تراجع تاريخي لمعدل البطالة في السعودية لهذه الأسباب

10 يوليو 2024
شباب سعوديون في منطقة نجران، 8 ديسمبر 2018 (إيريك لافورج/ Getty)
+ الخط -

في تطور تاريخي، سجل معدل البطالة في السعودية أدنى مستوى له على الإطلاق، حيث استقر عند 7.6% خلال الربع الأول من عام 2024، وفقاً لأحدث بيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية، ما سلط الضوء على جهود المملكة المتواصلة في تنفيذ برامج التوطين وتعزيز فرص العمل للشباب السعودي. فمنذ إطلاق رؤية 2030 في عام 2016، شهدت البلاد تحولاً كبيراً في سياسات التوظيف، مع التركيز على زيادة مشاركة المواطنين في سوق العمل، وخصوصاً في القطاع الخاص، حسبما قال خبراء عرب لـ"العربي الجديد".

ويعود نجاح برامج التوطين إلى عدة عوامل رئيسية، منها تركيز تلك البرامج على توفير وظائف عالية الجودة للسعوديين، بما في ذلك المناصب الإدارية والمهنية والتخصصية، مع إيلاء عناية خاصة بالتدريب والتأهيل المستمر للشباب السعودي، بحسب إفادة الخبراء. وتشير الإحصاءات الصادرة عن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية في يناير/ كانون الثاني الماضي إلى أن عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص ارتفع بنسبة 15% عام 2023، ما يؤكد فعالية برامج التوطين في تحقيق أهدافها.

وفي هذا السياق، يشير الخبير الاقتصادي، محمد الناير، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن برنامج توطين الوظائف في السعودية يشهد تطوراً ملحوظاً منذ ما يقارب عقد من الزمان، محققاً العديد من الأهداف الاستراتيجية، لافتاً إلى أن البرنامج بالأساس يهدف إلى زيادة معدل توظيف الشباب السعودي في القطاع الخاص، ما يؤدي إلى انخفاض نسبة البطالة.

ورغم النجاحات المحققة، يؤكد الناير وجود تحديات تواجه برنامج توطين الوظائف بالسعودية، فالعديد من المؤسسات قد تواجه صعوبات في مواصلة عملها بعد تطبيق البرنامج، مشدداً على أهمية التدرج في عملية الإحلال لضمان استمرارية الأعمال وتحقيق الأهداف المرجوة. ويشدد الناير أيضاً على ضرورة تطوير جودة التعليم لتأهيل الشباب السعودي بشكل مناسب لسوق العمل، والمواءمة بين مخرجات التعليم العالي واحتياجات سوق العمل، مشيراً إلى الانتشار الواسع للجامعات في المملكة وقدرتها على تغذية سوق العمل بالكفاءات المطلوبة.

ويشير الناير إلى أهمية التدريب والتأهيل المستمر للشباب السعودي، مؤكداً ضرورة قبولهم لمختلف المهن والرواتب المعروضة في سوق العمل، ما قد يتطلب تقبل رواتب قد تكون أقلّ من طموحات بعضهم، "لكنه ضروري لتحقيق التوازن بين مصالح العاملين وأصحاب العمل" حسب تقديره. ويؤكد أهمية التزام الضوابط واللوائح المتعلقة بساعات العمل ومستوى الإنجاز، مشيراً إلى أن هذا الالتزام يساهم في تحسين بيئة العمل وزيادة الإنتاجية.

وفي ما يتعلق بالوظائف النادرة، يقترح الناير الاستعانة بالخبرات الأجنبية في المرحلة الأولى، مع ضرورة إشراك الشباب السعودي في هذه الوظائف لاكتساب الخبرات والمهارات اللازمة، تمهيداً لإحلالهم محل العمالة الوافدة في المستقبل. ويخلص إلى الإجراءات سالفة الذكر تساعد في تأهيل الشباب السعودي للقيام بواجباتهم تجاه وطنهم في القطاعين العام والخاص، ما يؤدي إلى تقليل معدل البطالة وتحسين مستوى الدخول، وهو ما ينعكس إيجاباً على المجتمع والأسرة والاقتصاد ككل.

من جهته، يشير الخبير الاقتصادي، علي سعيد العامري، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن زيادة فرص العمل المتاحة للشباب السعودي وبرامج التوطين تهدف إلى زيادة نسبة السعوديين العاملين في القطاع الخاص، ما يخلق المزيد من فرص العمل للشباب السعودي، ويقلل من الاعتماد على العمالة الوافدة. ويوضح أن برامج التوطين تركز على توفير وظائف عالية الجودة للسعوديين، بما في ذلك الوظائف الإدارية والمهنية والتخصصية، وتوفر فرصاً للتدريب والتطوير للشباب السعودي، ما يساعدهم على اكتساب المهارات والخبرات اللازمة للنجاح في سوق العمل.

ويضيف العامري أن عوامل أخرى لعبت دوراً في تراجع نسبة البطالة في السعودية، منها: نمو القطاع الخاص، الذي شهد نمواً كبيراً في السنوات الأخيرة، ما أدى إلى خلق المزيد من فرص العمل. كذلك استثمرت الحكومة السعودية بكثافة في مشاريع البنية التحتية والتنمية، ما أدى إلى خلق فرص عمل جديدة، بحسب العامري، مشيراً إلى أن قطاع التعليم والتدريب لعب دوراً مهماً في عملية توطين الوظائف، حيث ركزت الحكومة السعودية على تحسين نظام التعليم والتدريب، ما أدى إلى تخرج المزيد من السعوديين المؤهلين لسوق العمل.

أما بالنسبة إلى مؤشرات استمرار تراجع البطالة، فيلفت العامري إلى أن المؤشرات تشير إلى استمرار تراجع البطالة في السعودية، ومنها ارتفاع معدلات التوظيف بين السعوديين، وخصوصاً بين الشباب، وهي معدلات مرشحة للاستمرار. وبناءً على هذه المؤشرات، يرجح العامري التوقعات باستمرار تراجع البطالة في السعودية، خصوصاً مع تواصل جهود حكومة المملكة في توطين الوظائف ودعم القطاع الخاص وتعزيز التعليم والتدريب.

المساهمون