رئيس اتحاد المصارف السوداني لـ"العربي الجديد": ليست هناك نية لتعويم الجنيه

12 أكتوبر 2018
رئيس اتحاد المصارف السوداني (العربي الجديد)
+ الخط -

استبعد رئيس اتحاد المصارف السوداني، عباس عبدالله عباس، في حوار لـ"العربي الجديد" تعويم الجنيه، مؤكداً أن الإجراءات الأخيرة تستهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلاد، مؤكداً أنه لا نية لدى بلاده لتعويم (تحرير) الجنيه. وقال إن السياسة الجديدة تسعى إلى زيادة الحصائل المالية من المصدرين للقطاع المصرفي وكذلك تحويلات المغتربين، وأيضا عائد شراء الذهب من المنتجين، فضلا عن الناتج من عائدات تصدير النفط من دولة جنوب السودان عبر الأراضي السودانية.

ـ أقرت الحكومة السودانية قبل أيام سياسة اقتصادية جديدة، تضمنت خروجها من تحديد سعر الصرف، وتكليف لجنة محايدة لتولي هذه المهمة، مبررة ذلك برغبتها في القضاء على السوق السوداء للدولار، بينما ينظر البعض بريبة لنجاح الآلية الجديدة في إيقاف تهاوي الجنيه، فما تعليقك؟
الهدف أصلا من هذه السياسة هو الوصول إلى سعر صرف مستقر، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وكل هذا يوقف تدهور قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية، والأمر يتطلب المزيد من الجهد من كافة الأطراف وزيادة الإنتاجية.

ـ أيعني ذلك أنكم تتوقعون مستقبلا أفضل للجنيه، وهل يمكن اعتباره آخر تراجع حاد في قيمته؟
بلا شك، نأمل أن يسترد الجنيه عافيته على المدى المتوسط، وأعتقد أن كافة المؤشرات تصب في صالح العملة المحلية، خاصة أن السياسة الجديدة تستهدف زيادة الحصائل المالية من المصدرين للقطاع المصرفي وكذلك تحويلات المغتربين، وأيضا عائد شراء الذهب من المنتجين، فضلا عن الناتج من عائدات تصدير النفط من دولة جنوب السودان عبر الأراضي السودانية، فهي توفر بلا شك نقدا أجنبيا بإمكانه أن يوقف التدهور الحاد في قيمة العملة الوطنية. وأتوقع أن توقف السياسة المتبعة حاليا تدهور الجنيه ليكون آخر تراجع يتعرض له.

ـ قيل إن الإعلان عن سعر الصرف الجديد سيحدد عبر اللجنة المحايدة التي بدأت عملها في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، لكننا فوجئنا بالإعلان عن السعر قبل انعقاد اللجنة في اتحاد المصارف بيوم، بماذا تفسرون ذلك؟

السعر المعلن لصرف الدولار مقابل 47.5 جنيها تم تحديده في بنك السودان المركزي قبل يوم من بدء اللجنة عملها، بعد الوقوف والاطلاع على متوسط الأسعار السائدة في السوق الحر الخارجي والداخلي، وبناء عليه، فإن السعر المذكور تم تحديده ليتم التداول به ليوم السابع من أكتوبر، الذي اجتمعت فيه اللجنة لتحديد سعر الصرف لليوم التالي.

ـ هل تتوقع أن يرتفع السعر لأكثر من المعلن، والذي لا يزال حتى الآن مستقرا عند هذا المستوى؟

السعر تحدده آلية العرض والطلب اليومية على الدولار وحجم الموارد المتاحة، والعمل بهذه السياسة اقتضته الحالة الصعبة التي وصل إليها الاقتصاد، وضرورة إجراء جراحات عاجلة وبرنامج إصلاحي شامل على المدى القصير والمتوسط والطويل لإعادة الاستقرار الاقتصادي والنمو المستدام.



