أزمة النفط الليبية تشفي أسعار الخام عالمياً من "كورونا"

20 فبراير 2020
النفط الليبي يواصل الخسائر تحت ضربات حفتر (Getty)
+ الخط -
تحول تصاعد الأزمة الحادة التي يعيشها الاقتصاد الليبي، نتيجة غلق موانئ نفطية وخطوط إمداد أدت لتراجع الإنتاج، إلى نعمة ولو مؤقتة على أسواق الخام العالمية، التي تواجه تراجع الطلب الصيني بسبب فيروس كورونا.

وكان سعر برميل النفط 67 دولاراً خلال الثلث الثاني من يناير/كانون الثاني الماضي، قبل أن ينهار إلى متوسط 55 دولاراً، وهو الأدنى منذ ديسمبر/كانون الأول 2018، مع تفشي فيروس "كورونا المستجد" في الصين.

وتسبب الفيروس الذي لم تتوصل بكين أو أية دولة حول العالم لإنتاج عقار يتصدى له، في تراجع الطلب على الخام لدى الصين، المصنفة كأكبر مستورد للنفط الخام في العالم، وتخوفات عالمية من تفشي المرض في بلدان أخرى على نطاق واسع.

لكن، رافق تفشي الفيروس وتراجع الأسعار، ظهور أزمة في إنتاج النفط لدى ليبيا بفعل توترات سياسية محلية، أدت في النهاية إلى فقدان البلاد 1.096 مليون برميل يومياً من الإنتاج.

وفقدت الإمدادات العالمية أكثر من مليون برميل يومياً كان يفترض أن تضخها مؤسسة النفط الليبية في الأسواق، وتتحول إلى فائض مخزون، وبالتالي سيكون على منتجي النفط مواجهته لاستعادة توازن السوق والأسعار.

وفي يناير الماضي، بلغ إنتاج النفط الخام في ليبيا 1.13 مليون برميل يومياً، وفق أرقام منظمة (أوبك)، وتراجع حالياً إلى 123.5 ألف برميل يوميا، بحسب أرقام المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، الثلاثاء الماضي.

ومع إعلان مؤسسة النفط الليبية، صعد سعر برميل خام برنت من متوسط 56 دولاراً في تعاملات الثلاثاء صباحاً، إلى 58.4 دولارا قبل نهاية إغلاق جلسة ذات اليوم.

ويعتبر النفط الخام، المصدر الأبرز لمداخيل ليبيا المالية، التي تعاني منذ 9 سنوات توترات أمنية ومعارك بين الفرقاء، إذ بلغت خسائر البلاد بسبب غلق الموانئ منذ الثلث الأخير من يناير الماضي 1.7 مليار دولار، وفق مؤسسة النفط.

والشهر الماضي، أغلق موالون لخليفة حفتر ميناء الزويتينة (شرق)؛ بدعوى أن أموال بيع النفط تستفيد منها حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً، قبل أن يقفلوا لاحقاً موانئ وحقولا ًأخرى.

وأعلنت مؤسسة النفط الليبية حالة "القوة القاهرة" بتاريخ 18 من الشهر الماضي، بسبب إقفالات طاولت الموانئ وغلق خطوط أنابيب من جانب قوات موالية لحفتر.

وتحولت أزمة النفط في ليبيا بشكل تلقائي، إلى عامل إيجابي لأسواق النفط العالمية، إذ كان من الممكن أن تضيف عقود برنت تراجعات إضافية على الأسعار، مع وجود استقرار في الإمدادات العالمية.

وعلى الرغم من مرور أسبوعين على توصية للجنة خفض الإنتاج في تحالف (أوبك+)، أشارت إلى ضرورة تعميق خفض إنتاج النفط لاستعادة التوازن في السوق النفطية، إلا أن بلدان التحالف لم تقر أية خطوات على الأرض.

وتجتمع (أوبك+) في 5 مارس/آذار المقبل، لبحث خطوات تواجه فيها خفض أسعار النفط وتقليل المخزونات العالمية، تجنباً لهبوط أكبر خلال الفترة المقبلة، مع ظهور بوادر تخمة حادة في المعروض.

ويجري حالياً تنفيذ اتفاق لخفض إنتاج النفط من جانب التحالف المؤلف من كبار منتجي "أوبك" ومستقلين بقيادة روسيا، بواقع 1.7 مليون برميل يومياً، ينتهي في مارس/آذار المقبل.

ولم ينجح خفض الإنتاج الحالي في التفوق على تبعات الفيروس، الذي تسبب في خفض توقعات النمو للاقتصاد الصيني والعالمي، وأذكى تخوفات مراكز الإنتاج المختلفة حول العالم، وبالتالي تراجع الطلب العالمي على الخام.

والخميس الماضي، توقعت وكالة الطاقة الدولية، انكماش الطلب العالمي على النفط خلال الربع الأول من العام الحالي، لأول مرة منذ أكثر من 10 سنوات، بسبب تفشي فيروس "كورونا المستجد" في الصين.

وتشير التقديرات إلى أن استئناف إنتاج ليبيا النفطي خلال الفترة المقبلة، دون وجود خطوات عملية لخفض إضافي في الإنتاج، قد يهبط بعقود برنت دون 50 دولاراً للبرميل، وعودة تخوفات تخمة حادة في المعروض.

أما فيروس كورونا، فقد أجبر ملايين الموظفين والعمال في الصين على التزام منازلهم منذ الشهر الماضي، فيما يتوقع أن تظهر أرقام متدنية غير مسبوقة للقطاع الصناعي للبلاد خلال فبراير/شباط الجاري.

وتعتبر الصين أكبر مستورد للنفط الخام في العالم بمتوسط 10 ملايين برميل يومياً (10% من الطلب العالم)، وثاني أكبر مستهلك له بعد الولايات المتحدة، بمتوسط 13.3 مليون برميل يومياً.

(الأناضول)

المساهمون