إيران تعدّ لسيناريو مقايضة النفط مقابل السلع

05 يوليو 2018
اضراب تجار طهران (Getty)
+ الخط -
تستعد إيران لاستقبال العقوبات الأميركية المتوقع تطبيقها في حزمتين، الأولى ستبدأ في أغسطس/ آب المقبل والثانية في نوفمبر/ تشرين الثاني والتي ستكون الأشد والأقوى، إذ تستهدف قطاعها النفطي، وتحاول البلاد خلال هذه المرحلة الاستعداد للأسوأ ووضع عدد من السيناريوهات على الطاولة لمواجهة الحظر.

ويدور الحديث في طهران الآن عن خيارات المواجهة، على الأقل حتى تتمكن البلاد من بيع نفطها والحصول على عائداتها.

وكان النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري، قد أعلن منتصف الأسبوع أن لدى الحكومة خطة دقيقة للتعامل مع الحظر. وذكر أن المقايضة واحدة من السيناريوهات المحتملة، التي تهدف للحصول على السلع التي يحتاجها المواطنون الإيرانيون مقابل صفقات النفط.

وذكر جهانغيري خلال اجتماع مع مسؤولين تحت عنوان "الاقتصاد المقاوم"، أنه سيكون لدى بلاده أساليب كثيرة لمواجهة العقوبات، دون أن يتجاهل أن المؤشرات الاقتصادية الحالية التي تؤثر بالفعل على الشرائح المتوسطة والفقيرة في المجتمع.

والنقطة الأبرز كانت في مطالبة جهانغيري بتشكيل لجنة خاصة بموضوع المقايضة، تتكون من مسؤولين في وزارات النفط، الخارجية، الصناعة، الزراعة ومؤسسة التخطيط والموازنة، لتدرس حيثيات ملف مقايضة النفط الإيراني بالسلع الرئيسة القادمة من الخارج.

في هذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي علي إمامي أن العقوبات القادمة نحو إيران ستكون مختلفة كثيراً عن سابقاتها، ولا يمكن التساهل معها، أو اعتبار أنها لن تترك تبعات جدية، وذكر أن قرارات الحظر السابقة كانت تستهدف بشكل رئيس قطاع النقل والمسائل المالية، وهذه المرة تحاول واشنطن محاصرة إيران مالياً ونفطياً معاً، من خلال تعقيد عمليات نقل العملة الصعبة إليها ومنعها من بيع النفط الذي تعتمد على عائداته كثيراً في الحصول على العديد من المنتجات وحتى على النقد.

وفي تعليقاته لـ"العربي الجديد"، قال إمامي، إن لدى إيران عددا من السيناريوهات الموضوعة على الطاولة في الوقت الراهن للتعامل مع الصعوبات المتوقعة، فقد تعتمد البلاد على دول الجوار لنقل السلع إليها عبر الحدود المشتركة من قبيل باكستان، لكن الأهم هو كيف ستصل العملة الصعبة إليها.

وأوضح إمامي أنه سيكون لدى البلاد مشكلة حقيقية وبالغة الصعوبة في نقل العملة الصعبة، وهو ما كانت تفعله سابقاً عبر دبي وتركيا، ولن يكون ذلك متاحاً بوجود العقوبات المشددة، ورأى أن البلاد ستحاول حل هذه المشكلة من خلال المعابر مع أفغانستان والسليمانية في كردستان العراق وستنقل عبرها الحوالات المالية، إلا أن ذلك أيضاً لن يحل الأزمة.

وتابع بالقول، إن أحد الخيارات التي اقترحها المصرف المركزي وتبدو أكثر عملية في الوقت الراهن لمواجهة عقوبات النفط وقطاع النقل المالي المرتقبة، ترتبط بصك اتفاقيات مع الشركاء التجاريين، على أن يتم التبادل بالعملة المحلية للطرفين، وإن لم يكن ذلك ممكناً ستفضل إيران خيار المقايضة.

وتخص المقايضة مبادلة النفط الإيراني بالسلع، وهو خيار وإن كان متاحاً لإيجاد مخارج للأزمات المقبلة، لكنه سيظل مؤقتاً ولن يكون عملياً على المدى الطويل كما يقول الصحافي في صحيفة "تعادل" الإيرانية مهدي بيك، الذي أكد أنه لا يمكن الاعتماد على ذلك لفترة طويلة.

وذكر بيك على سبيل المثال، حصول إيران على بضائع رئيسية من الصين والهند كالأقمشة والملابس وحتى التكنولوجيا مقابل تصدير مصادر الطاقة لها، لكن ذلك لن يترك نتائج كبرى على الاقتصاد في الداخل، باستثناء أنه سيساهم بتأمين سلع رئيسة تستوردها البلاد في العادة بشكل رسمي، ما سيفتح لها متنفساً.

وأوضح بيك، أن هناك دولاً ما زالت تنتظر إلى أين ستصل نتائج الحوار مع أوروبا أو نتائج اتصالاتها مع الإدارة الأميركية التي طلبت صراحة وقف شراء النفط الإيراني، لكن بعضها الآخر حسم الأمر وأعلن أنه لن يتوقف عن التعامل نفطياً مع طهران من بينها الهند والصين وتركيا.
وهؤلاء قد يدخلون في اتفاقيات مقايضة مع إيران بسبب العراقيل المالية التي ستواجهها، وقد يتبادلون معها التقنيات والخدمات، معتبراً أنه من الضروري حاليا إقرار خطة مجدية ودقيقة ومفصلة وأن تتعاون التيارات المختلفة في إيران، فالاقتصاد يقف أمام تحد صعب في الوقت الراهن، وسيصبح أكثر تعقيداً مستقبلاً، وهذا يتطلب طرح خيارات بديلة حقيقية لمواجهة القادم.

وتعتمد طهران كثيراً على العائدات النفطية، وهي مسألة تعقد عليها الأمور دائماً، كلما تعرض اقتصادها لخطر محدق.
المساهمون