ـ لكن البعض ينظرون إلى أن خروج البنك المركزي من تحديد سعر الصرف وإحالته إلى لجنة محايدة بمثابة تعويم للجنيه.

لا توجد نية للتعويم وإنما مواكبة للأسعار السائدة، والسياسات التي أعلنها أخيراً رئيس مجلس الوزراء (معتز موسى) تعتبر على إطلاقها خطة تهدف من ورائها الحكومة إلى تحقيق الاستقرار في سعر الصرف وتوفير موارد مقدرة من النقد الأجنبي لصرفها على أولويات البلاد واستيراد السلع الاستراتيجية.

وهذه السياسة تزيل التشوهات الكثيرة التي لازمت سعر الصرف في الفترة الأخيرة وتضمن انسياب عائدات الصادرات وتحويلات المغتربين عبر القطاع الرسمي (المصارف) وتوفر موارد نقد أجنبي حقيقية.

كما أن سعر الصرف المجزي الذي سيتم توفيره سيساهم في القضاء على تهرب المصدرين من إدخال حصائلهم للبلاد والقضاء على السوق الموازية في الخليج وداخل السودان بالنسبة لتحويلات المغتربين، وأعتقد أن الموسم مبشر وسيكون هناك تدفق كبير من حصائل الصادرات للقطاع المنظم، كما سيوقف السعر المجزي للذهب ظاهرة تهريبه، وأتوقع أن يوازي العرض من النقد الأجنبي الطلب.

هذه السياسة أتوقع لها النجاح في إحداث التعافي الاقتصادي الكامل بالبلاد، لكنها بحاجة إلى وقت كاف وعدم التسرع في الحكم عليها أو تقييم أدائها.

ـ إذاً فأنتم تتوقعون أن تلغي السياسة النقدية الجديدة ظاهرة الدولرة (الاقبال على شراء الدولار من قبل المدخرين) المنتشرة في أوساط المجتمع؟

نعم نتوقع ذلك، استرداد الجنيه لعافيته يلغي ظاهرة الدولرة تماماً.

ـ ما حجم العائد المتوقع بالنقد الأجنبي من السياسة الجديدة؟

من الصعب تحديد حجم العائد في الوقت الراهن، ولكن أتوقع أن يكون مجزياً جداً، خاصة مع تطور الإنتاج وسياسات سعر الصرف الجديدة، التي ستنعكس إيجابا على الذهب والصادرات غير البترولية، مما يزيد من الدخل الحقيقي للبلاد ككل، ويقلل الفجوة في الميزان التجاري.

ـ يتحدث كثيرون عن احتمالات تأثير بنك السودان المركزي على عمل لجنة تحديد سعر الصرف، بحكم إشرافه ورقابته على عضويتها من البنوك وشركات الصرافة، فما ردك؟

لا علاقة لبنك السودان المركزي بالسعر الذي تحدده لجنة تحديد سعر الصرف، وهي لجنة محايدة تماماً، ومهمة بنك السودان إصدار الضوابط والرقابة، وقد أصدر الضوابط المنظمة لذلك وألغى بعض المنشورات تسهيلا لعمل اللجنة، التي تعقد اجتماعاتها اليومية خارج مقر بنك السودان باتحاد المصارف.



ـ لكن ألا تتوقع أن تجابه اللجنة تحديات خلال عملها؟

التحديات كثيرة، فهي مكلفة بتبني سياسة شفافة معلنة للجميع، مما يساعد على تقويمها وتطويرها وتعديلها، فضلا عن ضرورة العمل الجماعي والتنسيق بين المصارف وبنك السودان المركزي لفتح قنوات مع الخارج، خاصة في مراكز ثقل المغتربين وأسواق الصادرات في آسيا وأوروبا، وهذا تحد مهم لا بد من تجاوزه.

