لبنان: مصانع تغلق أبوابها بسبب تدهور الاقتصاد

11 ابريل 2019
أزمة الكهرباء فاقمت متاعب المصانع (فرانس برس)
+ الخط -
تمكنت أنشطة المنسوجات لعائلة مزنر التي بدأت قبل 300 عام من الصمود أثناء الحرب الأهلية في لبنان من خلال تصنيع أزياء المليشيات، لكنها واجهت صعوبات وسط الأوجاع الاقتصادية في الأعوام التي أعقبت الحرب، وانتهى بها المطاف الآن إلى إغلاق مصنعها.
وقال رئيس غرفة التجارة اللبنانية، ناجي مزنر، العام الماضي إن نحو 2200 شركة أغلقت أبوابها، محذرا من المزيد من الانهيارات، ورغم الخلاف حول هذه الأرقام، يتفق معظم اللبنانيين على أن اقتصاد بلدهم أصبح في حالة بائسة.
وبالنسبة لناجي مزنر، الذي بدأ العمل في مصنع للأقمشة في عقد السبعينات قبل أن يتولى إدارته، فقد واجه سلسلة من التحديات ضغطت على نشاطه، وجعلته عاجزا عن منافسة المنتجات الأقل تكلفة القادمة من الخارج، وقال مزنر: "تحول كل شيء إلى خسائر.. خسائر... إلى متى يمكن للمرء أن يتحمل المعاناة؟".
وكان المصنع، الذي بُني في عام 1946 ويتكون من ثلاثة طوابق، ينتج منسوجات لأقمشة تستخدمها الأسر كستائر أو مناشف. وكافح مزنر للحفاظ على استمرار عمل المصنع، حتى توقف الإنتاج في 2018.
وفي مقابلات مع وكالة "رويترز"، عزا أصحاب شركات وأنشطة أعمال مثل مزنر وموظفون وخبراء، التباطؤ إلى مشكلات من بينها الاضطرابات في المنطقة والبنية التحتية المتهالكة، والهدر الحكومي أو الفساد، وأسعار الفائدة المرتفعة.
ورغم محاولات الحكومة الجديدة لتحسين الأوضاع، مع تعهدها بسرعة التنفيذ، فإن التأثير السلبي لسنوات من الجمود السياسي وتوقف الإصلاحات أصبح بالفعل هائلا، وهو ما دفع المزيد من الشركات لوقف أنشطتها، إضافة إلى فقدان عمال لوظائفهم.
وتنشر الحكومة بيانات اقتصادية قليلة موثوقا بها، لكنها لا تنشر أرقاما للبطالة بشكل منتظم، إلا أن رئيس الوزراء سعد الحريري قال العام الماضي إن معدل البطالة يبلغ نحو 30 في المئة.
ومع حالة الركود التي تعاني منها ركائز اقتصادية مثل السياحة والعقارات، حقق الاقتصاد متوسط نمو من واحد إلى إثنين في المئة منذ اندلاع الحرب في سورية المجاورة في 2011، انخفاضا من ثمانية إلى تسعة بالمئة في السنوات التي سبقت الصراع.
وقال وزير الاقتصاد السابق رياض خوري، إن "هناك تدهورا. هناك زيادة في إغلاقات الشركات وفي البطالة. بالتأكيد، حدث الأمران معا."هناك شركات صغيرة ومتوسطة تعاني بشدة".
ودفعت الانقطاعات اليومية في الكهرباء والماء أصحاب المصانع إلى الاعتماد على موردين من القطاع الخاص، وهو ما زاد التكلفة.
وارتفعت الضرائب، لكن لم يطرأ تحسن على البنية التحتية أو الخدمات العامة. وبالنسبة لبعض الشركات، عرقلت الحرب في سورية استفادتها من أسواق مجاورة، وأضافت إجراءات أمنية أدت إلى ازدحام الطرق.
ومع المخاطر التي تلوح في الأفق السياسي وارتباط العملة بالدولار، يقدم لبنان أسعار فائدة مرتفعة حافظت على تدفق الودائع إلى بنوكه. لكن تلك الفائدة المرتفعة لا تشجع أيضا الاقتراض، حيث يحتاج منتجون مثل مزنر إلى قروض للاستثمار في ماكينات جديدة.
وقال مزنر وآخرون إن السياسات التي أبقت على استقرار الليرة اللبنانية خلال الاضطرابات، أخفقت في الوقت نفسه في حماية أو دعم الإنتاج المحلي.
وهبط عدد العاملين لدى مزنر من 75 إلى 40 في 2010، لينتهي المطاف بوجود عشرة منهم فقط، لا يزالوا يعملون له لكن في متجر قريب من المصنع يبيع بالات من الأقمشة التي كان قد أنتجها ومنسوجات مستوردة من أوروبا.
ورغم أن متجره يحقق أداء أفضل بكثير من المصنع، إلا أن مزنر، مثل كثيرين غيره، يخشون من انخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين.
وقال "شعرنا بذلك بشكل كبير في 2018". وهبطت المبيعات إلى النصف العام الماضي، وأفلس تجار كان قد تعامل معهم لسنوات عديدة. ويتذكر مزنر الأوقات التي كان يلعب فيها في المصنع حينما كان صبيا، لكن أبناءه الثلاثة ذهبوا جميعا للعمل في الخارج.


(رويترز)