البنك المركزي، الذي يشيد به المستثمرون بانتظام في ما يتعلق بالحفاظ على استقرار العملة، يعتبر مسؤولاً جزئياً، وفق قرنفل.