وردة الفعل الأولية التي تولد زيادة مؤقتة في الأسعار تمثل تحديا لعمل اللجنة، لكن نتوقع أن يزول مع مرور الوقت لاعتماد الموردين والتجار في هذه المرحلة بشكل كلي على توفير النقد الأجنبي من السوق الحر (الموازي)، بينما المتضرر الوحيد هو الحكومة والتي تتعامل بالسعر الرسمي، ولا بد مع مرور الوقت توفير النقد (الكاش) لمقابلة الطلب العالي من قبل الجمهور.

ـ أشار محافظ بنك السودان محمد خير الزبير، قبل أيام، إلى وصول شحنات من العملة للبلاد، هل لهذا علاقة بما يثار بشكل واسع عن وجود أزمة سيولة، وهل هذه العملات من الفئة الجديدة الـ100 جنيه؟

الشحنات التي ذكرها المحافظ معظمها من فئة الـ50 جنيها، وصل بعضها فعليا للبلاد لتمويل الحصاد، وستصل شحنات أخرى تباعا خلال شهرين أو ثلاثة، وفقا لحديث المحافظ، وأتوقع أن تحل هذه الشحنات مشكلة السيولة تماما بالبلاد، أما فئة الـ100 جنيه الجديدة فقد تم الانتهاء من تصميمها وستطبع قريباً.

ـ لكن ألا تؤثر طباعة النقود على الأسواق؟

ليس هنالك أثر سالب للطباعة على التضخم وأسعار السلع، لأن الطباعة لا تتجاوز النسب التي يحددها البنك المركزي من الكتلة النقدية المراد طباعتها.

ـ هل القروض الشخصية ميسرة أم تواجه مشاكل؟

إقراض المواطنين ميسر جداً ولا مشاكل بشأنه وبالذات في التمويل الأصغر والمتناهي الصغر، وهناك نسبة 15% تخصصها البنوك من محافظها للتمويل الأصغر لإزالة الفقر وتمليك وسائل إنتاج للشرائح الضعيفة لإخراجها من دائرة الفقر إلى دائرة الإنتاج.

والمصارف لا تزال تمارس عملها بشكل معتاد في تمويل القطاعات كافة وكل التعاملات المصرفية الأخرى بشتى وسائل الدفع سواء كان عبر الشيكات المصرفية أو الدفع الإلكتروني، فكل ما هناك هو وجود شح في الأوراق النقدية (البنكنوت) لطباعة العملة.

ـ كم يبلغ حجم الإيداعات بالجنيه السوداني في القطاع المصرفي؟

الودائع بالعملة المحلية ارتفعت بنهاية يونيو/ حزيران الماضي إلى 141.6 مليار جنيه، مقابل 116.4 مليار جنيه في ديسمبر/ كانون الأول 2017، كما وصلت الودائع بالعملة الأجنبية إلى ما يعادل 63.2 مليار جنيه في نهاية يونيو، مقابل 22.6 مليار جنيه نهاية ديسمبر، وفقا لإحصائيات الإدارة العامة للسياسات والبحوث والإحصاء التابعة لبنك السودان المركزي.

ـ هل أعددتم خطة بديلة لضبط انفلات سعر الصرف وإعادة النقد الأجنبي إلى داخل القطاع المصرفي حال عدم نجاح آلية سعر الصرف في مهامها، وخاصة أنها قفزت بسعر الدولار إلى ما يقارب 60%؟

الاقتصاد علم بدائل، ويمكن التأكيد على أن واضعي هذه السياسة يصرون جداً على إنجاحها للوصول للهدف المنشود.

ـ وبماذا تفسرون ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازي بشكل أكبر من المعلن رسمياً من قبل آلية تحديد سعر الصرف؟

هذا الإجراء متوقع ورد فعل طبيعي من الذين تضرروا من هذه السياسة، والذين يقدمون على بث هذه الشائعات بأن الدولار بالسوق الموازي أعلى من الدولار الذي تحدده الآلية سعيا لإفشال السياسة الاقتصادية الجديدة.
المساهمون