تسود توقعات بأن تقفز واردات المغرب من الحبوب خلال العام الجاري، إلى مستويات قياسية، متأثرة بانخفاض محصول الحبوب الذي يقترب من نحو نصف معدلات العام الماضي 2018.
ويعزز تأخر سقوط الأمطار، في الأسابيع الأخيرة، من التراجع المرتقب في المحصول خلال الموسم الحالي، إلى ما بين أربعين وخمسين مليون قنطار (القنطار يعادل 100 كيلوغرام)، مقارنة بنحو 103 ملايين قنطار العام الماضي.
يقول محمد الهاكش، الخبير الاقتصادي، لـ"العربي الجديد"، إنه من المتوقع أن يلجأ المغرب إلى الاستيراد بكثافة خلال 2019، مشيرا إلى أن ذلك سيكون له تداعيات سلبية على الميزان التجاري للمملكة.
ويشير الهاكش إلى أن تباين المحصول بين عام وآخر، وارتهان أكثر من ثلثي المزارعين لتساقط الأمطار، يثير العديد من التساؤلات حول خطط الحكومة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من سلعة حيوية مثل القمح.
وتظهر بيانات مكتب الصرف (حكومي)، زيادة قياسية في فاتورة مشتريات المغرب من القمح، في يناير/كانون الثاني الماضي، لتصل إلى حوالي 130 مليون دولار، مقابل 84 مليون دولار في الشهر ذاته من العام الماضي.
ووفق البيانات، قفزت الكميات المستوردة إلى 5.15 ملايين قنطار في يناير/كانون الثاني، مقابل 3.72 ملايين قنطار في الفترة نفسها من 2018.
وكانت مشتريات المغرب من القمح قد وصلت إلى 965 مليون دولار، في العام الماضي بأكمله، مقابل 874 مليون دولار في 2017، حيث زادت الكميات المستوردة إلى 39.87 مليون قنطار من 36.29 مليون قنطار.
ويعتبر المغرب من بين أكبر مستوردي الحبوب في العالم، وتقدر مشترياته سنوياً بما بين 30 و50 مليون قنطار، الأمر الذي يساهم في تفاقم عجز الميزان التجاري ويؤثر في رصيد البلد من العملة الصعبة.
وقرر المغرب، في نهاية 2018، تجميد الرسوم الجمركية الخاصة بواردات القمح اللين، حتى نهاية إبريل/نيسان المقبل، من أجل عدم رفع كلفة الاستيراد لتبلغ نحو 27 دولاراً للقنطار، بينما كانت نسبة الرسوم تصل إلى نحو 30%.
وقد أكدت الحكومة عند اتخاذ ذلك القرار، أنه رغم استقرار الأسعار في السوق الدولية، اعتباراً من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلا أنها لاحظت أنه رغم هذه الوضعية، يبقى السوق العالمي متوتراً، نظراً لانخفاض مستوى الإنتاج في البلدان المصدرة الرئيسية، والتراجع التدريجي للمعروض التصديري في منطقة البحر الأسود.
وسبق أن رفع المغرب الرسوم الجمركية على واردات القمح اللين، في إبريل/نيسان الماضي، إلى 135% حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول، لكنه خفضها إلى 30% في ذلك الشهر، قبل أن يجمدها نهاية العام، في ظل المؤشرات المتلاحقة على تراجع المحصول المحلي.
وبررت الحكومة، في نهاية إبريل/نيسان 2018، رفع الرسوم الجمركية بالرغبة في حماية المزارعين المحليين، بعد المحصول القياسي من الحبوب المسجل في الموسم الأخير. ووصل محصول القمح اللين في الموسم الأخير إلى 48.1 مليون قنطار، من بين محصول حبوب بلغ أكثر من 103 ملايين قنطار، حسب وزارة الزراعة والصيد البحري.
ويقول محمد الإبراهيمي، المستثمر في قطاع الحبوب، لـ"العربي الجديد"، إن المزارعين وجدوا صعوبات كبيرة في تصريف محصول القمح اللين، خلال العام الماضي، في ظل زيادة الإنتاج، مشيرا إلى أن الأسعار في السوق الداخلية انحصرت في حدود 21 و22 دولاراً للقنطار، بينما كانت الحكومة حددت السعر المرجعي في حدود 28 دولاراً للقنطار.
ويخصص المغرب نحو 4.5 ملايين هكتار للحبوب (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع)، إلا أن 85% من تلك الأراضي ترتهن لتساقط الأمطار، ما يبرر مستوى المردودية المنخفض في تلك الزراعة.
وأطلق المجمع الشريف للفوسفات (شركة الفوسفات الحكومية)، في سبتمبر/أيلول الماضي، حملة لمساعدة مزارعي الحبوب، على استعمال أسمدة توافق طبيعة التربة، من أجل زيادة الإنتاج.
وكانت المندوبية السامية للتخطيط قد توقعت مؤخرا تراجع وتيرة نموّ القيمة المضافة للقطاع الزراعي إلى 0.1% في العام الحالي، مقابل 3.8% العام الماضي و13.2% في 2017. ويؤثر تراجع القيمة المضافة الزراعية على النموّ الاقتصادي، الذي يتوقع أن يتراجع إلى 2.9% في 2019، مقابل 3% العام الماضي.