تراجع الاستثمارات الحكومية في الجزائر

21 أكتوبر 2016
أزمة مالية خانقة تضرب الجزائر (العربي الجديد)
+ الخط -
ستعرف الجزائر السنة المقبلة تراجعاً كبيراً في الاستثمارات العمومية التي تمس بنسبة كبيرة البنى التحتية والأشغال العمومية، في سابقة منذ وصول عبد العزيز بوتفليقة إلى سدة الحكم سنة 1999، وستتقلص مشاريع التجهيز الكبرى ومنها المشافي ومشاريع السكن والطرق، جراء خصم 12 مليار دولار من ميزانية التجهيز.

ضعف المشاريع الإنشائية
ويكشف مشروع الموازنة العامة لسنة 2017 (ملف من 800 صفحة يحدد كيفية إنفاق الميزانيات الوزارية)، أن قطاع البناء أحد محركات الاقتصاد الجزائري، تغيب فيه المشاريع الكبرى كالمدن الجديدة التي أعلنت عنها سابقا الحكومة الجزائرية ضمن المخطط الخماسي 2015-2019، مكتفية فقط بإكمال مشروع "مدينة سيدي عبد الله الجديدة" الواقعة في الضاحية الغربية من العاصمة الجزائر، وهي التكملة التي خصصت لها الحكومة 15 مليار دينار( حوالى 136 مليون دولار) وضعت تحت تصرف وزارة السكن الجزائرية.

وتواجه البلاد أزمة مالية خانقة جراء تراجع أسعار النفط العالمية من 115 دولاراً للبرميل منتصف عام 2014 إلى نحو 50 دولاراً حالياً، ما أدى إلى تراجع المؤشرات الاقتصادية وتهاوي سعر الدينار الجزائري أمام العملات الأجنبية، ويقدّر حجم العجز المتوقع في ميزانية العام الجاري نحو 30 مليار دولار، الأمر الذي دفع الحكومة إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات التقشفية، حسب محللين.

وفي قطاع الصحة، قطع مشروع قانون الميزانية لسنة 2017 الشك باليقين في ما يخص إنشاء 5 مستشفيات جامعية كبرى الذي تأجل لعدة سنوات، والذي لم يظهر في الوثيقة المُفصلة لتوزيع الميزانيات القطاعية للسنة القادمة، بالإضافة إلى غياب المركز الاستشفائي المختص في معالجة السرطان، الذي وعد به بوتفليقة قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أجريت سنة 2014، بالرغم من النقص الذي تسجله البلاد في ما يخص مثل هذه المراكز، واكتفت الحكومة الجزائرية، حسب ما يحمله مشروع قانون الميزانية، بإنشاء 7 مستشفيات ذات طاقة استيعاب متوسطة بغلاف مالي لا يتعدى 2.27 مليارَي دينار أي حوالى 20 مليون دولار، بالإضافة إلى اقتناء عتاد طبي لـ 13 عيادة طبية، والمستشفيات السبع المقرر بناؤها بقيمة 3.65 مليارات دينار (ما يعادل حوالى 31 مليون دولار).

وستكتفي وزارة الأشغال العمومية والنقل هي الأخرى فقط باستكمال المقاطع المتبقية من بعض الطرق السريعة، بالإضافة إلى تكملة أشغال "ترام-واي" في محافظتي ورقلة وسيدي بلعباس، التي انطلقت قبل سنة، بغلاف مالي قدر بحوالى 9.1 مليارات دينار (أي قرابة 81 مليون دولار)، فيما غابت عملية توسعة خطوط "ميترو العاصمة" عن جدول مشاريع وزارة الأشغال العمومية الجزائرية بالإضافة إلى غياب مشاريع الطرق السيارة السنة القادمة.

تراجع عدد المشاريع الكبرى
نفس الملاحظة سجلت في المشاريع المسجلة في جدول وزارة الصناعة والمناجم، ووزارة الشباب والرياضة التي ستشهد عملية إنهاء بناء ملعب "براقي" بالضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، مقابل 7 مليارات دينار (أي 65 مليون دولار)، بعدما كان ينتظر أن تنتهي الأشغال به نهاية السنة الحالية، إلا أن تقليص ميزانية الوزارة في السنة المالية 2016 حال دون تكملته في آجاله.

وفي قطاع الري غابت أيضاً المشاريع الكبرى كبناء السدود والمحولات، نفس المصير شهده جدول مشاريع قطاع الشؤون الدينية للسنة القادمة بعدما غابت عنه مشاريع " جامع قطب لكل محافظة"، بعدما قررت الحكومة إلغاء هذه الخطوة وفق ما أعلن عنه وزير الشؤون الدينية الجزائري، محمد عيسى، قبل أسبوعين، بسبب نقص الأموال.

أما في ما يخص وزارة الدفاع، والتي تعد من بين أكبر الميزانيات في البلاد، فلم يكشف مشروع قانون الميزانية عن أي مشاريع أو عن وجهة الإنفاق، حيث اكتفت الحكومة الجزائرية بذكر كلمة " تجديد" في خانة المشاريع.

وفي باب وزارة الداخلية، كشف مشروع قانون الميزانية للسنة القادمة عن تراجع الإنفاق في جهاز "الشرطة الجزائرية" بحوالى 10 مليارات دينار، بعدما تراجعت ميزانية العتاد (اللباس، الغذاء، السيارات) بحوالى 8.51 مليارات دينار.

وفي باب دعم الدولة للقطاعات، رفع مشروع قانون الميزانية الستار عن حجم التراجع الذي عرفه دعم الدولة، حيث تراجعت ميزانية "الإطعام المدرسي" و "مساهمة الدولة في التعليم المجاني" من 38.77 مليار دينار إلى 28 مليار دينار، عكس قطاع الصحة الذي حافظ على نفس حجم الدعم الموجه له من الخزينة العمومية حمايةً لحق "العلاج المجاني"، الذي يعد حق دستورياً.
المساهمون