الكويت تطوّر منظومة الدعم لإيصاله إلى المستحقين

08 مايو 2018
الحكومة تسعى إلى توفير السلع المدعومة للمستحقين(ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر في وزارة المالية الكويتية لـ "العربي الجديد" أن الحكومة تعكف على مراجعة منظومة آلية الدعم المطبقة في البلاد، حيث تعمل على تحويل النظام من الدعم الأفقي المطبق حاليا إلى الدعم الرأسي بما يضمن إيصاله إلى مستحقيه من المواطنين مع تعزيز شبكات الضمان الاجتماعي.
وذكرت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، أن الدعم الأفقي الذي يعني أن كل فرد غنيا كان أم فقيراً يحصل على السلعة المدعومة بنفس السعر، يجافي العدالة – على حد تعبير المصادر- حيث يستفيد منه الغني بدرجة أكبر، لأنه يستهلك كمية أكبر من السلعة. وقالت المصادر إن دعم الطاقة في الكويت يعد الأكثر استنزافا لخزينة الدولة وأكبر أنواع الدعم صرفا في الموازنة مقارنة بباقي الأنواع.

وتقوم الحكومة على وضع قواعد جديدة مبنية على أسس الدعم الرأسي الذي يوفر السلعة المدعومة بسعر أقل لفئات الدخل المنخفض، وبأسعار تتدرج في الارتفاع مع زيادة الدخل، حسب المصادر.
وكان وزير المالية نايف الحجرف أكد في تصريح سابق أن إجمالي قيمة الدعم في الميزانية يبلغ 3.43 مليارات دينار (نحو 11 مليار دولار) وشدد الوزير على أنه "لا مساس" بالدعم الذي تقدمه الدولة للسلع والخدمات الأساسية للمواطنين وكذلك بند الرواتب. وحسب الميزانية الجديدة، يستحوذ بند الرواتب على 11.2 مليار دينار.

واعتبر الوزير الكويتي أن الميزانية الحالية تمثل ضبطا للإنفاق وخطوة نحو الإصلاح المالي الشامل للكويت.
وتوضح المصادر أن نمط الدعم المطبق حاليا يؤدي إلى الإفراط في استهلاك السلع المدعومة، فضلا عن الإسراف والهدر خصوصا من قبل الفئات ذات الدخل المرتفع، كما يساهم في توزيع غير عادل للدعم وبالتالي امتلاك المنتجات الفارهة بشكل يزيد عن الحاجة ومن ثم تكون هذه الفئة هي الأكثر استفادة من الدعم.

وتضيف المصادر أن البيانات المتاحة تشير إلى أن الفئات ذات الدخل المرتفع تحصل على نصيب الأسد من دعم الطاقة والمياه في الكويت.
وتشير إلى أن الدعم الأفقي يفقد خاصية أساسية من خواص الدعم الرأسي، فكل الأنشطة المؤسسية والاقتصادية المحلية تحصل على الوقود والكهرباء والماء بنفس الأسعار التي يحصل عليها أي مستهلك آخر، سواء كان استهلاك هذه الأنشطة بقدر حاجتها الفعلية أم بإسراف ناتج عن إهمال أو تقصير في مراقبة طريقة استغلال العاملين لديها للسلع المدعومة.

وفي هذا الإطار، يقول مدير إدارة البحوث الاستراتيجية في المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية راشد العجمي لـ"العربي الجديد" إن المؤسسات المحلية لا تحظى بأي معاملة تفضيلية حقيقية تشجعها على الحد من الإسراف أو تطوير وتحسين تعاملها مع موارد الطاقة والمياه، حيث إن الجميع مدعوم بصرف النظر عن سلوكياته، وبغض النظر عن مدى اهتمامه بالحفاظ على البيئة ودرجة التزامه بمسؤوليته الاجتماعية.

ويرى العجمي أن الدعم السخي والموحد له عواقب وسلبيات كثيرة، من شأنها أن تسهم على المدى الطويل في غرس حالة مجتمعية مرضية خطيرة تعرف بثقافة الإسراف والبذخ والتبذير وإساءة استخدام الموارد.
وأعلنت الكويت، مؤخراً، عن الميزانية الحكومية للسنة التي تنتهي في 31 مارس/ آذار 2019، متوقعة أن يبلغ إجمالي المصروفات 20 مليار دينار (66.7 مليار دولار) وإجمالي الإيرادات 15 مليار دينار، مع الأخذ بالاعتبار أن الميزانية الحالية مبنية على أساس سعر 50 دولارا لبرميل النفط وإنتاج متوقع قدره 2.8 مليون برميل يوميا.
ويقول أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت إبراهيم الكندري لـ"العربي الجديد" إن نظام الدعم الحالي في البلاد لا يأخذ في الاعتبار تفاوت مستويات دخل الأسر أو الأفراد، كما يصرف النظر عن طبيعة استخداماتهم للسلعة المدعومة (استهلاك فردي أو صناعي أو استثماري)، فضلا عن إنه لا يقيم وزنا لأحجام مشترياتهم منها، وهو بالتالي نظام يخلو من البعدين الاقتصادي والاجتماعي. 
ويرى الكندري أن البديل الأمثل والأكفأ والأكثر عدالة من نظام الدعم الحالي الموحد الذي لا يميز بين من يحتاج إلى الدعم وبين من لا يحتاج إليه، هو نظام الدعم الرأسي) الذي يتمثل بإعادة توجيه الدعم إلى مستحقيه من الفئات منخفضة ومحدودة الدخل، والحد من تدفقه إلى من هم في غنى عنه، وذلك وفق برنامج زمني تدريجي.

ويوضح أن أحد أهم المداخل المتاحة لتحقيق ذلك هو اتباع نمط تسعير كفؤ في قطاع وقود السيارات من شأنه الحد من زيادة الطلب على الوقود، واتباع نظام شرائح الاستهلاك في قطاع الكهرباء والماء، أي فرض سعر تصاعدي يزيد مع انتقال المستهلك من شريحة استهلاك إلى أخرى أعلى.
وتعاني ميزانية الكويت من هيمنة الإيرادات النفطية عليها بنسبة تقترب من 90%، وفي كل عام تعلن الحكومة رغبتها في تقليص بند الإيرادات النفطية وتوسيع الإيرادات غير النفطية لكن هذه الرغبة يقابلها العديد من العقبات.

وتتوقع الكويت أن يصل العجز في الموازنة الحالية 2018 /2019 إلى نحو خمسة مليارات دينار (حوالي 17 مليار دولار) قبل استقطاع نسبة احتياطي الأجيال القادمة.



المساهمون