بينما تراجعت الليرة اللبنانية والسندات السيادية، قال خبير مالي إن شلل الدورة الاقتصادية في البلاد يكلف لبنان حوالي 170 مليون دولار تضاف إليها كلفة الثقة الاستثمارية.
وشهدت السندات السيادية للبنان أحد أسوأ أيامها على الإطلاق أمس الثلاثاء، بعد استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري مما عزز الشكوك في سبل تجاوز لبنان أزمته الاقتصادية.
وحسب رويترز، شهد إصدارا 2021 و2022 أشد تراجعاتهما اليومية على الإطلاق، إذ هويا ستة سنتات، وفقا لبيانات "تريدويب". كما قفزت عوائد بعض السندات لتصل في حالة إصدار 2020 إلى 38%، مما يشير إلى أن تكاليف الاقتراض قد أصبحت باهظة على نحو مثقل للبلد المنهك بالديون.
وقال خبير الأسواق الناشئة لدى شركة "أبردين ستاندرد انفستمنتس" بريت ديمنت: "من الصعب النظر لاستقالة الحكومة كعامل إيجابي"، مضيفاً أنه لا يوجد وضوح بشأن شكل أي حكومة بديلة.
وتابع: "الوضع شديد التعقيد وعلى لبنان سداد فواتير باهظة، وسيكون من الصعب اجتياز الوضع الراهن دون إصلاحات اقتصادية حقيقية".
وحسب بيانات "آي اتش أس ماركت"، قفزت عقود مبادلة مخاطر الائتمان اللبنانية لخمس سنوات، وهي مقياس كلفة التأمين على الدين السيادي من خطر التخلف عن السداد، بواقع 54 نقطة أساس عند الإغلاق الإثنين إلى مستوى 1435 نقطة.
وفي الصدد ذاته، قال خبراء ماليون لبنانيون، إن الاحتجاجات على الصعيد الوطني في لبنان والتعطيل الذي رافقها على مدى الأيام الـ 11 الماضية أدى إلى ضرر كبير في كل قطاعات الاقتصاد اللبناني.
وقدر ممثل القطاع التجاري في المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدنان رمال في تعليقات نقلتها وكالة " شينخوا" الصينية، الخسائر اليومية الناجمة عن الاحتجاجات ما بين 85 مليونا و100 مليون دولار مع الأخذ في الاعتبار أن الاقتصاد ناشط بنصف طاقته.
وأوضح رمال أن كل يوم توقف وشلل للدورة الاقتصادية في البلاد يكلف حوالي 170 مليون دولار تضاف إليها كلفة الثقة التي تؤدي لانخفاض سندات الخزينة، التي تراجعت خلال الأسبوع الماضي قرابة 4 في المائة.
كما أشار إلى أن الشركات لم تكن تعمل بشكل طبيعي في الأيام الماضية، ما أدى إلى نقص السيولة وسيمنع معظمها من دفع مستحقاتها للموردين والرواتب لموظفيها.
وقال: "قد لا يملك معظم التجار سيولة أو أموالاً كافية لضخها في حساباتهم لتغطية شيكاتهم إلى الموردين"، لافتاً أيضاً إلى استمرار إغلاق المصارف وعدم تمكن الناس من استبدال شيكاتهم بالنقد.
ومع ذلك، أوضح رمال أن من إيجابيات قرار إغلاق المصارف خلال الأزمة أنه يحول دون هروب بعض الودائع حالياً وتحويل حسابات مصرفية من الليرة اللبنانية إلى الدولار، في ظل التخوف من عدم قدرة البلاد على الحفاظ على سعر صرف مستقر لليرة اللبنانية.
وأضاف أن الخسائر الناجمة عن إغلاق المصارف هي أقل بكثير من السماح لها بالعمل بشكل طبيعي في الوقت الحالي.
وكان لبنان قد واجه قبل الاحتجاجات شحاً في السيولة بالدولار في السوق، بسبب تراجع تدفقه إلى البلاد وتراجع تحويلات اللبنانيين في الخارج، مما أدى إلى انخفاض احتياطي المصرف المركزي من العملات الأجنبية إلى 38.5 مليار دولار.
وقد أدى الطلب المتزايد على الدولار إلى خلق سوق موازية يباع فيها الدولار في السوق الموازية بأكثر من 1600 ليرة لبنانية، وهو أعلى من سعر الصرف الرسمي المحدد بـ 1507،5 ليرات.
وعلى الرغم من تدابير للمصرف المركزي بتزويد مستوردي السلع الأساسية بالدولار لوارداتهم بالسعر الرسمي، فإن هذه المشكلة لم تحل بالكامل ولكنها توسعت لتشمل قطاعات أخرى.
وقال جان عبود، رئيس نقابة أصحاب وكالات السفر، إن عدداً كبيراً من وكالات السفر مهدد بالإغلاق بسبب عجزها عن تأمين ما يكفي من الدولارات الأميركية ليتم دفعها للوكالة الدولية للنقل الجوي "اياتا" بحلول منتصف كل شهر.
وأضاف: "إذا لم تدفع وكالات السفر مستحقاتها إلى (اياتا) في الوقت المحدد، فسيكونون خارج النظام وسيضطرون إلى الإقفال". وكان النقص في الدولار قد بدأ قبل الاحتجاجات، إلا أن المشكلة ازدادت خطورة بعدها.
وعلى صعيد الضرر الذي لحق بالسياحة، أدت الاحتجاجات الى دفع عدد كبير من السياح الأجانب إلى مغادرة لبنان بعد تحذيرات من سفارات بلادهم تجاه حساسية الوضع اللبناني.
وقال جان بيروتي، رئيس اتحاد النقابات السياحية، لوكالة شينخوا، إن حجوزات الفنادق قد انخفضت بشكل ملحوظ وإن المزيد من التأخير في إيجاد حل سريع للأزمة الحالية سيؤدي إلى إلغاء عدد أكبر من الحجوزات.