استنفرت الحكومة اللبنانية للرد على ما تداولته صحف ومواقع إلكترونية محلية حول صرف نصف راتب لموظفي القطاع العام عن شهر مايو/أيار الجاري، مؤكدة عدم صحة هذه الأنباء، التي تأتي قبيل بدء محادثات تفصيلية مع صندوق النقد الدولي، غدا الأربعاء، إذ تطلب بيروت مساعدات للتعامل مع أزمة مالية كبيرة.
وذكر المكتب الإعلامي لوزير المالية في بيان، اليوم الثلاثاء، أن الوزير غازي وزني أصدر مذكرة لدفع رواتب ومعاشات شهري مايو ويونيو/حزيران، مشيرا إلى أن أجور الشهر الجاري جاهزة للصرف اعتبارا من يوم 21 من هذا الشهر.
كما نفى المدير العام لوزارة المالية ألان بيفاني وجود أي توجه حكومي لتحويل نصف راتب للموظفين عن الشهر الحالي قبل عيد الفطر، الذي يحل في الأسبوع الأخير من مايو، وفق ما أوردت وكالة الأنباء اللبنانية.
وسادت أجواء من البلبلة ليلاً لدى موظفي القطاع العام، بعد انتشار أنباء حول صرف نصف شهر فقط من الراتب، حيث تعاني الحكومة من ضائقة مالية ازدادت حدة مع تفشي فيروس كورونا الجديد.
وقال مصدر مقرب من الحكومة، وفق وكالة رويترز، إن لبنان سيبدأ محادثات تفصيلية مع صندوق النقد الدولي، غدا الأربعاء، بعد أن عقد الجانبان اجتماعاً تمهيدياً، أمس الاثنين، بحضور وزير المالية غازي وزني ممثلا للجانب اللبناني.
والمحادثات التي ستجرى غدا، عبر مؤتمر بالفيديو، ستتم بمشاركة مسؤولين من مكتب رئيس الوزراء ومصرف لبنان المركزي والرئاسة.
ويعاني لبنان من أزمة مالية شديدة في الأشهر الأخيرة أدت إلى تخلّفه عن سداد ديون هائلة بالعملة الصعبة للمرة الأولى، والبدء في محادثات إعادة هيكلة أواخر مارس/آذار الماضي.
وتسببت التبعات الاقتصادية لإجراءات مكافحة تفشي فيروس كورونا في تفاقم مشاكل البلاد المتمثلة في ضعف العملة وتراجع الاحتياطات وارتفاع نسبة التضخم.
وطلبت الحكومة رسمياً مساعدة من صندوق النقد الدولي مطلع مايو، بعد إقرار برنامج مالي واقتصادي تعتبره إصلاحياً. فيما أعلنت كريستالينا جورجيفا، مديرة الصندوق، في وقت سابق من مايو الجاري، أنها أجرت مناقشات مع رئيس الوزراء اللبناني بشأن خطة التعافي الاقتصادي.
وكتبت في تغريدة على تويتر في الخامس من هذا الشهر :"اتفقنا على أن فريقينا سيبدآن قريبا مناقشات بشأن الإصلاحات المطلوبة بشدة لاستعادة الاستدامة والنمو لصالح الشعب اللبناني".
وتعتمد إحدى الركائز الأساسية للخطة على تغطية خسائر القطاع المالي للدولة بنحو سبعين مليار دولار، من خلال إنقاذ من مساهمي البنوك والمصرف المركزي، وسيولة من كبار المودعين. بينما قالت جمعية مصارف لبنان إنها لا يمكن أن توافق "بأي حال من الأحوال" على خطة لم تجر استشارتها بشأنها.
وبات لبنان في مصاف الدول الأكثر مديونية في العالم، حيث تجاوز الدين العام أكثر من 170 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي. ومع تراجع احتياطات المصرف المركزي، الذي لطالما اعتُبر عرّاب استقرار الليرة منذ عام 1997، بدأت ملامح الانهيار المتسارع منذ عام تقريباً مع أزمة سيولة حادة وشح في الدولار.
وفرضت المصارف، منذ نهاية الصيف الماضي، قيوداً على سحب الدولار وتحويل الأموال. وتزامن ذلك مع انهيار الليرة التي لامس سعر صرفها مقابل الدولار عتبة الأربعة آلاف في السوق السوداء الشهر الحالي، بينما السعر الرسمي مثبت على 1507 ليرات.