السياحة في الأهوار رافد مالي جديد للعراق

03 ابريل 2018
الحكومة تسعى لتنمية السياحة في مختلف المحافظات (فيسبوك)
+ الخط -

يسعى العراق إلى تنويع مصادر الدخل بهدف الحد من الأزمة المالية الخانقة التي يعاني منها بسبب تراجع الإيرادات النفطية، وبدأت الحكومة في الاهتمام بالقطاع السياحي ولا سيما في العديد من المناطق التي تمتلك إمكانات هائلة، خصوصا في مناطق الأهوار بجنوب البلاد، والتي تتمتع بقيمة جمالية فائقة مثل مدينة أور الأثرية وأهوار "الجبايش".

وشهد جنوب العراق إقبالاً سياحياً كثيفاً من داخل البلاد وخارجها، وخاصة شواطئ الأهوار التي توفر أجواءً طبيعية جاذبة للزوار.


والأهوار عبارة عن مسطحات مائية كبيرة تنفرد بها البيئة العراقية وتشكلت من روافد نهري دجلة والفرات وعيون مياه طبيعية وتتميز بالتنوع البيئي.

ومن أبرز مناطق العراق الجنوبية العمارة والناصرية، إذ تمتد فيها الأهوار على مساحة مليون و48 ألف دونم، كما تضم أكثر من 1200 موقع أثري، من بينها قصر شولكي ومعبد "دب لال ماخ" الذي يُعد أقدم محكمة بالتاريخ. 

ويؤكد عضو لجنة الاقتصاد في مجلس النواب العراقي عامر الفايز، لـ"العربي الجديد"، سعي الحكومة إلى توفير أكثر من مورد اقتصادي للبلد، من خلال تفعيل الجوانب السياحية والزراعية والصناعية. ويقول الفايز إن "العراق بدأ يعمل للاعتماد على مقومات أخرى غير النفط". 

ويضيف الفايز، أن "العمل على تجميل الأهوار أكثر، وتوفير البنى التحتية والاحتياجات التي يريدها السائح، سيوفر موردا ماليا جديدا ويصبح العراق أكثر قوة وتأثيراً، وهذا ما نعمل على تحقيقه". 

ويعاني العراق من تراجع حاد في إيراداته المالية بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية إذ يقدّر عجز الموازنة المالية للعام الجاري 2018 بنحو 13 ترليون دينار (11.5 مليار دولار)، رغم وصف الموازنة بالتقشفية، ويبلغ إجمالي قيمة الموازنة 108 تريليونات دينار عراقي نحو (96 مليار دولار). 

ومن جانبه، يرى المسؤول المحلي بمنطقة ذي قار، شهيد الغالبي، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن "السياحة المحلية في جنوب البلاد رائجة، لا سيما في فترات الربيع، التي تشهد زخماً كبيراً للأجانب لمشاركة أبناء العراق طريقة حياتهم". 

ويرجع الغالبي ازدهار الحياة السياحية في الجنوب، إلى "توفر الأمان وقلة الجريمة، كذلك عدم وجود جماعات إرهابية"، مبينا أن "الحكومات المحلية تعمل حالياً على تأسيس شبكة شوارع تربط مناطق الجنوب كلها بأهوار الجبايش مروراً بمراكز المدن". 



ويقول المواطن محمد الغزي لـ"العربي الجديد" إن "الأهوار وبعد أن أدرجت على لائحة التراث العالمي، أصبحت محط اهتمام ونقطة جاذبة للسياح الأجانب والمحليين"، وأوضح الغزي وهو من سكنة منطقة الجبايش، أن "السياحة كانت جيدة جداً نهاية 2016، إلا أنها شهدت انخفاضاً ملحوظاً نهاية العام الماضي، بسبب انخفاض مناسيب المياه في بعض الأهوار، حتى أن بركا مائية متفرعة تعرضت للجفاف التام خلال هذه الفترة". 

وأضاف الغزي، أن "الحكومة العراقية مُطالبة بتحسين الواقع المعيشي لسكان الأهوار، لأنهم يمثلون الأيدي العاملة في منطقة سياحية رائدة"، لافتاً إلى أن "الأشهر الأخيرة من السنة الماضية شهدت شبه توقف في الحركة السياحية بجنوب العراق، بسبب قلة المياه، مما دفع الحكومة العراقية إلى التفاوض مع تركيا وإيران لزيادة الحصة المائية ومعالجة المناطق التي أصابها الجفاف". 

وتابع أن "أهوار الجبايش شهدت توافداً كبيراً للعوائل ومن جميع محافظات العراق بمناسبة أعياد النوروز الماضية، إضافة إلى موسم السفرات المدرسية الترفيهية، لكن السُياح فوجئوا هذه المرة بانخفاض مناسيب المياه". 
وضمّت منظمة اليونسكو، الأهوار المائية إلى لائحة التراث العالمي في يوليو/ تموز 2016، بعد مفاوضات ماراثونية للوفد العراقي مع الجانب التركي الذي كان معترضاً بشدة في البداية.

ووفق قرار اليونسكو فقد ضم 3 مدن قديمة و4 من الأهوار العراقية للائحة التراث العالمي، وبذلك أصبح للعراق 8 مواقع على لائحة التراث، حيث أدرج العراق على مدى تاريخه أربعة مواقع فقط وهي أشور وسامراء والحضر وقلعة إربيل، ثم أضيفت 4 مناطق جديدة هي: أور وأريدو والوركاء والأهوار.

بدوره، يؤكد المهندس محمد عايد، الذي يعمل في هيئة السياحة والآثار العراقية، أن 15 ألف سائح بين محلي وأجنبي زاروا مناطق الأهوار خلال عام 2017. ويقول عايد لـ"العربي الجديد"، إن "الفترة الماضية شهدت تصاعداً في الموارد المالية المتأتية من السياحة بمناطق جنوب العراق، وبشكل إيجابي لم تشهده أي منطقة من عقود".

ويضيف، أن "الحكومات المحلية في جنوب العراق، عليها أن تضغط على بغداد من أجل إنشاء منتجعات سياحية لاحتواء الوافدين، كذلك تشجيع المستثمرين من العراق وخارجه على العمل بالأهوار"، مشيرا إلى حاجة الأهوار لـ"حملة إعلامية عراقية وعربية لتصعيد أهميتها السياحية، لكن الإعلام المحلي يهتم بالصراعات السياسية أكثر من جانب الخدمات والترويج للإيجابيات الموجودة في الجنوب".


المساهمون